“مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة” خطوة نوعية لتأكيد دور الفلسفة في تطوير الفكر البشري، وتكريس أهميتها في معالجة العديد من القضايا، وتعزيز ثقافة النقاش الفلسفي، وإيجاد مساحة حوار سنوية لمناقشة مُستجدات علم الفلسفة وتطبيقاته الحديثة، وتشجيع التفكير النقدي، والوقوف على ماهية الأسئلة والأطروحات الكبرى، والتي ستنعكس إيجابًا على المجتمع الفلسفي السعودي.

هذه التظاهرة الثقافية التي تنظمها هيئة الأدب والنشر والترجمة للعام الثاني على التوالي، يعوّل عليها في دعم وتعزيز التطورات التي تشهدها الساحة الثقافية السعودية، من خطوات عديدة تُجسّد تسارع الخطى نحو الاهتمام بالفلسفة فيها، ومن ذلك تأسيس أوّل جمعية سعودية للفلسفة في العامّ 2020م، والتي تلاها إقامة الدورة الأولى “لمؤتمر الرياض الدولي للفلسفة”، التي حظيت بمشاركة واسعة ولافتة، لنخبة من المتخصصين في الفلسفة ونظرياتها والمهتمين بتطبيقاتها الحديثة، إلى جانب مشاركة للمفكرين والفلاسفة السعوديين، كما شهدت حضورًا متميزًا لشخصيات مؤثرة وفاعلة، ومن مختلف الاهتمامات والخبرات والخلفيات الأكاديمية والمهنية من جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يؤكّد أن هناك حراكاً نهضويًا عقليًا، وبناء معرفيًا وتراكميًا مميزًا.

“مؤتمر الرياض للفلسفة” بجميع فعالياته.. بدءًا من المحاضرات والجلسات الحوارية، مرورًا بالأنشطة الأخرى كمساحة التجارب التفاعلية التي تتناول موضوعات المؤتمر بطريقة إبداعية، وورش العمل المتنوعة والمتزامنة، والملتقيات والمقاهي الفلسفية، والمعارض المصاحبة للمشاريع الفلسفية، وانتهاءً بأنشطة الأطفال واليافعين والأركان المخصصة للقراءة والاطلاع، يُجسِّد على أرض الواقع، توسع حضور الفلسفة في السعودية... وفي الوقت نفسه، تهدف جميعها إلى بناء شراكات استراتيجية مع كل الجهات الحكومية والخاصة المعنية وذات العلاقة، لتتضافر جهودها وتقف صفًا واحدًا لدعم حضور الفلسفة وامتداداتها الفكرية والثقافية والمعرفية في كل مجالات الحياة في بلادنا الغالية، وكذلك بناء جسور تعاون وتواصل راسخة فيما بينها، تقوم على أسس فكرية ومعرفية مشتركة.

كما يأتي “مؤتمر الرياض للفلسفة” ليُعزِّز جهود النضج في الفكر وارتفاع وتيرة الإنتاج الأدبي والفكري وانتشار دور النشر في بلادنا، والتي صاحبها بروز العديد من المناشط الفكرية التي كان من أبرزها “حلقة الرياض الفلسفية”، و”إيوان الفلسفة”، وغيرهما من أنشطة أدبية وثقافية وفلسفية، أسهمت في قيام “جمعية الفلسفة السعودية”. وعبّر الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة في وزارة الثقافة الدكتور محمد حسن علوان عن هذا الواقع بقوله: “إنّ السعودية واحدة من أكثر دول العالم تغيرًا، ولا تكاد تضاهيها دولة في سرعة الحراك النهضوي، الأمر الذي ستكون له انعكاسات فلسفية وفكرية وثقافية مختلفة”.