الصناعة الحربية في المغرب: الورش المسكوت عنه


زينب مركز

لأول مرة، يتم التنصيص في ميزانية 2023 على مبلغ ضخم للقوات المسلحة الملكية خاص بالصناعة الدفاعية العسكرية بالمغرب، الشيء الذي لفت اهتمام الصحف العالمية والمجلات والمواقع المتخصصة بشأن الصناعة الحربية. لكن هل المشروع طارئ على إستراتيجية تحديث وتطوير القوات المسلحة الملكية أم أنها تستهدف الانتقال من الصيانة إلى صناعة العتاد العسكري لتحقيق المملكة اكتفائها الذاتي؟

 

منذ تربع الملك محمد السادس على العرش عام 1999، تم وضع إستراتيجية بعيدة المدى، لتحديث القوات المسلحة الملكية، وقبل عقد من اليوم، ازداد طموح المملكة لخلق بينة تحتية للصناعة العسكرية، تساعدها على ذلك أهمية البلد من حيث موقعه الاستراتيجي على ضفتي البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي ميزه في محيط إقليمي مهتز، توفيره لبنية متطورة في صناعة السيارات والطائرات المدنية والصناعات الفضائية، وتكوينه لكوادر تقنية عسكرية ومدنية، وفتحه لمراكز التكوين المهني المرتبطة بالمهن الجديدة، بالإضافة إلى نخبة عالية التكوين في المعاهد الأجنبية المتخصصة في صناعة وصيانة العتاد الحربي. لكن مع ذلك، فالاستثمار في الصناعة العسكرية مشروع ضخم يتطلب ميزانيات باهظة التكلفة، فهل يعيد المغرب أمجاده العسكرية في تصنيع العتاد الحربي وتطوير بنية تحتية للصناعة الحربية تمكن من توطين هذه الصناعة، من أجل تقليل اعتماده على شراء كل أسلحته من الخارج، وخفض التكلفة الضخمة لتحديث القوات المسلحة الملكية بكل فئاتها البحرية والجوية والبرية؟

 

تصنيع الأسلحة تلزمه ميزانيات ضخمة وشراء براءات اختراع وكفاءات تقنية عالية وأطر ويد عاملة مهنية عالية التكوين. فهل تسمح الدول العظمى لبلد من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط بامتلاك التكنولوجيا المتطورة لصناعة عسكرية حديثة؟ وهل تبيع براءات اختراعها للمغرب اليوم؟ وإذا كان قانون (رقم 10.20) قد سد فراغا تشريعيا كبيرا في هذا الباب بعد صدوره بالجريدة الرسمية في غشت الماضي، مع بدء تفعيل لجان المراقبة تحت إشراف اللجنة الوطنية التي نص عليها القانون، وبداية إنشاء مصانع للصناعة الحربية، فهل نتوقع زيادة في ميزانيات السنوات القادمة خاصة بمجال توطين الصناعة العسكرية؟ وما هي الدول التي أبرمت شراكات مع المغرب خارج أمريكا وإسرائيل في مجال الصناعات العسكرية؟ أسئلة وأخرى عديدة نحاول أن نجيب عنها في ملفنا هذا حول الصناعة الحربية بالمغرب التي ترسم حظوظا كبرى لدخول المملكة نادي الكبار في مجال تصنيع أنواع عديدة متطورة من العتاد والأسلحة العسكرية في أفق تصديرها خاصة للسوق الإفريقية الواعدة.

 

في رسالة وجهها العاهل المغربي محمد السادس للقوات المسلحة الملكية، بمناسبة الذكرى السادسة والستين لتأسيسها في منتصف ماي 2022 أعلن القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية: «سنواصل إعطاء الأولوية للدفع قدما بمخطط تجهيز وتطوير القوات المسلحة الملكية وفق برامج مندمجة ترتكز خصوصا على توطين الصناعات العسكرية وتنمية البحث العلمي» و»سيتم ذلك عبر إبرام مجموعة من الشراكات والاتفاقيات مع مراكز البحث والجامعات المغربية بغية تنفيذ مشاريع ذات قيمة تقنية عالية، من أجل تطوير تجهيزات ذاتية للقوات المسلحة». لم يكن إعلان الملك محمد السادس في كلمته الموجهة للقوات المسلحة الملكية في ذكرى تأسيسها سوى إعلان ما كانت تهيئ له المملكة منذ أكثر من عقد للوصول إلى تأسيس قاعدة بنية تحتية للصناعة الحربية، تبدو طموحة وواعدة، لانعكاس الصناعة العسكرية على تنويع أنشطة الاقتصاد الوطني عبر جذب استثمارات ضخمة وخلق فرص الشغل وتقوية ميزان الصادرات.

 

وكان عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، في عرض قدمه أمام البرلمان في دورته الخريفية لعام 2020، قد أكد أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه صناعة الدفاع في المنظومة الاقتصادية بشكل عام، إذ أن الصناعة العسكرية مكملة للصناعات القطاعية الوطنية الأخرى كصناعة الحديد والصلب وصناعة وصيانة الطائرات والسيارات والشاحنات والصناعات الإلكترونية، بجعلها جزءا لا يتجزأ من النسيج الصناعي الوطني، وأكد أن «المغرب يسهر على المقومات التي يمكنها أن تعينه على المضي قدما نحو تأسيس قاعدة صناعية هامة، مستفيدا من استقراره السياسي والأمني والماكرو اقتصادي وموقعه الجيوستراتيجي وجودة موارده البشرية وتجربته المتراكمة في القطاع الصناعي، بالإضافة إلى التطور الحاصل في مناخ الأعمال خلال العقدين الأخيرين».

 

في أكتوبر 2021 اقترح المغرب، خلال المباحثات التي جمعت المسؤولين العسكريين المغاربة مع وزير الدفاع الأمريكي السابق، مارك إسبر بالرباط، تعزيز التعاون العسكري من خلال النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع، وطالب المسؤولون المغاربة نقل التكنولوجيا والبناء التدريجي للاستقلالية الإستراتيجية للمغرب في هذا المجال، وبسببها حلت شركة لوكهيد مارتن وغيرها بالمغرب لتأسيس بنية تحتية لصيانة وصناعة معدات حربية مرتبطة بالسلاح الجوي خاصة.

 

وفي أكتوبر الماضي دخل المغرب غمار صناعة الطائرات المسيرة بدون طيار بعد فتح المجال لشراكات مع دول رائدة في هذا القطاع، بعد أن أبرمت القوات المسلحة الملكية صفقة مع شركات دفاع إسرائيلية ومجموعة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI)، لبناء مصنعين لطائرات دون طيار لجمع المعلومات الاستخبارية وللهجوم، بتكلفة منخفضة نسبيا. قبلها أوجدت المملكة ترسانة قانونية صودق عليها في البرلمان بعد مرورها في المجلس الوزاري، بالإضافة إلى استثمارات كبرى بدأ المغرب يستقطبها من دول لها باع طويل في الصناعة الحربية الحديثة من أمريكا إلى إنجلترا وألمانيا وبلجيكا وإسرائيل.

 

وفي أبريل الماضي وقع عبد اللطيف اللوديي الوزير المنتدب لدى رئاسة الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني وشركة لوكهيد مارتن الأمريكية اتفاقاً استراتيجيا يهم بناء وحدة صناعية تحمل اسم MAINTENANCE AERO MAROC (MAM) على مساحة 15000 متر مربع بالقاعدة الجوية بضواحي ابن سليمان، ستكون جاهزة في 2024، تدبرها شركة SABENA هدفها إجراء عمليات الصيانة والتطوير وإعادة بناء طائرات F16 و C130 هيركلوس وغيرها من الطائرات التابعة للقوات الملكية الجوية ودول أخرى. وتتواجد مجموعة Blueberry في المغرب منذ عام 2012 من خلال شركتها الفرعيةSabca Maroc ، التي أعلنت مؤخرا عن استثمار أكثر من 180 مليون درهم في بناء مصنع جديد بمساحة 16000 متر مربع سيضم بيلاتوس وإيرباص وخط تجميع هياكل الطائرات داسو في منطقة النواصر.

 

وإذا كان المغرب يستورد غالبية الأسلحة من دول الغرب، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد حل، حسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، في المرتبة 29 ضمن قائمة أكبر مستوردي الأسلحة الرئيسية في العالم في الفترة بين 2016 – 2020، ويحتل المرتبة السادسة عربيا في الإنفاق العسكري، بمبلغ سنوي يصل إلى حوالي 4,8 مليارات دولار، أي ما يناهز 43 مليار درهم، علما أن شراء الأسلحة والمعدات العسكرية يكلف فاتورة مالية ضخمة سنوياً، حيث خصصت الحكومة في ميزانية 2021 حوالي 111 مليار درهم، لشراء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية، وهي النفقات التي سترتفع في ميزانية 2022 إلى 116 مليار درهم (حوالي 13 مليار دولار). وخلال عقدين من برنامج تحديث القوات المسلحة الملكية، أبرم المغرب عدداً من الصفقات لشراء أسلحة متطورة وتحديث أسطوله العسكري البحري والجوي والبري، بمعايير حديثة بميزانية ضخمة. فقد جاءت المرحلة الثانية من إستراتيجية تطوير القوات المسلحة الملكية المرتبطة بالبحث عن توطين الصناعة العسكرية في أفق استراتيجي لتنويع أنشطة الاقتصاد الوطني، وجلب الاستثمارات في مجال صناعة العتاد الحربي، لخفض الفاتورة المتزايدة لشراء أحدث الأسلحة في المجال الجوي والبري والبحري.

 

السعودية والمغرب .. صناعة عسكرية جنينية واعدة

 

في 15 دجنبر 2015 وقع بوشعيب عروب الجنرال دوكور دارمي المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، ومحمد بن عبد الله العايش مساعد وزير الدفاع السعودي، على اتفاقية للتعاون بين القوات المسلحة الملكية المغربية والقوات المسلحة بالمملكة العربية السعودية، تمحورت حول تعزيز التعاون العسكري والتقني في مجالات التكوين وصناعة الدفاع والدعم اللوجستيكي ونقل الخبرة العسكرية والخدمات الطبية العسكرية.

 

كانت هذه هي الخطوة الأولى في مجال سير المغرب على طريق خلق صناعة عسكرية طموحة، وقد صادق البرلمان بالإجماع في 26/07/2016 على مشروع رقم 16.08 المتعلق بالاتفاقية التي جمعت بين المغرب والسعودية في المجال العسكري والتقني الموقعة بالرباط، والتي تشمل الاتفاقية على عشرة بنود تتضمن التعاون العسكري والتقني بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية في مجالات التدريب، المنتجات العسكرية والمساندة الإمدادية والتموينية ونقل التقنية العسكرية. وينص مجال المنتجات العسكرية على أن كل طرف يشجع الصناعة العسكرية في بلده وإقامة مشاريع مشتركة لتجميع المنتجات العسكرية أو تصنيعها في بلد الطرف الآخر، وأن يتبادل الطرفان المنجزات والمعلومات في مجال التقنيات العسكرية وقد شكلت لجنة عسكرية مشتركة بين المغرب والعربية السعودية لتتبع تنفيذ بنود الاتفاقية.

 

وفي يناير عام 2016، كشف الموقع العسكري المتخصص في الصناعة العسكرية الدفاعية «Defense Industry Daily»، أن المملكة العربية السعودية والمغرب وقعا على اتفاقية تعاون عسكري من أجل دعم الصناعة العسكرية بالمغرب، ويشمل هذا الاتفاق صناعة الدفاع والدعم اللوجستي، ونقل الخبرة العسكرية. وقد دعمت العربية السعودية مسألة اقتناء المغرب براءات اختراع تصنيع أسلحة دفاعية من دول عديدة ضمنها فرنسا وبلجيكا وإيطاليا، والصين وكوريا الجنوبية والبرازيل وغيرها، والمساهمة في تقوية خبرة الأطر وكفاءة التقنيين من أفراد القوات المسلحة الملكية المغربية في مجال صناعة وصيانة العتاد الحربي، وقد رُصد لهذه الاتفاقية مبلغ ضخم يصل إلى 22 مليار دولار امتد إلى نهاية 2019، فهل حقق التعاون المشترك في مجال بناء صناعة حربية حديثة بين السعودية والمغرب أهدافه المحددة؟

 

حسب مصادر مطلعة تحدثت لـ»الأيام» فقد همّ المنجز الحالي من الاتفاقية بين المملكتين تصنيع الشاحنات الحربية وكذلك السيارات الرباعية الدفع المجهزة بوسائل حربية وبمدافع وبمناظير ليلية، ومجال تصنيع الذخيرة المختلفة التي تحتاج إليها القوتان العسكريتان المغربية والسعودية. قبلها وفي شتنبر 2015 تم التفاوض مع شركات كبرى مختصة في الصناعة الحربية لجلب التكنولوجيا المتطورة، ضمنها شركة «طاليس» الفرنسية التي تعاقد معها المغرب في مجال الصناعات الفضائية المتطورة. ويضيف المصدر ذاته أن المغرب أصبح يحقق تدريجيا اكتفاءه الذاتي في صناعة الذخيرة وبعض الأسلحة الخفيفة، لكن مسألة شراء براءات الاختراع المرتبطة بالتكنولوجيا العالية تحتاج مدة أطول من المفاوضات. وحسب خبير عسكري رفض ذكر اسمه، فقد تحولت السوق المغربية على المستوى العسكري إلى سوق تجذب الشركات الكبرى، وهذا ما دفع المغرب إلى التفكير الاستراتيجي للتحول إلى بلد مصنع للأسلحة، وحسب تقارير المؤسسات المختصة بالشؤون العسكرية، فإن المغرب في 2025 سيصبح متملكا لقواعد صناعية حديثة للعتاد الحربي الخفيف ولورشات متطورة في مجال الذخيرة عدا الصيانة المتطورة لأحدث الأسلحة التي اقتناها المغرب طيلة العقد الأخير.

 

القانون المنظم للصناعات العسكرية المغربية

 

تم نشر القانون المنظم للصناعات العسكرية الحديثة في الجريدة الرسمية عدد 7011 الصادر في 17 غشت 2022، وبذلك دخل حيز التنفيذ وسد الفراغ القانوني في مجال تطوير الأنشطة الصناعية المخصصة للدفاع في المغرب، وهو ما يسمح بدخول المغرب مجال صناعة الأسلحة وعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والذخيرة، وفتح الباب للشركات المتخصصة لاستيراد وتصدير المعدات الأمنية والعسكرية تحت وصاية لجنة وطنية لعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، التي نصت عليها المادة الرابعة من هذا القانون، تتألف من الوزراء أو المسؤولين الحكوميين أو من يمثلونهم من المكلفين بإدارة الدفاع الوطني والداخلية والشؤون الخارجية والمالية والصناعة والتجارة الخارجية، بالإضافة إلى أربعة ممثلين عن القوات المسلحة الملكية وواحد عن كل من الدرك الملكي والمديرية العامة للأمن الوطني وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.

 

يضم القانون الذي يحمل (رقم 10.20) 55 مادة موزعة عبر خمسة فصول. يصنف الفصل الأول العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة إلى ثلاث فئات حسب نوعية استعمالها، الأولى مخصصة للعمليات العسكرية البرية أو البحرية أو الجوية أو الفضائية، وتضم الفئة الثانية العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة التي يمكن استعمالها في الحفاظ على النظام والأمن العامين، أما الفئة الثالثة فتضم الأسلحة والذخيرة المخصصة لاستعمالات أخرى كالصيد والرماية الرياضية. تضم الفئة «أ» من المنتوجات المسموح بتصنيعها من العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة المعنية، حسب ما ورد في الجريدة الرسمية، الأسلحة النارية الخفيفة ذات العيار الصغير والأسلحة الرشاشة والمدافع بما في ذلك «الهاويتزر» و»الهاون» وقاذفات الصواريخ والقنابل اليدوية، إلى جانب جميع أنواع الذخيرة والقنابل والطوربيدات والألغام وأسلحة الليزر ذات القدرات التعطيلية والتدميرية، والمركبات القتالية المصفحة وغير المصفحة والطائرات و»الدرون» والطائرات الأثقل من الهواء والطائرات الأخف منه، والسفن الحربية، ومعدات الكشف والتشويش والرؤية الليلية والنظم المعلوماتية المعدة لاستخدامات عسكرية والأقمار الصناعية.

 

أما الفئة «ب» فتشمل الأسلحة والمعدات المستخدمة من طرف قوات الأمن، مثل قاذفات الصواريخ وقاذفات القنابل اليدوية والمركبات المصفحة وغير المصفحة المستخدمة في الحفاظ على الأمن، ومعدات كشف أو تحديد الموقع الجغرافي أو التشويش على الاتصالات ومعدات المراقبة والتصويب والرؤية الليلة المستخدمة في حفظ النظام، وأسلحة الصعق الكهربائية ومولدات شل الحركة والقنابل المسيلة للدموع ومعدات مكافحة الشغب وغيرها، أما الفئة «ج» فتضم أسلحة القنص والرماية الرياضية، والأسلحة المستعملة في انطلاق المنافسات الرياضية.

 

طلب تعاون إسباني

 

كان الجنرال خوان مانويل غارسيا مونتانيو المشرف على مديرية السلاح في وزارة الدفاع الإسبانية قد صرح في وقت مبكر في دجنبر 2015 بأن مباحثات جرت بينه وبين ممثلين عن المغرب طلبوا من مدريد المساعدة التقنية والتعاون وتفويت التكنولوجيا في صناعة بعض أنواع الأسلحة.

 

وصرح المدير العام لوحدة التسلح والمعدات العسكرية في وزارة الدفاع الإسبانية للموقع الإسباني «دفينسا» أن هذه المباحثات «همت تفويت التكنولوجيا لكي يتمكن المغرب من بدء برامج عسكرية مرتقبة»، ولحد اليوم لا زالت المعطيات شحيحة ومحاطة بسرية تامة حول مدى التعاون الإسباني مع المغرب في مجال توطين الصناعة العسكرية.

 

محمد الطيار الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية: هدف الصناعة الدفاعية هو التخفيف من فاتورة الصفقات العسكرية

 

لفهم مسار تصنيع الأسلحة والعتاد العسكري المتطور بالمغرب، يرى محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أنه «لا بد أولا من الوقوف على التوجيهات الملكية في هذا المجال، ومنها الرسالة التي وجهها جلالة الملك محمد السادس للقوات المسلحة الملكية، بمناسبة الذكرى السادسة والستين لتأسيسها، والتي أوضحت بشكل كبير توجه المغرب القوي نحو إقامة صناعة عسكرية وطنية، وفق برامج مندمجة تروم تجهيز وتطوير القوات المسلحة الملكية، مع التركيز على توطين الصناعات العسكرية وتنمية البحث العلمي. وذلك عبر إبرام مجموعة من الشراكات والاتفاقيات مع مراكز البحث والجامعات المغربية، من أجل تطوير تجهيزات ذاتية للقوات المسلحة في مجالات مختلفة. وهي رسالة توضح توجه وإصرار المغرب للانضمام إلى نادي الدول الرائدة في مجال التصنيع العسكري.

 

ترجمة التوجيهات الملكية، تجسدت كذلك في وضع واعتماد قانون حديث لسد الفراغ التشريعي الذي كان حاصلا في هذا المجال، ولمواكبة التطورات الدولية في الصناعات العسكرية، وتطوير الأنشطة الصناعية المتعلقة بالدفاع وغيره داخل المغرب، ويستجيب للحاجيات والتطلعات، ويكون قاعدة لبناء صناعة عسكرية متطورة وطنيا، ولها مكانة تنافسية على المستوى الدولي».

 

ويضيف محمد الطيار أن «بناء المغرب لصناعة عسكرية متطورة، من شأنه أن يلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية والتجارية، والمساهمة في تنويع الاقتصاد الوطني، واستقطاب الاستثمار الأجنبي، وتوسيع مناخ الأعمال، وتوفير مناصب شغل جديدة، بحكم أن هنالك قطاعات عديدة ستكون مرتبطة بها، كما أن من شأن الصناعات العسكرية تشجيع التنافس داخل الجامعات المغربية لتطوير البحث العلمي، فضلا عن تعزيز القدرات الدفاعية وتقليص درجة الاعتماد على الخارج في التسلح، والتخفيف من فاتورة الصفقات العسكرية، وتعزيز قوة الدولة المغربية بعنصر يعد من أهم عناصر ومعايير قوة الدول الحديثة، والذي يتمثل في مقدار ودرجة قدرتها على تصنيع سلاحها وذخيرتها بنفسها، وترسيخ استقلاليتها في هذا المجال.

 

لقد أبرم المغرب عدة اتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، من أجل بناء صناعة عسكرية قوية وعصرية، ومواكبة للتطورات الحاصلة في المجال العسكري، ومن أجل تطوير مشاريع استثمارية في قطاع صناعة الطيران، كما أبرم في السنوات الأخيرة عدة صفقات عسكرية متنوعة، شملت كل المجالات العسكرية البرية منها والبحرية والجوية، ومن المنتظر أن تشهد موازنات السنوات القادمة المخصصة للتصنيع العسكري وللدفاع عموما، ارتفاعا مقارنة مع الموازنة التي خصصت خلال السنة الجارية أو الماضية، بحكم الظروف الاقتصادية التي يمر منها المغرب كغيره من دول العالم بسبب جائحة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية وانعكاساتهما، وهذا الارتفاع لن يكون طبعا على حساب مجالات التنمية، كما هو الحال في الجزائر التي رفعت من ميزانية الدفاع بشكل قياسي ومتسارع خلال السنوات الأخيرة، وقد قفزت إلى مستويات قياسية في الموازنة المخصصة لسنة 2023، وتعد الجزائر من الدول التي يثار بها الجدل حول موضوعي التنمية الاقتصادية والأولويات الأمنية، حيث أنها لم تستطع بعد أن توفق بين المجالين، فقد انخرطت بشكل كبير في استيراد الأسلحة الروسية مع وضع مجالات التنمية الاقتصادية في مرتبة ثانوية وراء القضايا الأمنية والدفاعية، وحصرت فهمها لقوة الدولة بما تملكه من ترسانة عسكرية، الأمر الذي عرضها للعديد من الاختلالات الاجتماعية والأزمات الاقتصادية».

 

لذلك، فإن الصناعة العسكرية المغربية، في رأي المصدر ذاته «ستركز في المرحلة الأولى على توفير عتاد وتجهيزات وأسلحة وذخيرة الدفاع المتعلقة بالاستعمال العسكري، وصناعة عتاد أو تجهيزات وأسلحة وذخيرة أجهزة الأمن، فضلا عن صناعة الأسلحة والذخيرة المخصصة لاستعمالات متنوعة أخرى، إضافة إلى الأنظمة أو البرنامج المعلوماتية المتطورة والمرتبطة بالصناعات العسكرية والتصدي لمختلف التهديدات والمخاطر، وصناعة معدات الرؤية والمراقبة والاتصال ومركبات التنقل، والمركبات القتالية، ومحركات الطائرات، والسفن الحربية، والأقمار الاصطناعية وغيرها».

 

ويؤكد الباحث محمد الطيار على أن «الصناعة العسكرية المغربية لن تهتم فقط بالتصنيع، ولكن أيضا بالصيانة والتطوير، فالقوات المسلحة الملكية تمتلك أسطول مقاتلات جد متطور، كما لديها أكبر سرب من الطائرات المسيرة في القارة الإفريقية، والترسانة الأكثر تنوعا، التي تشمل تلك المصنعة في الولايات المتحدة الأمريكية والصين وتركيا وإسرائيل… ولديها فرقاطات عسكرية بحرية متطورة، ومدرعات عصرية، منها مثلا مدرعات أبرامز، ولديها كذلك معدات عالية التقنية، وأنظمة دفاع دقيقة وغيرها، وكلها تتطلب الصيانة الدورية، فضلا عن تطوير وتجهيز الترسانة العسكرية المتوفرة من طائرات ومدرعات وغيرها بما يستجد من أنظمة المراقبة والرصد، والبرامج والأنظمة التكنولوجية الحديثة».

 

  • حوارات يتضمنها هذا الملف ننشرها على شكل حلقات في وقت لاحق
تاريخ الخبر: 2022-11-22 15:19:23
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 67%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية