في أي مشروع أو مبادرة تستهدف منجزات على مدى طويل لا بد من تعزيز البرنامج التنفيذي بما يضمن الاستدامة، وأن يواصل المشروع أو المبادرة تحقيق أهدافه بحيث تصبح قيمة مضافة للاقتصاد والمجتمع والتنمية بشكل عام.
فكرة الاستدامة مهمة وجديرة بالتوقف عندها، حيث إنها توفر الحافز لاستمرارية الأعمال، وهي في حقيقتها جوهر جودة المشاريع وفاعليتها، وتأثيرها، وينبغي لكل جهة أن تعزز خططها بما يوفر استدامة للمنتجات والخدمات فهي في المحصلة دلالة على النجاح في التخطيط.
ما دفعني لتناول قضية الاستدامة هو ما ذكره معالي الأستاذ ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة بقوله "إننا نسعى إلى إرساء اقتصاد مستدام يمكنه أن يدوم 100 عام من الآن. وهذا التصريح عميق بما يجعلنا نتمعن فيه باعتباره يحمل مؤشرات في غاية الأهمية لما يجب أن نعمل بموجبه في جميع الشركات والمؤسسات.
العمل وفقًا لفكرة الاستدامة يدعم أي مشروع أو مبادرة ويمنح الطاقة الدافعة للاستمرار، ولأهمية ذلك يمكن النظر في تأسيس هيئة أو جهة استشارية معنية بالاستدامة، تقدم خدماتها لشركات ومؤسسات القطاعين العام والخاص بحيث تضع كودا أو منظومة ضامنة للجودة، سواء على صعيد الهياكل التنظيمية والإدارية أم التنفيذية، لأن أكثر ما يضعف العمل هو الخلل في بناء تلك الهياكل التي ينبغي أن تكون قوية بما يكفي لاستمرار تنفيذ الخطط والبرامج.
نحتاج لاستيعاب الاستدامة لأننا في مرحلة تنموية متصاعدة لا يمكن أن نتراجع فيها، وهي متداخلة بشكل كبير مع مفهوم استمرارية الأعمال في وقت يمضي فيه الاقتصاد بقوة وتخطيط منهجي لا يمكن أن تتوقف فيه أعمال أي منشأة أو مشروع تتحقق معه الإضافة الطموحة لاقتصادنا الوطني.
حين نرتقي بالاستدامة إلى المستوى الذي أشار إليه معالي محافظ صندوق الاستثمارات العامة فذلك يعني دعم توجهات النمو بعزيمة لا تسمح بأي إخفاقات طالما الجميع يعملون في حاضنة أحد أقوى وأكبر اقتصادات العالم، ويملك فرصة كبيرة لمزيد من النمو والتطور.
وعلى صعيد الشركات والمؤسسات فهي معنية من جانبها أيضًا بالبحث في توظيف الاستدامة في هياكلها، وغرس الفكرة في جميع القائمين بأعمالها، وخلاصتها ألا بديل عن أن ننجح ونتطور وتستمر الأعمال وتتوسع وتتنوع، وتصبح أكثر قدرة على النمو.
نتطلع أن تكون هناك جهة استشارية تنشر وتعزز ثقافة الاستدامة، وتتكامل مع غيرها من الجهات الداعمة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والكبيرة والواعدة حتى تصبح الممارسة الاقتصادية أكثر تطورًا وازدهارًا ومرونة في التعامل مع تحديات الواقع ومتطلباته وتحقيق مستهدفاته.