الشهيد د. عثمان أحمد.. طالب بالعدالة فسقط برصاص العسكر في رمضان


ارتقى الشهيد د. عثمان أحمد بدر الدين برصاص العسكر وهو يؤازر أسر شهداء اعتصام القيادة العامة بالخرطوم ويطالب بالعدالة والقصاص من قتلتهم.

كتب: محمد عبد الرحمن

في ذكرى مجزرة اعتصام القيادة العامة ويوم 29 رمضان 2021م، لم يفوت الشهيد الدكتور عثمان أحمد بدر الدين إحياء ذكرى شهداء الثورة السودانية الذين قتلوا غدراً في فض الاعتصام، وذهب بكل ثبات وشجاعة إلى القيادة العامة واقفاً متضامناً يهتف مع أسر الشهداء التي دعت الثوار والشعب السوداني لحضور ذكرى فض الاعتصام ومجزرة القيادة العامة.

تضييق وإصرار

وجدوا التضييق في كل مكان من العسكر وتم إغلاق القيادة العامة، وحاول العسكر منع الثوار من إقامة فعالية ذكرى مجزرة القيادة العامة وإفطار رمضان بالمكان الذي سقط فيه الشهداء غدراً برصاص العسكر، يوم 29 رمضان 2021، وتم فض الاعتصام بالرصاص في أجساد الشهداء الذين واجهوه بصدورٍ عارية إيماناً بالثورة وباحلامهم، مطالبين بالحكم المدني.

الثوار في ذكرى مجزرة فض الاعتصام دخلوا القيادة العامة رغم الاعتراض بالقوة من العسكر لإغلاق كل طرق القيادة في وجههم، وضُرب الكثيرون وقتها لكنهم تمكنوا بإصرارهم من العبور وإقامة الفعالية وسط القيادة العامة، ولم يكتفِ العسكر بالتضييق عليهم ومحاصرتهم من كل الاتجاهات قبل الإفطار وبعده، وإنما اعتدوا على الثوار العزل.

الشهيد د. عثمان أحمد بدر الدين لبى نداء أسر الشهداء مع أبناء شعبه وكان ضمن الثوار الذين حشدوا للفعالية الثورية التي أقيمت في القيادة العامة، وكان مع آلاف الثوار يهتفون للحرية والعدالة والقصاص للشهداء واقفاً كتفاً بكتف مع أسر الشهداء والذين أعلنوا بياناً قوياً ومؤثراً مطالبين بالعدالة لأبنائهم وتفاعل الثوار معهم وهتف الشهيد عثمان ورفاقه “شهداءنا ما ماتوا عايشين مع الثوار حالفين نجيب التار والمات ضمير خائن”.

شق هتافهم عنان السماء وكان صادقاً من القلوب والأرواح فما أصدق الثوار وما أنبل الشهداء تضحية وشجاعة وإيماناً بالحكم المدني وثورة من أجل العدالة والقصاص، تلك الهتافات أرعبت العسكر ووجوه الثوار الحالمة وحزن أسر الشهداء أزعجهم وحاولوا الاعتداء عليهم في العديد من المرات أثناء تلك الفعالية الثورية.

كان الشهيد د. عثمان مع رفاقه الثوار والذين سقط العديد منهم شهداء لاحقاً بعد انقلاب البرهان في 25 اكتوبر 2021م، واستمر هتاف الثوار بعد الإفطار وسط مضايقات العسكر الذين ضربوا الثوار بالعصي وافتعلوا معهم المعارك بالأيادي وسمّموا الأجواء، وعندما أصر العسكر على التوتر والاعتداء أعلنت أسر الشهداء الانسحاب من القيادة “وأن رسالتهم وصلت”.

وقبل أن ينسحب الثوار بدأ العسكر بمطاردتهم وضربهم دون السماح لهم بالانسحاب بسلام بعد انتهاء الفعالية الثورية، وتم ضرب الثوار بالعصي  والسياط وإغلاق الشوارع في وجوههم، وتم دفعهم إلى شارع النيل، وقال شهود عيان إن العسكر قسّموا الثوار إلى قسمين بسبب الاعتداء المباشر عليهم وضربهم بالعصي والسياط، بعضهم باتجاه الشرق وكبري كوبر والآخر ظل يضرب من قبل العسكر في الاتجاه الغربي باتجاه كبري المك، ورغم الانتهاكات المتعمدة كان الثوار سلميون وهم يواجهون العسكر المسلحين.

الشهيد عثمان

إصابة بالرصاص

كان الشهيد عثمان وصل ناحية إذاعة القوات المسلحة في شارع النيل بالقرب من شركة “بتروناس” ومعه أصدقاؤه، وحاولوا تشغيل سيارتهم المتعطلة للخروج بعد الضرب الذي تعرّضوا له، وقال الشهود إنهم مروا بالشهيد عثمان وأصدقائه في تلك الأثناء وكانوا متوجهين إلى أم درمان.

وذكروا أن أكثر من عشرة من العسكر كانوا يطاردون ثوار أم درمان المتجهين نحو كبري كوبر، والذين ظنوا أن العسكر لن يطاردوهم بعد أن ابرحوهم ضرباً، وكان العسكر يطلقون الرصاص من أسلحتهم، ومع مسبح جامعة الخرطوم شاهدوا “كنداكة” تصيح بأن هناك شخص مصاب وكان هو الشهيد عثمان أحمد بدر الدين ساقطاً على الأرض مصاباً برصاصة.

