كانت هى المرة الأولى التى أشارك فيها مع نخبة من زميلاتى من صانعات وفنانات المسرح المصرى بملتقى مبدعات المسرح فى مراكش- المغرب فى دورته الرابعة.. وقد كانت فرصة لتأمل كيف يزخر مسرحنا المصرى بمبدعات مسرح ومديرات فنون متميزات لهن تجارب ثرية تستحق أن يلقى عليها الضوء أكثر مما هو حاصل الآن.

كنت قد أعددت مداخلة عن التدبير الثقافى/ الإدارة الثقافية؛ والتى تناولت فيها قدرة المرأة على التخطيط بمهارة، ربما لتوليها مهمة التخطيط ماليًا وإداريًا للمنزل وتدبير أموره على مر العصور، وربما لأن النساء أكثر انشغالًا بمفهوم الاستدامة الذى لا يتحقق إلا عبر وضع الخطط.

ورصدت فى ورقتى كيف استطاعت نساء المسرح فى مصر اختراق الحاجز الشفاف وتولى مناصب إدارية رفيعة وتقديم نماذج فى الإدارة الثقافية مميزة فى تاريخ المسرح، وربما كانت هدى وصفى فى هذا الإطار هى صاحبة التجربة الأبرز حكوميًا.. إلا أن هناك العديد من النساء اللاتى قدمن تجارب بارزة فى مجال إدارة المسرح على نحو مستقل واستطعن من لا شىء صناعة كيانات مسرحية مستقلة حيوية أصبح لها حضور محلى وعربى ودولى، مثل: عبير على ونورا أمين وعفت يحيى وكريمة منصور وأخريات لا سبيل لحصرهن. 

شارك فى الملتقى أيضًا عدد من فنانات وصانعات المسرح البارزات، مثل الدكتورة عايدة علام؛ التى قدمت درسًا تأسيسيًا عن السينوغرافيا تناولت فيه تاريخ السينوغرافيا المسرحية أو ما أسمته بـ«الصورة المسرحية»، كما تحدثت عن دور السينوغراف فى تأمين الفضاء وتأثيثه بكل تفاصيله وعناصره المختلفة وقدرته على ترجمة الدراما والمعايير التى يجب أن يحترمها ويأخذها بعين الاعتبار حتى يحقق رسالته فى العرض المسرحى.

وترى عايدة علام أن سؤال «لماذا؟» سؤال مهم فى السينوغرافيا، شأنها شأن كل عناصر العرض المسرحى؛ حيث يجب أن تدرك الدلالة لكل مكونات الصورة المسرحية وكل عنصر لا يتحقق فيه هذا الشرط فهو زائد ومجانى. واستدلت بالعديد من الأمثلة لعروض مسرحية مصرية.

وجاءت مشاركة المخرجة والدراماتورج عبير على بالملتقى عبر درس تأسيسى استعرضت فيه رحلتها وكيف تطورت تجربتها من مصممة ديكور لمخرجة مسرحية، لدراماتورج ومؤسسة فرقة مستقلة لها توجهها الفنى والفكرى، وكيف كافحت لتأسيس مفاهيم جديدة ومختلفة فى المسرح حيث واجهت ممانعات فى طرح مسرح الحكى والمسرح المجتمعى بوصفهما مجالات مسرحية لها خصوصيتها وفنياتها، وكيف تنوعت تجاربها فى فرقة «المسحراتى» ما بين الحكى والتأريخ الاجتماعى وتجارب المسرح المجتمعى والمسرح التفاعلى وفقًا لمتطلبات كل عرض مسرحى.

واستعرضت عبير على أيضًا آليات الإنتاج المسرحى التى قدمت عبر عروضها ما بين مسرح الدولة والمسرح المستقل، وكذلك استعرضت التعاونات والتشبيك الذى أقامته مع عدد من المؤسسات الوطنية والدولية مثل المجلس القومى للمرأة وبروهيلفيسيا، سواء فى تقديم العروض المسرحية أو فى مجال رفع قدرات الفنانين من القاهرة وكافة المحافظات، مثل مشروع «صعيد تورج» و«نواة» وغيرهما، كما عرضت تجربتها العريضة فى إدارة الورش والتكوين المسرحى فى إدارة المسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة، حيث فعلت إطارًا نظريًا وعمليًا لمسرح الشارع، وصممت ونفذت عددًا من البرامج التدريبية النوعية بالمحافظات استهدفت شباب الفنانين.

وفى إطار مقترح بالتعاون بين مهرجان «إيزيس» الدولى لمسرح المرأة، برئاسة الممثلة والمخرجة المصرية عبير لطفى، وملتقى مبدعات المسرح الدولى بمراكش برئاسة دكتورة نزهة حيكون، قدمت عبير لطفى عرضًا تقديميًا لمهرجان «إيزيس»؛ كيف جاءت الفكرة ولماذا نقيم مهرجانًا لمسرح المرأة، حيث يستهدف المهرجان تمكين مبدعات المسرح والتشبيك مع الكيانات الشبيهة.

كما أشارت إلى سبب تسمية المهرجان باسم «إيزيس» فى شكل من أشكال إعادة الاعتبار للاسم من وصم استخدام الكلمة وإطلاقها على داعش، ولأن إيزيس هى التى جمعت أشلاء أوزوريس وأعادت إليه الحياة مثلما يجمع المسرح أشلاءنا.

وأظهرت عبير كيف يعمل مهرجان «إيزيس» وكيف شجع المهرجان على إنتاج عروض مسرحية معنية بقضايا المرأة عبر مسار «حاضنة نهاد صليحة للعروض المعنية بالمرأة» والتى أنتجت بدعم من مشروع «التحرير لاونج جوته» عددًا من العروض، كان من ضمنها عرض «المطبخ»، من تأليف وإخراج محمد عادل، والذى حصد عددًا من جوائز المهرجان القومى للمسرح، ومن ضمنها أفضل مؤلف وأفضل مخرج وأفضل إضاءة وأفضل ممثلة صاعدة، والذى عرض بالملتقى بمراكش ممثلًا للمسرح المصرى.

وتحدثت عبير لطفى عن مسار «بنات إيزيس» الذى تم بالتعاون مع مؤسسة «تماسى» للفنون الأدائية، والتى ترأسها أمانى أبوزيد، حيث تشاركا فى إنتاج ٥ أفلام عن صانعات المسرح المصرى، مثل: ميريت ميشيل- منال إبراهيم- عايدة علام- سهام عبدالسلام- نهاد أبوالعينين.

قدمت أيضًا وفاء الحكيم تجربتها المميزة مع مسرح الشمس، فى إنتاج عروض وتدريب ذوى الهمم وقدمت ورشة تخصصية لذوى الهمم بالمغرب، كما احتفى المهرجان بصانعات المسرح المصرى عبر تكريم الممثلة المسرحية صاحبة الخبرة والتجربة الممتدة: لبنى ونس، حيث ارتدت زى العروس المغربية وحملت على الأعناق حتى دخلت القاعة للحصول على التكريم، وجاء تكريمها تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل المسرحى الجاد. 

أخيرًا كان هذا التمثيل المكثف والمشرف دلالة على ازدهار مسرح المرأة وبروزه فى لوحة المسرح المصرى.