لحن قداسة البابا “تواضروس تو مكاريو” (٤)


بقلم: م. منــير وصـــفي بطـــــرس

باحث في موسيقى الألحان القبـطية

مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي

بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة

الفقرة الخامسة من اللحن (من الدقيقة 2:46- 3:23) وموضوعها (قيمته في العالم المسيحي ودوره المسكوني):

وهنا يرجع للجُملة اللحنية التي أخذها ليُعَبِّر عن بُعد مسافة المناطق البعيدة عن الأسكندرية في كلمة “ليبيس”، فأخذها هنا ليُعَبِّر عن معنى البُعد أيضاً، ولكن من مفهوم بُعد وعُلُو المكانة المسكونية التي يتمتع بها بابا الأسكندرية، فكرر هذه الجملة مرتين الأولى “تريتو كى ذى كاتو تون أبوسطولون” وهي مثل الجُملة السابقة “ليبيس….”، والمرة الثانية هنا في الجُملة التالية “كى كريتو تيس إيكوميني” ولكن مع تغييرات طفيفة في النغمات، وهنا يقول الفنان المحبوب والمُلَحِّن وعازف الكمان الحساس، أحد الأعضاء المُؤَسِسِين لفرقة دافيد المهندس إدوارد حنا، أن المُلَحِّن لهذا اللحن الرائع حول نغمة (فا دييز) لتكون هابطة قليلاً وال (مي بيمول) زائدة قليلاً، وهذا التغيير الطفيف يُسَمَّى عند الموسيقيين الشرقيين في المصطلح الدارج (حجاز غريب)، الذي أعطى إحساساً شرقياً متميزاً، ومن هذا المفهوم نقول أن كنيستنا القبطية الشرقية هي من وضعت الكثير من المفاهيم اللاهوتية، وكانت رائدة لجميع الكنائس الأخرى في العالم في تثبيت الإيمان؛ ولذلك نجد هنا أنه استخدم تعبيرَين مَسكونييَن لبابا الأسكندرية: الأول عندما قال (ثالث عشر الرسل) كامتداد لانتشار التبشير والايمان السليم في العالم، وكما قلنا أن هذا اللقب أُطلِقَ في مجمع نيقية المسكوني، والعبارة الثانية التي بها الإحساس الشرقي الواضح “كى كريتو تيس إيكوميني” (قاضي المسكونة)، الذي يُذَكِّرنا بالدور العظيم الذي قام به كل من البابا الكسندروس، والبابا أثناسيوس، والبابا تيموثاوس، والبابا كيرلس عمود الدين، والبابا ديوسقوروس، خلال المجامع المسكونية التي رأسوها، فمنهم من كان له الحق في إعلان الحرمان للهراطقة على لسان المجامع، وكل منهم كان له أقواله وكتاباته، التي أصبحت قوانين كنسية إلتزمت بها كل كنائس العالم، مثل القوانين الإثني عشر التي وضعها البابا كيرلس عمود الدين لتأكيد فكرة ألوهية السيد المسيح وأن السيدة العذراء هي والدة الإله، وينتهي هذا الجزء بنفس روح الختامات السابقة ولكن على ركوز الدرجة الثالثة (في مقام لراحة الأرواح) والذي يعتبر درجة الأساس (في مقام الحجاز) ونطلب فيه للأب البطريرك دوام رئاسته لسنين عديدة.

لحن تو ماكاريو (4) (وطني)

الفقرة السادسة من اللحن (من الدقيقة 3:24- 4:42 ) وموضوعها (طلب حفظ الله لرئاسته الكنسية لسنين عديدة):

وتتكون من خمس جمل لحنية “تون ذيسبوتين كى أرشي إيرى آإيمون – كيريي فيلاتى أفتو – إيسبولا إيتى ذيسبوتا (3مرات)” (سيدنا رئيس كهنتنا – يارب احفظه – لسنين عديدة. يا سيد (3 مرات)).

وهنا نجد ملاحظتين موسيقيتين: الأولى في البداية حيث يبدأ بنغمات ثابتة جَدِّية تُعطِي معنى الاحترام والوقار الذي يليق بقداسة البابا، والملاحظة الثانية عندما يَعلو في كلمة “أرشي” (رئيس) لتوضيح علو مكانته الكهنوتية، ثم نجد ملاحظة ثالثة في الاحساس الابتهالي الموجود في كلمة “كيريي” (يارب)، وفيها نتوسل إلى الله ونترجاه أن يحفظ رئيس كهنتنا لسنين عديدة، والملاحظة الرابعة في هذا الجزء في التكرار الموجود في عبارة “إيسبولا إيتى ذيسبوتا” (لسنين عديدة. ياسيد) ثلاث مرات متتالية، فحفظ راعينا لحياته ورئاسته لا يأتي إلا بقوة الله الواحد المثلث الأقانيم، والملاحظة الخامسة أنه أطال التكرارالثالث مع العلو التدريجي في الجملة اللحنية؛ ليؤكد مفهوم البُعد والطول وكثرة السنين التي نتمناها لقداسته، والملاحظة السادسة أنه عند كلمة “ذيسبوتا” (ياسيد) والتي فيها نخاطب الله، نجد أن النغمات تهبط كنوع من تقديم السجود لله استمطاراً لرحمته؛ حتى يَرعَى أبينا وراعينا قداسة البابا تواضروس الثاني بعنايته الإلهية، والملاحظة السابعة والأخيرةإضافة كلمة (ياسيد) التي لا يُفهَم سببها إلا من خلال اللغة الأصلية، حيث أنها جزء من إيقاع شعري وضعه المؤلف كالآتي: “يس بولا – إتي ذيسبوتا” وهنا نجد وزن شعري وقافية تعطي جمال لهذه العبارة ونجدها في اللحن تُسَلِّم بعضها البعض في الركوزات الموسيقية، لتكون هذه الجملة اللحنية المتكررة نهاية اللحن كتذييل ختامي لهذه الفقرة وهذا اللحن المُطرِب الجميل.

اللحن المُضَاف الختامي (من الدقيقة 4:42- 5:33) وموضوعه (طلب حفظ الله للإكليروس وكل الشعب):

وفيها تُضاف جُملة صغيرة تتغير حسب وجود الآباء المطارنة أو الأساقفة المجتمعين مع قداسة البابا، ثم تقال هذه الجملة الختامية: “مارى بي إكليروس نيم بي لاؤس تيرف – أوجاي خين إبشويس جي آمين إس إشوبي” (فليكن الاكليروس وكل الشعب – معافين من الرب آمين يكون)، وتتكرر هذه الجملة في نهايات ألحان أخرى في فترة قراءات البولس مثل: “بي إهوت غار” الصغيرة، و”بي إهموت غار” الكبيرة، ولحن “إي أغابي”، وهي تُعتَبَر الجُملة الختامية والبركة التى يعطيها القديس بولس في نهايات رسائله طالباً النعمة والسلام للجميع.

ومن الناحية الموسيقية فهذا الجزء في اللحن تكون سرعته التقريبية (105-115 نبضة في الدقيقة)، على إيقاع ثنائي، يتميز بروح الفرح والنشاط، وفيها يتحول اللحن إلى مقام البياتى؛ ليعبر عن البهجة،فيتكون من جملتين لحنيتين: الجُملة الأولى وهي من عبارتين موسيقيتين، ويكون الركوز الموسيقي على الدرجة الثانية (مي نصف بيمول) وهي درجة موسيقية ثانوية؛ فيكون هذا الجزء بمثابة سؤال يحتاج إلى جواب، وموضوعه إعطاء الكرامة للأب المطران أو الأب الأسقف أو مجموعة المطارنة والأساقفة الموجودين مع قداسة البابا،ثم تأتي الجملة الثانية وهي أيضا من عبارتين: الأولى ونلاحظ فيها التأكيد على كلمة “إكليروس” فتعلو النغمة قليلاً تعبيراً عن كرامتهم الكنسية، وكلمة “تيرف” (جميع) وفيها النغمات تطول تعبيراً عن جموع الشعب التي نطلب لأجلها من الله النعمة والسلام والعافية، ثم تأتي العبارة الثانية وفيها يثبت على درجة أعلى (فا) فيُعطِى علواًنوعاً في كلمة (الرب)، ويَثبُت عند كلمة (آمين) على نفس النغمة (فا) كتأكيد لهذه الطلبة، ثم يَثبُت بعدها على ركوز غريب حيث يثبت على الدرجة السابعة (دو)، ربما ليعبر عن سلام وحفظ الله الذي يفوق كل عقل، ويعتبرهذا الركوز أيضا تمهيد لنهاية اللحن على أساس المقام (رى)، ويكون هذا الجزء هو الجواب لما سبق،وموضوعه أن يكون الإكليروس بكل طغماته مع جميع الشعب متمتعين بسلام الرب وخلاصه ونعمته.

إن لحن “تو مكاريو من النماذج الرائعة والواضحة في ألحان كنيستنا التي توضح كيفية تلحين الكلمة، فمع أنه مُلتَزِم بأفكار محددة في جُمَلِهِ اللحنية؛ ولكنه أعطى لبعض الكلمات تعبيرات لحنية، واستخدم التغييرات المقامية بحرفية ووَعي؛ ليُعَبِّر عن مشاعر أو مفاهيم معينة، ولتوضيح الكلمات المحورية والهامة في هذا اللحن، كما أنه أعطى لكل فكرة لغوية في اللحن نهاية واضحة،فأعطى للحن قالب معين، مع أن الكثيرين قد يَلتَبِس عليهم الأمر أن هذا اللحن هو عبارة عن سياق واحد وجمل لحنية مسترسلة،ولكنه في الحقيقة له قالب أدبي وموسيقي معين، إن هذا اللحن العميق مدرسة في التلحين، نتمني أن نستفيد من أفكاره اللحنية في إنتاج الترانيم الروحية الحديثة، فنسير على نفس العُمق الذي كانت كنيستنا القبطية تسير عليه في عصرِها الذهبي.

رابط اللحن بصوت المعلم إبراهيم عياد:

قالب اللحن والأفكار التي يتكون منها اللحن

مع توضيح الكلمات الهامة التي أوضحها الملحن في لحن “توماكاريو” بلون مميز

تاريخ الخبر: 2022-12-08 09:21:47
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

أمطار رعدية على هذه المناطق.. اليوم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:23:47
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

قوات الاحتلال تهدم منزلًا في دير الغصون بالضفة الغربية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:22:21
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

الاحتلال يستهدف منازل في رفح الفلسطينية.. وتحليق للطيران فو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:22:25
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

كراهية وخطاب – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:23:04
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

اعتقال العشرات في معهد "شيكاغو" للفنون مع استمرار المظاهرات

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:22:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية