بآمال وطموحات كبيرة لا تخلو من هواجس وتحديات مشروعة يخوض منتخب قطر مشاركته الأولى في تاريخ نهائيات كأس العالم لكرة القدم، التي تقام على أراضيه ووسط جماهيره.

ويقص منتخب قطر شريط افتتاح النسخة المونديالية الـ22 عندما يواجه بأمسية 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 نظيره الإكوادوري على استاد "البيت"، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 60 ألف متفرج، ويقع بمدينة الخور شمالي البلاد.

مجموعة "العنابي"

كانت القرعة المونديالية أوقعت منتخب البلد المنظِّم في المجموعة الأولى، إلى جانب منتخبات هولندا والسنغال والإكوادور، في مجموعة متوازنة نسبياً ولكنها مفتوحة على كل الاحتمالات.

ويتوجب على "العنابي" خوض 3 مباريات بالدور الأول مع ثلاث مدارس كروية مختلفة، وهنا يدور الحديث حول المدرسة الأوروبية ممثلة بـ"الطواحين" الهولندية، ونظيرتها الإفريقية في إشارة إلى "أسود التيرانغا"، فضلاً عن المدرسة اللاتينية بوجود الإكوادور.

ومع ذلك فإن القرعة كانت في صالح المنتخب القطري من حيث صعوبة اللقاءات، إذ يلاقي نظيره اللاتيني في الموقعة الافتتاحية ثم يواجه السنغاليين المتوَّجين أبطالاً للنسخة الأخيرة من كأس أمم إفريقيا، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني على استاد "الثمامة"، قبل أن يعود إلى استاد "البيت" بلقاء هولندا في الـ29 من الشهر ذاته، ضمن الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات.

ويُمني رفاق القائد حسن الهيدوس النفس بتجنب تجربة منتخب جنوب إفريقيا الذي بات أول مستضيف للنهائيات العالمية يفشل في تخطي دور المجموعات، عندما استضاف أرضه ووسط جماهيره نسخة 2010.

عودة إلى الدوحة

خاض منتخب قطر معسكراً تحضيرياً خارجياً طويلاً بدأه مطلع يونيو/حزيران 2022، قبل العودة إلى العاصمة الدوحة منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، في أطول فترة إعداد خاضها "العنابي"، دامت 156 يوماً أي ما يقارب 6 أشهر بوجود اللاعبين الدوليين بعد إعفائهم من المشاركة مع أنديتهم في المنافسات المحلية هذا الموسم.

وعرفت الفترة التحضيرية معسكراً إسبانياً للمنتخب القطري ثم آخر نمساوياً قبل العودة إلى إسبانيا، خاض خلالها "العنابي" أكثر من 20 مباراة ودية أمام أندية ومنتخبات وطنية، وهي أفضل فترة تحضير حظي بها منتخب تأهل للنسخة المونديالية الحالية.

وعرفت الفترة التحضيرية لقاءات ودية لـ"العنابي" بعضها أمام أندية من إيطاليا وإسبانيا وسلوفاكيا، فضلاً عن مواجهة منتخبات كرواتيا ونيكاراغوا وغواتيمالا وهندوراس وألبانيا وغانا وجامايكا والمغرب.

تفاؤل حذر

يقول الإعلامي الرياضي القطري خالد القحطاني إن المشاركة المونديالية الأولى لمنتخب قطر تعد مفخرة لبلاده مع وجود جيل ذهبي، في إشارة إلى خريجي أكاديمية أسباير، مشيراً إلى أنها جنت ثمارها بفوز "العنابي" بكأس آسيا للشباب ثم الكبار توالياً.

وفي حديثه لـTRT عربي يعتقد القحطاني أن "منتخب قطر جرى إعداده بطريقة مثالية من خلال الاحتكاك مع مختلف المدارس بدءاً من كأس أمم آسيا ثم المشاركة بالتصفيات الآسيوية المونديالية ثم نظيرتها الأوروبية، علاوة على كوبا أمريكا وكأس الكونكاكاف الذهبية، وهو ما أعطى "العنابي" التمرس مع المدرستين الأمريكيتين".

ويبدي المحلل الرياضي تفاؤله بمشاركة منتخب بلاده في المونديال، لكنه يصف في الوقت نفسه مجموعة قطر بـ"الحذرة"، مبيناً أنها ليست بتلك الصعوبة مثل المنتخبات العربية الأخرى المشاركة التي لم ترأف القرعة بها.

ورشح منتخب هولندا لانتزاع بطاقة التأهل من موقع الصدارة، وقد يصل إلى الأمتار الأخيرة من البطولة، مشيراً إلى أن غياب نجم منتخب السنغال ساديو ماني يعزز حظوظ قطر لكونه أحد ركائز منتخب بلاده، فيما وُصف منتخب الإكوادور بأنه "متباين المستوى وليس بالمنتخب المخيف".

ويعتقد بأنه يمكن الحكم على معالم مشاركة قطر في المونديال بعد لقاء الإكوادور، لافتاً إلى أن "العنابي" سيرتاح نفسياً في حال "تخطى الإكوادور في لقاء الافتتاح وسينعكس ذلك على الشارع القطري، بخاصة أن السنغال وهولندا سيتواجهان بالجولة الأولى".

وحول العناصر التي يعول عليها "العنابي" في "قطر 2022" عدَّد القحطاني أربعة لاعبين ممثلين بالقائد حسن الهيدوس الذي وصفه بصمام الأمان، والحارس سعد الشيب، إضافة إلى النجم أكرم عفيف الذي يصنع الفارق بمهاراته الفنية، والمهاجم الهداف المعز علي.

وفيما يخص العقبات التي قد تقف في طريق منتخب قطر أشار إلى أنها "تتلخص بالخوف من الإصابات بخاصة في حالة اختلال التوازن الدفاعي"، لكنه عاد وأكد قدرة "العنابي" على أن يكون "الحصان الأسود".

وخلص في ختام حديثه إلى أن حظوظ قطر فيها تفاؤل "حذر"، مطالباً بضرورة التركيز والحرص في هذا "المونديال التاريخي"، معتبراً تجاوز "العنابي" حاجز الدور الأول "إنجازاً".

مفتاح التأهل

بدوره وصف المحلل الرياضي القطري محمد الكعبي المرحلة التي تلت فوز المنتخب القطري بكأس أمم آسيا عام 2019 بأنها مغايرة كلياً للمرحلة التي سبقتها.

ويوضح "الكعبي" في حديثه لـTRTعربي أن المنتخب القطري يضم 90% من اللاعبين المتوجين بكأس آسيا، مبيناً أن التوليفة الحالية انخرطت في معسكرات خارجية وشاركت في استحقاقات كروية مختلفة لإزالة الضغط عن كاهل اللاعبين والتعلم من هذه المنتخبات ومعرفة أسلوب لعبها.

ويلفت إلى وجود "تفاؤل يسود في قطر لكون مجموعة العنابي ليست بسهلة لكنها في الوقت عينه ليست مستحيلة"، معتبراً أن الفوز على الإكوادور في المباراة الافتتاحية يعد "مفتاح التأهل لدور الـ16".

ويعزز كلامه بفوز منتخب قطر على الإكوادور في المباراة الودية التي جمعتهما على أرضية استاد نادي السد عام 2018، وعرفت فوز "العنابي" على المنتخب اللاتيني بنتيجة (4-3).

كما يستند في توقعه إلى أن منتخب السنغال تلقى ضربة موجعة بتأكد غياب نجمه ساديو ماني للإصابة، حيث يعتمد "أسود التيرانغا" على مهاجم بايرن ميونيخ الألماني بشكل كبير، لكنه أقر بأن منتخب هولندا هو الأفضل فنياً في المجموعة.

وحول شكل لعب "العنابي" يتوقع "الكعبي" أن يلجأ المدرب الإسباني فيليكس سانشيز إلى طريقة واقعية تميل إلى الدفاع معتمداً على الإمكانيات التي لديه، معتبراً أن معضلة منتخب بلاده تتمثل بأنه يلعب أغلب مبارياته بطريقة متوازنة تميل إلى الهجوم والاعتماد على الأطراف السريعة.

وخلص في ختام حديثه إلى أن سقف التوقعات والطموحات عالٍ لدى اللاعبين والجماهير في قطر، مبدياً فخره باستضافة بلاده المونديال الذي سيغير النظرة الغربية السلبية عن الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي.

رحلة إعداد مبكرة

وضع الاتحاد القطري للعبة نصب عينيه ترك بصمة فنية واضحة في مونديال 2022، لذلك فقد استعد مبكراً بإنشاء أكاديمية "أسباير" للتفوق الرياضي حيث باتت الرافد الأول للمنتخبات القطرية في مختلف الفئات العمرية، حيث يعد هداف المنتخب الأول المعز علي والظهير الأيسر عبد الكريم حسن، إلى جانب صانع الألعاب المتألق أكرم عفيف أبرز خريجيها.

ويمكن القول إن المرحلة الفعلية في رحلة الاستعداد لمونديال قطر بدأها "العنابي" منذ مشاركته في بطولة كأس الأمم الآسيوية التي احتضنتها الإمارات مطلع عام 2019، وتُوّج بلقبها لأول مرة في تاريخه، بعد أداء لافت منحه الفوز في كافة المباريات بدءاً من اللقاء الافتتاحي حتى المواجهة الختامية أمام اليابان.

وصيف العام ذاته شارك منتخب قطر لأول مرة في بطولة "كوبا أمريكا" أعرق بطولة لمنتخبات اتحاد أمريكا الجنوبية، وقدم مستويات لافتة رغم الخسارة بصعوبة أمام كولومبيا والأرجنتين، فضلاً عن التعادل أمام الباراغواي (2-2)، في مباراة كان "العنابي" قريباً للغاية من انتزاع النقاط كاملة.

وكان مقرراً أن يشارك "العنابي" في نسخة كوبا أمريكا الموالية، صيف عام 2020، لكن جائحة كورونا أرجأت البطولة عاماً كاملاً، ليعتذر الاتحاد القطري للعبة عن المشاركة صيف 2021 بسبب ارتباط المنتخب بالتصفيات الأوروبية المؤهلة لمونديال قطر.

وخاض رفاق القائد الهيدوس 10 مباريات أمام منتخبات البرتغال وصربيا وأيرلندا وأذربيجان ولوكسمبورغ، تعرض خلالها لخمس هزائم وثلاثة تعادلات مقابل فوزين.

وصيف العام الفائت شارك منتخب قطر ببطولة الكأس الذهبية لمنتخبات قارة أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي (كونكاكاف) كأول منتخب عربي، فترك انطباعاً كبيراً بتجاوزه دور المجموعات من موقع الصدارة بفوزين على غرينادا وهندوراس وتعادل مع بنما، ثم تجاوز السلفادور بدور الثمانية، قبل أن يخسر بشق الأنفس أمام الولايات المتحدة بهدف متأخر في "المربع الذهبي".

أما المحطة الكروية الأخيرة على صعيد خوض البطولات المجمعة فكانت "كأس العرب" التي احتضنتها قطر أواخر العام المنصرم، إذ فشل "العنابي" بمعانقة الكأس التي أقيمت لأول مرة تحت مظلة الفيفا، واكتفى بالوصول إلى الدور نصف النهائي قبل الخروج أمام الجزائر بعد مباراة ماراثونية امتدت إلى الأشواط الإضافية.

وأنهى منتخب قطر البطولة بحصوله على المركز الثالث بفوزه بركلات الترجيح في المباراة الترتيبية على نظيره المصري، علماً أنه تصدر مجموعته بثلاثة انتصارات متتالية، ثم انتصار عريض على الإمارات بدور الثمانية.

وحسب وكالة الأنباء القطرية قاد المدرب الإسباني فيليكس سانشيز منتخب قطر منذ توليه مهمة القيادة الفنية صيف 2017 في 68 مباراة، فاز في 34 منها وتعادل في 13، فيما سقط في 21 مناسبة، كما سجل المنتخب تحت إشرافه 113 هدفاً، في حين استقبلت شباكه 85 هدفاً.


TRT عربي