الصين نموذجًا


أدهشت المعجزة الاقتصادية الصينية العالم بأسره. قفز ناتجها المحلى الإجمالى من 6% من ناتج الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981 إلى أكثر من 70% فى عام 2021، وما يزعج أمريكا أن تتجاوزها خلال العقد القادم. أيضا تجاوز حجم الاقتصاد الصينى لأول مرة نظيره الفرنسى عام 2005، وأصبح يوازى خمس مرات حجم الاقتصاد الفرنسى عام 2020. وأربعة أضعاف الاقتصاد الألمانى، وثلاثة أضعاف الاقتصاد اليابانى. هذه الأرقام هى دلالة على مدى نجاح الصين فى التنمية وانخراطها فى الاقتصاد العالمى.

التجربة الصينية تجربة جديرة بالاستفادة منها لكثير من دول العالم خاصة النامية منها والتى تمتلك إمكانات بشرية ومصادر طبيعية، مع الأخذ فى الاعتبار الخصائص المختلفة لكل دولة.

نجاح الصين اعتمد على التغيرات الاقتصادية الكبيرة فى العالم التى تبلورت فى موجة العولمة فأتاحت ظرفا مواتيا، ونجحت القيادة السياسية فى التكيف للاستفادة من هذه المتغيرات.

أدركت القيادة مبكرا أهمية تخليص البلاد من الفقر وفتح أبوابها على مصراعيها أمام العالم الخارجى لمواكبة الاقتصاد العالمى من خلال التعامل الإيجابى مع موجة العولمة، وبالتالى التعامل ببرجماتية واضحة كما ذكرنا أمس، بهدف تحقيق التنمية بأى وسيلة، ويترافق معها تحسين معيشة الشعب، ومحاربة ثنائية الفقر والفساد.

اكتشفت القيادة الصينية، عن حق، أن التنمية هى المفتاح لحل مشاكل الصين كافة، وأن التنمية مصدر للشرعية السياسية، وسبيل لكسب ولاء الشعب للدولة والحزب والقيادة.

ركزت الصين على زيادة الإنتاج الزراعى والصناعى، واستكمال إنشاء البنى التحتية فى كل البلاد، ريف وحضر، وإنشاء نظم قانونية وحوكمة الشركات الجديدة. كان المفهوم الحاكم: «تمهيد الطرق بداية الثراء»، «لا استقرار بدون الزراعة، لا ثروة بدون الصناعة».

فى إطار التفكير البرجماتى تخلصت الصين من القيود العقائدية، ولم يعد لمفهوم الاشتراكية شكل موحد أو قالب جامد لا يتغير. واعتمدت الإصلاح التدريجى، بإجراء اختبارات للتأكد من صواب وفعالية السياسات والإجراءات، مما جنب مخاطر التغير الاجتماعى المفاجئ وضمن الاستقرار الذى أمّن استمرارية مسيرة الإصلاح. مثلا، جرى تطبيق السياسات الجديدة، فى البداية فى أربع مدن ساحلية فقط، ثم امتدت إلى أربع عشرة مدينة، حتى تم تطبيق سياسة الانفتاح فى جميع المناطق.

فتحت الصين أبوابها على العالم بشكل كامل، حسنت العلاقات مع العالم الغربى، وانتهجت سياسة حسن الجوار، وتطوير الصداقة التقليدية مع الدول النامية، وتحولت من اقتصاد معزول عن النظام الاقتصادى العالمى إلى أكبر مستفيد من العولمة. اجتذبت رصيدا هائلا من الاستثمار الأجنبى وفتحت الأبواب لكبريات الشركات العالمية، فتعلمت منها التكنولوجيا العالية وأساليب الإدارة الحديثة، فارتفعت القدرات التنافسية للشركات الصينية.

اعتمدت الصين نظام السوق آلية أساسية للاقتصاد، بما يضخ الحيوية فى الاقتصاد ويفجر روح المبادرة للأفراد ويخلق بيئة أعمال جيدة. فاقتصاد السوق الحرة يلعب دورًا مهمًا فى إشراك القطاع الخاص فى عملية التنمية، وتشجيع الشركات المتوسطة والصغيرة والناشئة وريادة الأعمال بحيث بلغت مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد الوطنى نحو 60%، من مجموع الضرائب المحصّلة. وتلعب الشركات المملوكة للدولة دورًا رئيسيًا فى الصناعات الاستراتيجية، وتتحكم فى شرايين الاقتصاد القومى، أما أغلب القطاعات فيقوم فيها القطاع الخاص والمشترك بالدور الرئيسى. الموضوع كبير لكن الاستفادة منه ممكنة.

نقلاً عن "المصري اليوم"

تاريخ الخبر: 2022-12-10 15:18:05
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 79%
الأهمية: 100%

آخر الأخبار حول العالم

الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:27:21
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

الشعباني: "سنواجه فريقا متمرسا في نهائي الكونفدرالية"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:27:20
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة ويقرر البقاء في منصبه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:37
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 50%

رئيس ريال مدريد يهاتف مبابي عقب التتويج بالدوري الفرنسي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:13
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

سانشيز يتراجع عن قرار الاستقالة ويقرر البقاء في منصبه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 15:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية