عبد الرحمن الرافعي، المؤرخ المصري، والذي غادر عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1966، بعد رحلة حافلة من التأريخ والتوثيق لتاريخ مصر الحديث، خاصة الحركة القومية والوعي القومي.

والتي ضمنها في مؤلفاته: الثورة العرابية والاحتلال الإنجليزي، تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة، عصر محمد علي، مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية، عصر إسماعيل، الزعيم الثائر أحمد عرابي، جمال الدين الأفغاني باعث نهضة الشرق وغيرها.

ويعد عبد الرحمن الرافعي، من أبرز المؤرخين المصريين، هاجر أجداده من الشام إلى مصر أوائل سنوات حكم محمد علي لمصر، حيث اشتغل معظم أفراد أسرته بالعلم والقضاء. وبدأ الرافعي حياته بالعمل في المحاماة والصحافة، ودخل الحياة السياسية لأول مرة في العام 1907.

ــ “تاريخ الحركة القومية” كتاب لا يستغنى عنه

ويعد كتاب عبد الرحمن الرافعي، “تاريخ الحركة القومية وتطور نظم الحكم”، مرجعا أساسيا لا يستغنى عنه ــ بحسب ما يصفه الكاتب كامل زهيري ــ وقد ظهر الكتاب في طبعته الأولى في العام 1929. 

وعن منهج “الرافعي”، يشير "زهيري" إلى: اتجه المؤرخ الوطني عبد الرحمن الرافعي إلى منهج آخر ليبحث في تاريخ الحركة القومية ونشوئها وتطورها. لأن المؤلف يمثل مدرسة التاريخ الوطني أثناء الكفاح الوطني. وقد تميز “الرافعي” المؤرخ بعقلية القانوني المحقق الذي يرصد الوقائع، ويعتني عناية فائقة بالتفاصيل، وتحديد الأماكن، وتصوير الأحداث، ورسم الشخصيات. وجمع المؤرخ الوطني عبد الرحمن الرافعي بين دقة التحليل وسعة الإطلاع.

ويضيف زهيري عن عبد الرحمن الرافعي: وقد أدرك الرافعي رسالة المؤرخ وحققها. وبدأ فتمني في البداية أن يكتب كتابا عن الزعيم الوطني مصطفى كامل يشبه ما كتبه المؤرخ بول دوشاتل عن السياسي “جامبينا”. وتشعب بالرافعي البحث، واتضح المدى، ورأى أن الايجاز لا يشفي غليلا.

فقرر عبد الرحمن الرافعي تغيير برنامجه، تعديل خطة عمله، ليضع سيرة مصطفى كامل جزءا من أجزاء بحثه المستفيض. لأن مصطفى كامل كما يقول عبد الرحمن الرافعي، "يمثل دورا من أدوار الحركة القومية، سبقته أدوار وتلته أدوار.." ولا تكون دراسة الحركة القومية واجفة إذا اقتصرت على عصر واحد من عصورها.

ويستدرك “زهيري”: وهكذا ظهر كتاب “تاريخ الحركة القومية وتطور نظم الحكم” الرائد عام 1929 في توقيت له مغزى. وواصل المؤرخ عبد الرحمن الرافعي جهاده العالمي ثلاثين عاما تالية، ليخرج لقرائه ستة عشر مجلدا في تاريخ الحركة القومية، أصبحت آخر الأمر موسوعة تاريخية لتاريخ مصر الحديث. بدأت بهذا الكتاب الفاتحة عند نهاية القرن الثامن عشر ليصل مؤرخنا عبد الرحمن الرافعي بمصر عند تحقيق الوحدة مع سوريا، بعدما انتصف القرن العشرين.