“الكنداكة” هبطت من سيارتهم وظلت تصرخ محاولة إيقاف السيارات وسط وابل من رصاص عسكر الجيش، كان الشهيد عثمان مصاباً في راسه وأنحاء من جسده، نزل ثوار أم درمان من سياراتهم ولم يكونوا قد تأكدوا من ارتقاء روح د. عثمان وكان حوله ثوار من لجان مقاومة الصحافة يحرسونه خوفا من أن يأخذه العسكر ثم رافقوه إلى مستشفى رويال كير ليتأكد استشهاده.

وبذات المشهد كان ثوار يقفون حول مصاب بالرصاص شرق شارع النيل باتجاه كبري كوبر، وكان المصاب هو الشهيد مدثر الذي ارتقى في ذات اليوم برصاص العسكر.

الطبيب الإنسان

الشهيد د. عثمان في إنسانيته وثوريته ودراسته الطب يشبه رمز النضال الإنساني العالمي تشي جيفارا، فقد كان طبيباً يدافع عن حقوق المظلومين وافنى عمره في النضال السلمي ضد الديكتاتورية في العالم.

كان الشهيد عثمان طبيباً ثائراً وإنساناً كتب تاريخاً طويلاً من الشجاعة، فقد واجه الانتهاكات بكل سلمية وعذب في جسده وأطلق عليه الرصاص في سبيل الإيمان بالثورة والعدالة والوطن والوصول إلى القصاص للشهداء، خرج وهو يعلم بأنه يواجه قتلة ومجرمين يريدون قتل أحلام جيله وهزيمة الثورة، وبأنه واحد من الثوار الذين كتب عليهم أن يغيروا كل شئ في تاريخ السودان والوصول إلى وطن يبنونه وفق أحلامهم الثورية التي تنادي بالعدالة والإنسانية والحرية والحياة الكريمة والسلام.

د. عثمان

وسطر الشهيد عثمان اسمه بأحرفٍ من نور وذهب التضحيات، وكان من الكوادر الطبية التي تحمل رسالة الإنسانية والشجاعة والقيم العظيمة فاصطفاه الله شهيداً في شهر رمضان.

عاش حياةً قصيرة لكنه أكد أن الإنسان له رسالته وأن الاقدار لها الحكم في النهاية وأن أعظم تلك الأقدار التي يكتب فيها اسمك شهيداً من أجل قضية وطنك وشعبك ورفاقك الشهداء والثوار، وأن الإنسان أن لم يكن شجاعاً فاتته الحياة.

قيم وأخلاق الشهيد عثمان تشهد له بها أسرته ومعارفه وأصدقاءه ورفاقه الثوار، كان تقياً ورعا لا تفوته فريضة، يقف مع أصحابه وأهله في جميع المواقف، من أسرة كريمة ربته على الإنسانية والكرم والأخلاق، فوالده الدكتور الإنسان أحمد بدر الدين اختصاصي القلب والشرايين.

ذكاء وتفوق

وللشهيد د. عثمان فيديو متدوال يعكس مدى محبة أصدقائه له وذلك عندما أقاموا له عيد ميلاده، كانوا له رفقة جميلة يحتفون به وبوجوده معهم، والذي يعكس جزءاً من محبة الناس له.

كان يمتلك ذكاءً أكاديمياً كبيراً ويجيد اللغات الأجنبية ومتفوق أكاديمياً من الأساس إلى الثانوي وكان الأول على دفعته في الثانوي وحقّق مركزاً متقدماً في مدرسته ما دفعهم إلى منحه جائزة ورحلة سفر إلى ماليزيا، وفي الجامعة كان يتصدر ترتيب دفعته، يمضي بخطىًّ ثابتة ويجتهد أكاديمياً من أجل الوصول إلى النجاح الكبير في الطب وأن يقف مع شعبه بإنسانيته ويحلم أن يحقق رسالة الطبيب الإنسان في وطنه.

إلى جانب التفوق الأكاديمي كان يمتاز بذكاء اجتماعي ويظهر ذلك في محبة أصدقاء الشهيد له ورفاقه في المدارس والجامعة، وقد نعاه إمام مسجد الجامعة في أوقات جميع الصلوات وكان يدعو له بالرحمة والمغفرة ويحدث الطلاب والمصلين عن الشهيد الذي كان لا يفوت وقتاً للصلاة في المسجد.

بنبرة حزينة حدث الإمام الناس عنه لأنه يعلم مدى أخلاقه وإنسانيته، وأن إطلاق الرصاص عليه وقتل الشهداء ظلم عظيم.

كان الشهيد عثمان لاعب كرة قدم متميز ويحب الرياضة منذ صغره ويشجع فريق الأرسنال الذي تصدر الدوري الإنجليزي في هذا الموسم، وله صورة متداولة بشعار الأرسنال وهو يحمل كرة قدم.

وظلت أسرة د. عثمان التي تحبه جداً وحزنت عليه كثيراً وصبرت على ارتقائه شهيدا، متمسكةً بطريقه في الثورة وتطالب بحقه في القصاص والعدالة من العسكر.

تاريخ الخبر: 2022-11-19 00:23:04
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 51%

آخر الأخبار حول العالم

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:14
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:04
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:00
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:18
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية