بمناسبة ما سُمّي بـ «اليوم العالمي للرجل ــ 19 نوفمبر»


 

بمناسبة ما سُمّي بـ «اليوم العالمي للرجل ــ 19 نوفمبر»
قصي همرور

هنالك مسائل تستحق الوقوف عندها، كمعلومات أو كتعليلات للواقع، بخصوص حال الذكور في العالم: ورد أن أغلبية ضحايا جرائم القتل في العالم من الذكور وليس الإناث، ومعظم ضحايا الحروب، وكذلك أغلبية المشرّدين وأغلبية المساجين. هذه معلومات في مجملها صحيحة. أيضا، وصحيح كذلك أن نسبة معتبَرة من ضحايا العنف المنزلي، حول العالم، أيضا من الذكور (بينما هنالك صورة نمطية عامة، وغير صحيحة، تفترض أن ضحية العنف المنزلي هي بالتأكيد إما أنثى أو طفل فحسب، وأن العنف لا بد أن يكون صادرا من ذكر).
ومع صحة المعلومات أعلاه، إذا وقفنا هنا ولم نزِد، تكون لدينا صورة مختلفة عن المجتمع البشري بصورة عامة (وخاصة المجتمعات الحديثة، باعتبارها محل اهتمامنا حاليا). لكن، وكما ينبغي أن نتوقع، فهنالك مزيد من التفاصيل المهمة.
صحيح أن العنف حالة بشرية عامة، وللذكور نصيبهم الكبير بين الضحايا بلا شك. لكن معظم العنف الموجّه تجاه الذكور (كجرائم القتل والاعتداء، إلخ) يأتي من ذكور آخرين، في حين معظم ضحايا العنف من الإناث ضحايا لذكور لا لإناث أخريات. ذلك يشبه لدرجة عالية بعض مجتمعات الثدييات. على سبيل المثال، الأسود الذكور يموتون مقتولين أكثر بكثير من اللبوات، ويعيشون حياة أكثر خطورة من إناث الأسود (اللبوات)، لكن السبب في مقتل الأسود الذكور هم في الغالب الأعم أسود ذكور آخرين كذلك، إذ أن الأسود عموما في قمة هرم الغذاء في بيئاتهم ونادرا ما يكون موتهم جراء اشتباك مع حيوانات أخرى (رغم أن ذلك يحصل أحيانا بسيطة، خاصة وأن ذكور الأسود يشاركون في الصيد ولكن ليس بقدر مساهمة اللبوات ولا بقدر الطاقة المبذولة منهن في مجهودات الصيد وتغذية الأطفال ورعايتهم). ينشط الذكور الأسود أكثر ما ينشطوا، وتبرز قواهم وطاقتهم، عندما يتقاتلون فيما بينهم، وهم يتقاتلون عادة أثناء التنافس على أراضي الصيد والسيطرة على اللبوات. (ولا نريد أن ندخل في تفاصيل حول مدى قسوة الأسود بين بعضهم البعض عندما إلحاق الهزيمة، وتبعات ذلك على أشبال الأسد المهزوم).

نفس هذه القصة يمكن حكايتها من زاوية مختلفة، إذ يمكن أن نقول: معظم الأسود يموتون في المعارك دفاعا عن أراضيهم وعن صغارهم، أو من أجل المزيد من الأراضي والانتشار لهم ولأسرهم. يا لضراوتهم وعنفوانهم، ويالها من حياة خطرة. ذلك بينما أكبر مشكلة يواجهها معظم الأسود الذكور في حياتهم هي: الأسود الذكور.
وبطبيعة الحال نقول إن هنالك تشابه، يصلح معه أن نستعمل مثال الأسود لتقريب الفكرة بخصوص مجتمعات البشر، لكنه ليس تشابه تطابق، فالبشر ليسوا كالأسود تماما، ويمكننا أن نقص الكثير عن نماذج الأعمال والمواقف الإيجابية للذكور البشر، عبر التاريخ وفي العصر الحالي، كما يمكننا أن نتحدث عن ثنائية الخير والشر المضمنة في البشر جميعا، ذكورهم وإناثهم، وأن هذه الثنائية تتجلى في الحياة وفي تعقيدات المجتمعات بصور شتى؛ وكذلك فإنه من المعروف والمشهود أن ممارسة العنف والعدوان والقهر ليست محتكرة للذكور. يمكن أن نقول ذلك بلا شك، وهو في مجمله حديث صحيح كذلك.

فقط نريد أن نفكّر بصورة أعمق قليلا، ونقترح الرأي الآتي: مشكلة العدوان العنيف في المجتمع، عموما، سواء أكان ضحاياها إناث أم ذكور، هي مشكلة موسومة بالذكورة بجدارة. والمقصود هنا ليس أن الذكور هم المشكلة، إنما هو أن الهيكلة الذكورية للمجتمعات هيكلة قهرية عنيفة، ومثل هذه الهيكلة دوما تضر الأغلبية، سواء أكانوا نساء أم رجالا…. وللحديث شجون
[بوست قديم- 2019- نعيده اليوم مع بعض الاستطرادات]

تاريخ الخبر: 2022-11-19 18:23:06
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية