بدا المدرب فرناندو سانتوش متردداً لفترة طويلة في التعامل مع مسألة كريستيانو رونالدو احتراماً لقيمته المعنوية والفنية وتاريخه، لكنه تحلى بالجرأة خلال ثمن نهائي مونديال قطر وأعطى ذلك ثماره بفوز جماعي كاسح على سويسرا 6-1.

والآن يجد سانتوش نفسه أمام معضلة البدء برونالدو في مواجهة ربع النهائي السبت ضد المغرب، أو إبقائه على مقاعد الاحتياط ومنح الفرصة مجدداً للشاب غونسالو راموس الذي خطف الأضواء الثلاثاء بتسجيله ثلاثية في الفوز على سويسرا (6-1).

كانت المسؤولية الملقاة على عاتق ابن الـ21 عاماً كبيرة جداً كونه يخوض أول مباراة دولية له أساسياً، والأهم من ذلك أنه حل بدلاً من لاعب يتمتع بمكانة وهالة كبيرتين على مر السنوات ويملك ألقاباً لا تعد ولا تحصى.

ورغم الأجواء الوردية التي يحاول المعسكر البرتغالي نشرها عن رونالدو ودوره القيادي، فلا أحد يمكنه أن يمحو الصورة السلبية التي ظهر بها في الدوحة بسبب تذمّره الدائم، ومطالبته باحتساب هدف له على حساب زميله برونو فرنانديش، أو حتى الاعتراض على قرار سانتوش باستبداله، ما دفع الأخير إلى انتقاده علناً.

وأقر سانتوش الاثنين بأنه لم يكن راضياً عن تصرّف رونالدو الذي بدا غاضباً عند استبداله في المباراة الأخيرة من دور المجموعات ضد كوريا الجنوبية الجمعة (1-2).

وقال خلال مؤتمره الصحفي: "رأيت المشاهد ولم تعجبني أبداً... لم تعجبني أبداً".

القليل من رونالدو

بدا رونالدو كأنه عقبة في وجه منتخب وجد نفسه مجبراً على التعامل يومياً مع أسئلة الصحفيين عن رونالدو، بعد الهجوم الذي شنه على فريقه مانشستر يونايتد ومدربه الهولندي إريك تن هاغ، ما دفع النادي الإنجليزي إلى التخلي عنه.

وبالنسبة إلى لاعب بحجم رونالدو الذي كان صورة المنتخب لقرابة عقدين من الزمن بمبارياته الـ195 وأهدافه الـ118 (رقم قياسي دولي)، أن تخوض بطولة بحجم كأس العالم وكثيرون يتحدثون عن ضرورة استبعاده كي لا يؤثر على أداء المنتخب، فهذا مؤشر على سوء وضع أفضل لاعب في العالم لخمس مرات.

ووصل الأمر بالبرتغاليين إلى المطالبة بعدم إشراك رونالدو، كما فعلت صحيفة "آ بولا" حين خرجت بعنوان "قليل من رونالدو، مزيد من البرتغال".

والقليل من رونالدو أعطى فائدته في الدور ثمن النهائي ضد سويسرا، إذ بدأ سانتوش اللقاء من دون قائده البالغ من العمر 37 عاماً، ليتحرّر المنتخب تماماً من "سطوته" ويخرج منتصراً بنتيجة كاسحة على سويسرا.

وتجلى ثقل رونالدو بخروجه الثلاثاء من ملعب لوسيل الذي دخل إليه بديلاً، وهو عابس من دون الاحتفال مع زملائه.

ومنذ استلامه المهمة في سبتمبر/أيلول 2014 عجز سانتوش عن التخلص من رونالدو الذي بدأ جميع مباريات كأس العالم أساسياً باستثناء واحدة في مشاركته الأولى عام 2006 ضد المكسيك.

وبدا المدرب البالغ 68 عاماً عاجزاً عن الوقوف في وجه "جوع" رونالدو لاحتكار الأضواء حتى في المباراة الهامشية ضد كوريا الجنوبية التي لعبها أساسياً، على الرغم من أن بلاده كانت ضامنة تأهلها.

وعندما أخرجه سانتوش في الشوط الثاني لم يعجبه الأمر بتاتاً ما دفع البعض إلى اعتبار قرار مدربه عدم إشراكه أساسياً ضد سويسرا بمثابة عقوبة نفاها المدرب.

التوليفة المناسبة في الوقت المناسب؟

ومثلما حصل في الفوز على الأوروغواي 2-صفر في الجولة الثانية من دور المجموعات حين انشغل الناس بمسألة مطالبة رونالدو بالهدف عوضاً عن احتسابه لبرونو فرنانديش، كان لقرار سانتوش إبقاء نجم ريال مدريد ويوفنتوس السابق خارج التشكيلة تبعاته، حتى إن صحيفة "ريكورد" زعمت أن أفضل لاعب في العالم خمس مرات هدد بمغادرة المنتخب، قبل أن يعود عن قراره.

وخلال مؤتمر صحفي عقد الخميس اضطر لاعب الوسط أوتافيو إلى التعامل مع أسئلة الصحفيين بشأن رونالدو الذي علّق بدوره على هذه الأنباء بقوله على إنستغرام: "تتميز هذه المجموعة بلحمة كبيرة ومن الصعب على أي قوة خارجية تحطيمها.. هذا فريق حقيقي سيدافع عن الحلم حتى النهاية".

وختم قائلاً: "أمتنا شجاعة للغاية ولا يمكن تخويفها من قبل أي خصم".

بالنسبة إلى سانتوش ورغم أنه كان مهندس اللقبين الوحيدين في تاريخ البلاد (كأس أوروبا 2016 ودوري الأمم الأوروبية 2019)، فكان دائماً عرضة للانتقادات بسبب تركيزه على النتائج عوضاً عن الأداء الاستعراضي.

لكن بعد الذي قدمه الثلاثاء ضد سويسرا، إن كان من ناحية التشكيلة التي ضحى فيها أيضاً بظهير مانشستر سيتي، جواو كانسيلو، لصالح رافاييل غيريرو، أو الأداء، فهل يمكن القول إنه وجد التوليفة المناسبة في الوقت المناسب؟

TRT عربي - وكالات