الدار/
بينما شرعت هيئة المحامين بمراكش، أمس الخميس، في استئناف العمل، تواصل هيئات المحامين بمدن أخرى إضرابها عن العمل ضد مقتضيات مشروع مالية 2023، مواصلة بذلك تعميق الأزمة التي تعيشها محاكم المملكة منذ أسابيع، حيث يشل احتجاج المحامين مرفق العدالة ويعطل ما لا يحصى من القضايا والملفات، علما أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، ووزراء في الحكومة، عقدوا اجتماعا إيجابيا مع ممثليهم، حيث قدمت الحكومة حلول تم التوافق حولها، قبل أن يتراجع عنها المحامون في موقف غير مسبوق، عكس هيئات مهنية أخرى.
وجر تراجع المحامين عن مخرجات لقائهم مع الحكومة انتقادات واسعة لهم، حيث لم يسبق أن تم عقد اتفاق للسلطة التنفيذية مع جمعية قانونية وبحضور كل النقباء، ثم يتم التنكر له بعد ساعات وأيام، مع أن الاتفاق استجاب لمطالب المحامين باعتراف عدد منهم، حيث أفضى إلى تخفيض المبلغ المنصوص عليه في مشروع قانون مالية 2023، من 300 إلى 100 درهم، مع دفعه وفق الطريقة الاختيارية المعلن عنها، فضلا عن إعفاء المحامين الجدد المقيدين في جداول هيئات المحامين بالمغرب من أداء الضريبة لمدة خمس سنوات ابتداء من تاريخ التسجيل، واستثناء وتوسيع دائرة الملفات ذات الطابع الاجتماعي والحقوقي المعفاة من الدفع المسبق على الحساب. كما اتفق الطرفان على تخفيض الاقتطاع من المنبع إلى نسبة 10 في المائة عوض 15 في المائة بالنسبة للمحامين الذاتيين و5 في المائة بدل 10 في المائة بالنسبة للشركات المدنية المهنية للمحامين. وتقرر تشكيل لجنة تقنية مشتركة بين الحكومة ومكتب جمعية هيئات المحامين بالمغرب للتدقيق في باقي عناصر الملف الضريبي.
وانتقد عدد من المحامين تراجع بعضهم عن الاتفاق المذكور بعد حوار مسؤول أجري وفق مقاربة تشاركية مع رئيس الحكومة، في موقف وصف بـ”لعب الدراري”، ويفيد أن احتجاج المحامين لا يتعلق بالدرجة الأولى بمطالب مرفوعة تمت الاستجابة لها، وإنما يؤشر على أن فئات من المحامين ترفض ببساطة الانخراط في سياسة الدولة الرامية إلى توسيع الوعاء الضريبي ليشمل جميع المهن في إطار العدالة الضريبية. فبرفضهم دفع الضرائب واستمرارهم في مقاطعة العمل، المحامون يعتبرون أنفسهم على ما يبدو غير معنيين بالعدالة الضريبية، وأنهم فوق القانون الذي يسري على الجميع، علما أنهم أول من يجب أن يلتزموا بالقانون، على اعتبار أنهم ينتمون لجسم العدالة، ومهمتهم الأساسية هي الدفاع عن سيادة القانون.