«زوجة رجل مهم» هو أحد الأفلام الباقية في الذاكرة العربية، ويحكي قصة رجل يحتل منصباً مهماً يتحكم من خلاله بمصائر الناس، يأمر فيطاع ويتقرب له الناس طالبين رضاه حتى يأتي يوم فيعزل من منصبه المهم ويصبح مواطناً عادياً إلا أنه يرفض تلك الحقيقة ويستمر في تمثيل دوره المهم السابق وزجر الناس وتخويفهم حتى تنتهي مرحلة إنكار فقدان المجد الضائع بـ ... انتحاره على أن يعيش واقعه الجديد.
***
عاشت الكويت لفترة 350 عاماً من تاريخها الطويل - عدا حقبة قصيرة حاولت خلالها مد النفوذ والتوسع وفشلت وهي تعلم بحكمة وتعقل قادتها وشعبها بتواضع قدراتها وأن دورها الأمثل والأفضل والأنسب والذي يتماشى مع قدراتها ومساحتها وموقعها وعدد سكانها هو «الدور الاقتصادي» الذي تستفيد فيه من جميع الفرقاء وليس السياسي وأن تبتعد عن المشكلات والصراعات وتبقى على علاقة حسنة مع الجميع في الإقليم والعالم.
***
مع تفجر النفط لدينا ولدى الآخرين بالمنطقة، استفردنا دونهم بمحاولة لعب دور سياسي لم يكن على الإطلاق متناسباً مع حجمنا حتى قيل حينها إن الدول العظمى بالعالم ثلاث أميركا وروسيا والكويت، وخسرنا الكثير الكثير لأجل لعب ذلك الدور الذي اعتمدنا فيه مداخيل النفط لجعلنا بمثابة «الرجل المهم» الذي يتدخل في الصراعات ويملي الإرادات ويصبح في كثير من الأحيان ملكياً أكثر من الملك، وانتهى ذلك الدور والثوب غير المناسب بغزونا عام 90 واختفائنا خلال سويعات قليلة ووقوف من وقفنا معهم ومع قضاياهم ضدنا دون خجل أو وجل.
***
آخر محطة:
كما أحيل الرجل المهم في ذلك الفيلم الشهير للتقاعد، أحيل النفط الذي جعلنا نلعب دور الرجل المهم للتقاعد وحان وقت مواجهة الواقع والحقيقة والإيمان بفقه الواقع والتواضع والتصالح مع النفس ومع العالم الكبير والاستماع لما يطلبونه منا وتغيير تشريعاتنا وقوانينا للتوافق - لا للمناكفة - كي لا نندم حيث لا ينفع الندم.
* نقلا عن "النهار"
