عمال آسيويون يروون اختبارهم الصعب في قطر


إعلان

ويشكّل المهاجرون ما يقرب من 90 في المئة من سكان قطر البالغ عددهم 2,8 مليون، أتوا إلى الدولة الصحراوية على أمل جني أموال يصعب تحصيلها في بلدانهم في شبه القارة الهندية أو الفيليبين أو دول إفريقية مثل كينيا وأوغندا.

وتعرّضت الدولة الخليجية لانتقادات شديدة بسبب وقوع وفيات وإصابات في ورش العمل وعدم دفع أجور العمال الأجانب من شركات مشغّلة.

وأدخلت قطر على الأثر إصلاحات كبيرة لتحسين ظروف معيشة العمّال ومعاقبة أصحاب العمل الذين ينتهكون القوانين. كما دفعت مئات ملايين الدولارات كتعويضات عن الأجور الضائعة والإصابات. لكن مجموعات حقوقية قالت إنّ التحسينات جاءت ضئيلة ومتأخّرة.

الأب والابن

بين هؤلاء سرافان كالادي ووالده راميش اللذان عملا في الشركة نفسها التي ساهمت في بناء الطرق المؤدية إلى ملاعب كأس العالم. لكن سرافان وحده عاد إلى موطنهما الهند.

كاليدا فينودا تحمل صورة زوجها العامل الهندي الذي توفي في قطر في منزلها في قرية فيلمال في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 نوا سيلام ا ف ب

يروي أن والده البالغ من العمر خمسين عاما انهار يوما بعد ساعات عمل طويلة، وتوفي في المخيم الذي كانا يعيشان فيه.

وقال كلادي (29 عاما) "في اليوم الذي مات فيه والدي، كان بدأ ألم صدره. (...) أخذناه إلى المستشفى، طلبت من الأطباء المحاولة مرارا وتكرارا إنعاشه".

وذكر أنّ ظروف العمل "لم تكن جيّدة على الإطلاق"، متحدّثا عن ساعات عمل طويلة وأجر إضافي قليل.

وشرح ان والده، وهو سائق، "كان يذهب إلى العمل في الساعة الثالثة صباحًا ويعود الساعة الحادية عشرة مساءً"، مضيفا أنهما كانا من بين ستة إلى ثمانية أشخاص يعيشون في غرفة في المخيم، علما أنها لم تكن تتسع "لجلوس أربعة أشخاص على الأرض بشكل لائق" بسبب ضيق مساحتها.

وتابع "كان علينا العمل في ظروف مناخية قاسية والطعام الذي حصلنا عليه لم يكن جيّدًا".

وذهب الثنائي إلى الدولة الخليجية على أمل بناء حياة أفضل. لكن بعد نقل جثة والده إلى موطنه في ولاية تيلانجانا في جنوب الهند، لم يعد كالادي إلى قطر.

ومع راتب شهر واحد فقط كتعويض من الشركة، أصبح المنزل غير المكتمل الآن بمثابة تذكير صارخ بأحلام العائلة التي لم تتحقق بسبب ظروفها المالية الصعبة.

في السنوات الست التي تلت، ساعد الابن عائلات أخرى على إعادة رفات أقاربهم الذين لقوا حتفهم في دول الخليج. وقال "نحن بمثابة عمود الشركة عندما نكون على قيد الحياة وليس عندما نموت. لقد وثقنا بهم ولهذا السبب تركنا منازلنا وذهبنا للعمل من أجلهم، وخذلونا".

رغم كل ذلك، يتطلع الآن إلى العودة لكسب ما يكفي من المال لإنهاء المنزل.

المدين

كان البنغلادشي أوبون مير أحد العمّال الذين قاموا بتركيب الرخام في استاد خليفة الدولي في الدوحة الذي سيستضيف ثماني مباريات ضمن بطولة كأس العالم. لكنه عاد إلى وطنه بعد أربع سنوات في قطر بعدما سُلب أجره، بحسب ما قال لوكالة فرانس برس.

وقال "يا له من ملعب جميل! إنه جميل بشكل لا يصدق. (...) لكن الجزء المحزن هو أنه رغم كوننا جزءا من هذا البناء الجميل العملاق، لم نتقاضَ رواتبنا. أخذ المسؤول عن العمال أوراقنا وسحب كل أموالنا وهرب".

غادر مير منزله في سريبور في ريف غرب بنغلادش وتوجّه إلى قطر في 2016 على أمل جني أموال كافية لتغيير حياته. ودفع ثمن رحلته من مدّخراته وقروض من والده وأقاربه الآخرين.

كان يعمل في شركة إنشاءات هندية في سبعة من ملاعب كأس العالم، لكن بما أنه لم يكن يملك تصريح عمل ساري المفعول، قُبض عليه في عام 2020 وتمّ ترحيله.

وقال الشاب البالغ من العمر 33 عاما "أنفقت ما يقرب من 700 ألف تاكا (7000 دولار) للذهاب إلى قطر لتغيير مصيري". وأضاف الأب لطفلين أمام منزله ومتجر للشاي "عدت إلى المنزل بمبلغ 25 ريالا (8 دولارات). هذا هو المبلغ الذي ساهمت به قطر في حياتي".

وتابع "حلمت ببناء منزل أفضل، وعيش حياة أفضل، وإرسال أطفالي إلى مدارس أفضل. لكن لم يتحقّق أي من هذه الآمال. جمعت فقط كومة من الديون وأنا الآن أحمل العبء".

كان يستيقظ في الساعات الأولى ليأخذ الحافلة إلى موقع البناء، ثم يعمل لمدة عشر ساعات في طقس شديد الحرارة، وفق قوله. وكان يمضي أيامًا بدون طعام عندما لا يملك المال، وكان ينام أحيانًا على الشاطئ عندما لا يستطيع دفع إيجاره.

وأوضح "كنا نتعرّق من أعلى إلى أخمص القدمين كل يوم في العمل"، مضيفا "تحوّل الدم إلى عرق في أجسادنا لبناء الملاعب. ولكن فقط لكي نُطرد من دون مال وشرف".

البنّاء

إلا أن بعض العمال تمكنوا من تحقيق بعضا من أحلامهم، إذ تقاضوا رواتب لا يمكنهم الوصول اليها في بلدانهم.

ويقول أبو يوسف الذي طلب عدم استخدام اسمه الحقيقي لأنه يخطّط للعودة الى قطر الشهر المقبل، دفع 680 ألف تاكا مقابل رحلته إلى قطر حيث عمل سائقا وعامل بناء ولحام حديد. كما عمل في محطة إطفاء داخل ملعب لعدّة أشهر.

وقال إنه كان يكسب حوالى 700 دولار في الشهر وكان "أكثر من سعيد" بأجره، مضيفا "إنهم أناس طيبون. كثير من القطريين ساعدوني"، علما أنّ أحد المقاولين سرق جزءا من راتبه.

عاد الشهر الماضي إلى مدينة ساداربور بوسط بنغلادش حيث ترعرع على يد أم عزباء تعيش في فقر مدقع.

وهو يقوم حاليا ببناء منزل من طابقين واشترى دراجة نارية جديدة أنيقة ممّا جناه في قطر، بينما قام بتغطية نفقات سبعة أشخاص من بينهم والدته وعائلة شقيقه الكفيف.

وكونّه مشجعا قويا للأرجنتين، يتمنّى أن يتمكّن من مشاهدة مباراة في استاد "البيت" حيث كان يعمل.

وقال "إنه ملعب جميل. شعرت بالفخر لأنني كنت من بين العمّال الذين بنوا الاستاد. أتمنّى أن أشاهد مباراة هناك"، مضيفا أنه يأمل في العمل لمدة عشر سنوات أخرى في قطر.

وتابع "لقد عوملت بشكل جيد".

الأعمى

في موقع بناء بالقرب من الدوحة، سقط العامل البنغلادشي بابو شيخ من علوّ أربعة أمتار (14 قدمًا) على الأرض ما تسبّب بكسر في جمجمته. أمضى أربعة أشهر في غيبوبة في المستشفى، وعندما استفاق، وجد أنّه فقد بصره.

العامل البنغالدشي بابو شيخ في منزله في سدربور في بنغلادش في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر 2022 وقد فقد نظره خلال عمله في قطر منير الزمان ا ف ب

وقال "عندما استعدت وعيي، لم أستطع رؤية أي شيء. سألت أخي عما إذا كان المكان مظلمًا، فقال لي إن الإضاءة جيدة. لم أصدق أنني فقدت بصري". وتابع "لم يكن لدي أي فكرة عن كيفية مرور أربعة أشهر وكيف حدث كل هذا".

غادر المستشفى بعد 18 شهرا، ودفعت عائلته الفواتير. وتقول السلطات القطرية إنّها حاكمت صاحب عمله، لكنه يقول إنه لم يتلق أي تعويض.

في معظم الأوقات، يجلس بهدوء في الفناء الأمامي لمنزله. في بعض الأيام، يقوده ابنه إلى البازار القريب أو إلى كشك الشاي في وقت متأخر من بعد الظهر حيث يتحدث مع أصدقاء طفولته.

وقال "لا أريد أن أعيش هكذا. أريد أن أعمل. لا أستطيع النوم طوال الليل لأنني قلق بشأن مستقبل عائلتي وابني وزوجتي".

أنجبت زوجته ولدهما البالغ من العمر خمسة أعوام عندما كان يعمل في قطر. لم يره الأب قط.

وقال بابو شيخ "كل ما أريده هو استعادة بصري. أريد أن أرى ابني. هل لديه بشرتي؟ هل يشبهني؟".

حنين للوطن

عندما توقّف المسؤول عن عامل البناء الفيليبيني جوفاني كاريو عن دفع رواتبه في عام 2018، تصرّف بشكل يقوده الى السجن، كما قال، حتى يتمكّن من تناول وجبة طعام مجانية.

الفيليبيني جوفاني كاريو الذي عمل في قطر في مانيلا في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2022 جام ستا روزا ا ف ب

وقال كاريو الذي أمضى ست سنوات في قطر إن هذا تكتيك شائع بين المهاجرين الفيلبينيين الذين يكافحون من أجل البقاء. ويقوم العمّال الجياع بعرض وثائق تظهر انتهاء تأشيراتهم للشرطة القطرية التي تقوم بحبسهم لمدة ليلة وتطعمهم ثم تتركهم يذهبون.

وأوضح كاريو (49 عاما) لوكالة فرانس برس "كان في المنشأة (مكان التوقيف) الكثير من الطعام"، مضيفا "عندما يتم إطلاق سراحنا وإعادتنا إلى سكننا، تكون بطوننا ممتلئة".

وصل كاريو إلى قطر في 2012، بعد عامين من اختيار الدولة الخليجية لاستضافة كأس العالم.

وقام بتركيب ألواح من الزجاج والألمنيوم في العديد من مشاريع البناء، بما في ذلك ملعب "لوسيل" الذي يتسع لـ 80 ألف مقعد بالقرب من الدوحة حيث ستقام المباراة النهائية في 18 كانون الأول/ديسمبر.

كان الأجر الشهري في قطر أكثر من راتبه حين كان يعمل بائعا لمنتجات شركة "نستله" في الفيليبين، وارتفع كلما طالت مدة بقائه هناك، علما أنّه أرسل غالبية ما جناه إلى عائلته في مقاطعة نيجروس أوكسيدنتال بوسط البلاد.

وحين كان يتأخر راتبه لشهور، كان يضطر إلى اقتراض المال من الأصدقاء أو الأقارب أو مقرضين.

في بداية عام 2018، توقف أجر كاريو فجأة مرة أخرى. لكنه واصل عمله، غافلاً عن حقيقة أن صاحب العمل قد أفلس. وبعد ثلاثة أشهر، تمكّن من الحصول على تعويض من وزارة العمل القطرية وعاد إلى بلاده.

قال كاريو إنّه رأى طفليه مرة واحدة في السنوات الست التي عمل فيها في قطر. على الرغم من حنينه إلى الوطن، أراد توفير المزيد من المال قبل العودة إلى الفيليبين.

وأوضح "الجسد يتوق للعودة إلى المنزل، لكن الجيب ليس عميقا بما يكفي".

تاريخ الخبر: 2022-11-16 15:17:00
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 88%
الأهمية: 95%

آخر الأخبار حول العالم

الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:37
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 58%

بطولة ألمانيا.. رويس يعلن رحيله عن دورتموند بعد 12 عاما

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:49
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

بطولة ألمانيا.. رويس يعلن رحيله عن دورتموند بعد 12 عاما

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:45
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 65%

يورغن كلوب يؤكد انتهاء أزمته مع صلاح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:27
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

اختطاف مغاربة بالتايلاند يسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:30
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 52%

اختطاف مغاربة بالتايلاند يسائل بوريطة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:36
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

الاتحاد الفرنسي يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:42
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 57%

يورغن كلوب يؤكد انتهاء أزمته مع صلاح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 18:26:23
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية