طرق الإرهابيين فى تضليل المؤمنين

 

كيف يتم تضليل المسلم العادى؟ ما الآليات التى يتم اتباعها لتحويله إلى إرهابى؟ كيف يتم استغلال عواطفه النبيلة لتوريطه فى خدمة الإرهاب؟.... أسئلة فى غاية الأهمية يجيب عنها الباحث أحمد بان فى كتابه: «قواعد الفكر الإخوانى الأربعون»، الصادر عن «دار المعارف»، فى ١٨٨ صفحة من القطع العريض.

تناول «بان» فى الكتاب طرق «الإخوان» لسلب عقول الناس عبر استغلال طريق الدعوة إلى الله، واللعب على المشاعر والعواطف لاستقطاب أكبر قدر ممكن منهم وتجنيدهم من خلال ما يعرف بـ«فقه الدعوة الفردية».

 

و«فقه الدعوة الفردية» هى طريقة اتبعها «الإخوان» من أجل أن يقتربوا بها من الناس، عبر دراسة خصائصهم النفسية والعاطفية بشكل جيد، ودراسة اهتماماتهم أيضًا من خلال «ماذا يحبون وماذا يكرهون».

وأوضح مؤلف الكتاب أن جماعة «الإخوان» الإرهابية كانت تلعب على الاستمالات العاطفية والدينية للمواطنين لجذبهم إليها بشكل كبير، عن طريق إشعارهم بأن الدين الإسلامى مستضعف ويواجه أزمة، وأن الدين لم يعد موجودًا، وأنهم من يحاولون عودته فى الواقع من خلال ما يسمى بـ«الجيل القرآنى الفريد»، وهو نفس المصطلح الذى استخدمه بعد ذلك سيد قطب وتنظيم «القاعدة».

وتطرق الكتاب إلى تاريخ الجماعة، قائلًا: «قبل أن يغادر الإنجليز أرض مصر الطاهرة، لم يكن غريبًا أن يسمحوا بتمدد تيار دينى يتقنع بقناع يحبه المصريون، وهو القناع الصوفى، ذلك القناع الذى ارتدته جماعة الإخوان المسلمين، التى كرست لمشروع مناهض للدولة الوطنية، مستبدلًا أخوة الوطن والمصير والتاريخ المشترك بأخوة العقيدة بين مواطنى دول مختلفة فى الحضارة».

وتمددت الجماعة تحت أعين الاحتلال البريطانى وحظيت بكل الدعم منه، فى سبيل إضعاف حزب الشعب وقتها وهو «الوفد»، الذى كان رافعًا لراية العمل الوطنى.

وكان مرور ١٠ سنوات على تأسيس تنظيم «الإخوان» فى عام ١٩٢٨ كافيًا لتكشف الجماعة عن حقيقة مشروعها، وأنها حزب سياسى مرتبط بمصالح الغرب الذى ادعت معاداته، التهم كل القوى الناعمة، وشوه الحياة السياسية المصرية على مدار عقود طويلة، بالشكل الذى تراجعت معه دعاوى الدولة الوطنية لحساب ما سمى لاحقًا فى عصر السادات بـ«دولة العلم والإيمان»، خاصة مع تعويل الرئيس السادات على هذا المكون الدخيل على ثقافة الأمة وتاريخها فى إضعاف القوى السياسية الوطنية، ما ساهم- مع عوامل أخرى متعددة- فى نجاحهم فى الوصول إلى حكم مصر.

وحكم «الإخوان» عامًا بائسًا تبدت فيه حقيقة مشروعهم التخريبى، حتى كاد البلد يدخل فى حالة الفوضى التى ضربت الإقليم، لولا يقظة هذا الشعب ومؤسسات الدولة، ووجود قيادة واعية مرت بالبلاد إلى شاطئ السلامة، فى ظل أجواء متلاطمة من الفتن عصفت بجل الإقليم.

ورغم الانكشاف السياسى والأخلاقى لهذا التنظيم، الذى عاينه المصريون على مدار الأعوام القليلة السابقة، بدءًا من ٢٥ يناير ٢٠١١ وحتى لحظة ٣٠ يونيو التاريخية، إلا أن الكثير من أفكار الجماعة المؤسسة للعنف والإرهاب وتهديد وحدة المجتمع المصرى، لا زال بحاجة إلى مزيد من الشرح والتوضيح والكشف.

ويعد هذا الكتاب مكاشفة لأفكار وسلوك الجماعة، ومساهمة فى أهم صناعة يحتاجها الوطن، وهى صناعة الوعى للأجيال المقبلة، وذلك عبر تسليطه الضوء على ٤٠ قاعدة كانت بمثابة قوانين «الإخوان» فى أسلوب إدارتهم لأنفسهم، ومن الأسس التى علموها للأجيال التابعة لهم.

من هذه القواعد التى كشفها المؤلف «المظلومية» التى هى سلاح الجماعة المفضل فى كل المعارك والأحداث التى تمر بها وتفعلها، إلى جانب الفتاوى التى استخدموها فى خدمة التنظيم، عبر إصدار الكثير من الفتاوى التى تخدم أجندتهم ومصالحهم الشخصية.

هناك أيضًا الكذب الذى هو سمة من سمات «الإخوان»، فهم يكذبون كما يتنفسون، علاوة على الثقة فى المرشد والتعامل معه كأنه «نبى» أو «ولى أمر».

ودائمًا ما يدفع الفقراء الثمن فى المعارك، بحسب ما تناوله الكاتب، الذى أكد أن ضحايا معارك الجماعة هم الفقراء الذين يدفعون الثمن، موضحًا أن «حكمة قيادات الإخوان ارتضت بأن يحتفظ الأغنياء بالسلطة، بينما تركت المسئولية والمؤونة والتضحية بعهدة الفقراء، الذين مضوا مغمضى العيون نحو المحرقة تلو الأخرى، وهم يتمتمون الدعاء للقيادات المؤيدة من قبل الله، التى ظنوها تضحى من أجل الدين والوطن، وهى فى الحقيقة محنة الدين ونكبة الوطن».

وعند الدخول فى المعارك لا تفرق قيادة «الإخوان» كثيرًا بين المعارك الانتخابية والمعارك الحربية مع الدولة المصرية، التى وسموا جيشها وشرطتها بأنها «أجهزة احتلال»، فكل المعارك لديهم متساوية ما دامت فى سبيل أن يحكموا البلد، وقبل نهاية كل موقعة يستبق موقع الجماعة الحدث بالحديث عن عشرات الضحايا بأرقام مبالغ فيها، ومع مرور الوقت يتراجع ليقترب من الرقم الرسمى للضحايا.

ومن الأمور المهمة التى تطرق لها الكاتب المرأة، التى لعبت العديد من الأدوار فى تاريخ الجماعة، كشفت التناقض والازدواج فى أفكار حسن البنا، وما مارسه هو وحض عليه، ومن ذلك الموقف من المرأة الذى لخصته كلماته: «فهل كان فى إرسال حسن البنا وفدًا نسائيًا إلى قصر الملك فاروق يحملن مذكرة تفند أسباب حل الجماعة وتناشد الملك إلغاء قرار حل الجماعة عملًا من أعمال البيت ورعاية الأسرة؟ ألم يخالف حسن البنا ما دعا هو نفسه إليه من عدم اختلاط المرأة بالرجل؟ بل وقيامها بنشاط سياسى يخالف ما تعلمته وأعدها المجتمع له وفق تفسيره واختياره، هذا التناقض الدائم بين النص المكتوب لدى الجماعة وممارستها».

وتساءل الكاتب: «هل كان من قيم الإسلام أن تخرج نساء الجماعة فى المشاهد التى تلت خروج الجماعة من الحكم، يمارسن العنف المادى واللفظى فى الجامعات ويتفوهن بالألفاظ الخارجة، أم أنها السياسة التى هى داء الجماعة منذ نشأتها، ودفعتها إلى الدفع بالنساء فى كل محطات التدافع السياسى، بدءًا من دورهن فى الدعاية والإعلان لمرشحى الجماعة، وتربية الأولاد على كراهية الدولة والمجتمع، وتنشئتهن منفصلين عن الشعور الوطنى، خصوصًا مع امتلاك الجماعة جيشًا من المعلمات فى وزارة التعليم تحركهن فى مهمة تسميم عقول الأبناء؟».

ولا زالت الجماعة تستخدم هذه الشريحة من السيدات بشكل مكثف فى الدعاية التليفزيونية، عبر قنوات الفتنة والتكفير التى تنطلق من الخارج بالنظر لطبيعة الشعب العاطفية، وبعد مراجعة لحجم المشاركة النسائية فى مظاهرات الجماعة يكشف أن النساء يمثلن أكثر من ٦٠٪ من حجم تلك التظاهرات، بما يكشف انتهازية التنظيم وهشاشة بنائه الأخلاقى الذى لا يجد غضاضة فى المتاجرة بآلام الناس وتضحياتها، لتبقى المرأة مجرد أداة من أدوات التنظيم يلقى بها فى محرقة الحكم دون أى وازع دينى وأخلاقى.

واختتم الكاتب كتابه بكلمات على الغلاف: «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لعدت بالإخوان إلى زمن المأثورات.. لهذا خلق الله الندم».. مقولتان نسبتا لحسن البنا مؤسس «الإخوان»، الذى لا زالت أفكاره تمثل القلب الصلب لأيديولوجيا «الإخوان»، تحتل مكانها المركزى فى قلوب أتباعه، مات البنا وماتت معه أفكاره أو نواياه الأخيرة.

لم يعد «الإخوان» إلى زمن المأثورات فى إشارة إلى البقاء كحركة تربوية اجتماعية لا تطمح للحكم ولا تنافس عليه، لم يندموا على الجمع بين الدعوة والسياسة، وامتد عمر التنظيم فى رجال النظام الخاص، الذين رباهم «البنا» وعهد إليهم بحلمه فى حيازة السلطة، اختباء خلف غلالة القيم البراقة وسلوك الأعضاء المصطنع.

مضى الأعضاء متحلين بالسمع والطاعة خلف قيادات تداولت عليهم، فجسدوا بالحال والمقال والممارسة أفكارًا أحاول الاشتباك معها عبر ٤٠ قاعدة، تجسد عشق الأعضاء لهذا الحلم الواهم، وتصف فى الوقت ذاته ولا تزهد فى مسحة عقل لدى من بقى مخلصًا لأفكاره، بعض حقائق هذا التنظيم الذى لا يزال كجبل الجليد لم نعرف سوى القليل عنه.

تاريخ الخبر: 2022-12-08 21:21:29
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 03:25:39
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 03:25:32
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية