احتلت قضية التحرش الجنسي في الأماكن العامة صدارة الاهتمام من قبل المدافعات والمدافعين عن حقوق النساء، فضلا عن الصدى الإعلامى الواسع لوقائع التحرش، وحتى اهتمام الهيئات التشريعية والمؤسسات الدينية. وفى هذا السياق لا يفوتنا ذكر استخدام وسائل التواصل الاجتماعى والتطبيقات التكنولوجية من خلال مبادرات تستهدف حماية ضحايا التحرش الجنسى فى المجال العام، وقدسبق أن تم تدشين خريطة التحرش الجنسى كأحد الوسائل الحماية، فضلا عن العديد من مواقع التواصل الاجتماعى التى تفضح مثل هذه الجرائم. ومؤخرا طور مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر)، وهو هيئة غير حكومية إقليمية مقره تونس، بالتعاون مع مجموعة شبابية تطبيقا جديدا أطلق عليه “سايفناس” “SafeNess” بهدف ضمان سلامة النساء والفتيات في الأماكن العامة والسماح لمستخدمي الهواتف الذكية بالتصرفات بسرعة في حالة الخطر.

ويعمل هذا التطبيق بنظام Android وiOS حيث يمكن مستخدمات الهواتف الذكية من حماية أنفسهن في مخاطر التحرش في الأماكن العامة، تم تطوير تطبيق “SafeNess”، ويعمل من خلال الآتى:

1. تحديد وإضافة الأشخاص الموثوق بهم من قائمة الاتصال الموجودة على هاتف المستخدمة.
2. إرسال موقع المستخدمة إلى الأشخاص الموثوق بهم لمرافقتها افتراضيا على Google maps (التتبع)، ومن ثم السماح للأشخاص الموثوق بهم من طرف المستعملة للتطبيق بمتابعة تحركاتها حتى تصل إلى المكان بكل امان.
3. في حالة الطوارئ، يمكن للمستخدمة إرسال تنبيه طوارئ، والذي سيؤدي إلى تسجيل فوري لإحداثيات GPS مع التاريخ والوقت بالضبط وكذلك التسجيل الصوتي، وبالتالي يمكن للأشخاص الذين يقومون بالتتبع التدخل اما عن طريق التدخل والتنقل أو الاتصال بالشرطة أو بأقرب شخص قريب من موقع الحادثة لإنقاذ المستخدمة.
4. يتم حفظ هذا التسجيل في ملف التعريف لاستخدامه كدليل في حال تقديم شكوى على المعتدي قضائيا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التطبيق يمكن استخدامه من قبل ذوى الإعاقة والنساء ذوات الإعاقة البصرية، حيث يكون فى مقدروهن فى حالة طلب المساعدة فى حالة الطوارئ، وذلك من خلال إضافة (Stream Reader) وعوض الضغط على الزر لإرسال طلب النجدة أصبح بإمكان المستعملات الاكتفاء فقط بتحريك (هز) الهاتف 3 مرات حتى يقوم التطبيق بإرسال طلب النجدة من الأشخاص الخمسة الموثوق بهم.

وتسهم هذه الخطوات فى إعمال مواد الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوى الإعاقة والتى تنص فى المادة 6 على أن النساء والفتيات ذوات الإعاقة ضحايا أشكال متعددة من التمييز، وتشدد على ضرورة أن تتخذ جميع التدابير الملائمة لكفالة التطور الكامل والتقدم والتمكين للمرأة. وتشدد المادة 16 على عدم التعرض للاستغلال والعنف والاعتداء وتحث الدول على اتخاذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية وغيرها من التدابير المناسبة لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة، داخل منازلهم وخارجها على السواء، من جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء، بما في ذلك جوانبها القائمة على نوع الجنس. واتخاذ جميع التدابير المناسبة لمنع جميع أشكال الاستغلال والعنف والاعتداء بكفالة أمور منها توفير أشكال مناسبة من المساعدة والدعم للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم ومقدمي الرعاية لهم تراعي نوع جنس الأشخاص ذوي الإعاقة وسنهم، بما في ذلك عن طريق توفير المعلومات والتثقيف بشأن كيفية تجنب حالات الاستغلال والعنف والاعتداء والتعرف عليها والإبلاغ عنها.

٧ من المفيد أن يتم الاهتمام بهذه التطبيقات من قبل جميع الأطراف المعنية بمناهضة العنف ضد النساء بشكل عام وضد النساء ذوات الإعاقة بشكل خاص. مع التأكيد حقيقة أن توفير أدوات حماية للنساء ذوات الإعاقة يشكل قيمة مضافة، فكثير من الحملات والوسائل المستخدمة لحماية النساء من العنف، عادة ما تتجاهل النساء ذوات الإعاقة أو لا توفر أدوات ملائمة لهن. فلا شك أن حالة الإعاقة تشكل سببا إضافيا لمفاقمة حدة العنف الجسدى والجنسى، كما أن هناك أنماط من العنف والتمييز تخص النساء ذوات دون غيرهن. ومن هذا المنطلق فإن الاهتمام بحماية هذه الفئات ينبغى أن يشكل أولوية، من قبل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى، والإعلام والمؤسسات الدينية.