عن كتابه «نعيمة عاكف.. التمر حنة».. ماهر زهدي: ليست مجرد ممثلة عابرة

قليلون في تاريخ فن التمثيل، في السينما تحديدا، هم من يستحقون أن يطلق عليهم لقب "الممثل النجم"، مقابل كثيرين ممن يقال عنهم "الممثل البارع"، ذلك الذي وقف حظه العاثر، حائلا بينه وبين بلوغ مرحلة "النجومية"، فيما يوصف بعضهم بلقب "النجم" بسبب فرصة قادها له القدر، يندر أن ينالها آخرون، قضوا جل أعمارهم في أعمال تعد من النوادر"..

بتلك الكلمات استهل الكاتب والمؤرخ الفنى ماهر زهدى مقدمة كتابه الجديد والمقرر صدوره خلال أيام عن دار ريشة للنشر؛ تحت عنوان "نعيمة عاكف..التمر حنة".

ومن أجواء الكتاب نقرأ :" بين هؤلاء وأولئك، يقف مجموعة قليلة ممن يمكن وصفهم بـ "الممثل النجم" وتنطبق عليهم مواصفات هذا اللقب، من براعة في الأداء في كل ما يقومون به من أدوار، فضلا عن إجادة الرقص والغناء، وفن الاستعراض، أضف إلى ذلك كله القبول وحب الجماهير له، وتمتعه باللمعان والبريق، وهالة النجومية التي تفرضها ما يسمى بـ"الكاريزما"، التي يخصه بها الله وحده دون غيره.

وسط نوعية "الممثل النجم"، تتخذ نعيمة عاكف موقعا متميزا بين نجوم ونجمات عصرها، بل والعصرين السابق واللاحق عليها، بعد أن ملأت الدنيا رقصا وغناءً وتمثيلا واستعراضات مختلفة ومميزة، طوال ما يقارب من ثمانية عشر عاما من تاريخ السينما المصرية، لتؤكد للجميع أنها ليست مجرد ممثلة عابرة جاءت خلال عصرها، لتكون مجرد ممثلة أو راقصة في مرحلة، تعبرها السينما المصرية لمراحل أخرى. 

رغم أن دور الراقصة لم يكن جديدا عليها، إلا أن الاختلاف كان في نعيمة نفسها، فالمتأمل لتاريخ السينما المصرية والعربية، لن يجد فنانة تم استلهام الكثير من أسماء أفلامها من ملامح ومواصفات شخصيتها الحقيقية، مثلما حدث مع نعيمة عاكف، في أغلب أفلامها التي عبرت بصدق عن شخصيتها، كما لم يكن لفنان أو فنانة نصيب من أحداث أفلامه مثلما كان لنعيمة عاكف، نصيب من قصص وأحداث أفلامها.

وقدمت نعيمة عاكف على مدار مشوارها الفني القصير، خمسة وعشرين فيلما، ولو أن هناك مخرجا بارعا قام بانتقاء ما بين ثلاثة إلى أربعة مشاهد من كل فيلم لها، وقام بتركيبها إلى جوار بعضها البعض، وفقا لتسلسل الأحداث، لصنع منها فيلما يحكي حياة نعيمة عاكف، بذلك الحضور الطاغي كممثلة والأداء السهل، رغم دقته وتنوعه، فلا تستطيع أن تعرف، هل أنت أمام "لاعبة أكروبات" أو "راقصة" احترفت الرقص منذ سنوات بعيدة، أو فتاة استعراض لديها كل أدوات العمل الاستعراضي تختار منها ما تشاء، وفقا للدور الذي تلعبه؟ سواء كانت الفوارق واضحة أم خفية، ما بين فتاة السيرك التي تقفز على الحبال أو "راقصة الكلاكيت" التي تلقي المونولوج، و"الغازية" التي ترقص في "الموالد والحانات" والفتاة البسيطة ابنة "شارع محمد علي"، أو الموهوبة التي يقفز فجأة من قاع المجتمع إلى قمته، لتعلو فوق الجميع، وغيرها من الأدوار التي جسدتها للسينما.

لم تشبه نعيمة عاكف سوى نفسها، بتلك الملامح المصرية الخالصة، فهي الفقيرة المحبوبة ابنة حارة "العيش والملح"، و"اللهلوبة" الممتلئة شقاوة وفنا، كما تبدو في "لهاليبو"، وهي "المعجونة بالفن" ابنة الفنان الأصيل في "نور عيوني"، ومطربة الموالد في "تمر حنة"، وابنة السيرك التي نشأت وتربت في أركانه في "فتاة السيرك"، والفنانة التي يرسل لها القدر من يكتشف موهبتها ليقدم سحر فنها إلى الجمهور في "بحر الغرام"، وهي التي تعيش من أجل أن تضحي لغيرها، حتى لو كان الثمن حياتها، كما في "عزيزة"، وهي التي تعاني من تمرد الأب على حياته الزوجية، للبحث عن زوجة جديدة شابة، ليكون الأبناء هم الضحية الأولى.

كما قدمت في "بابا عريس"، وهي التي رغم كل مواهبها وتألقها ولمعانها، العاشقة للرقص، لم تنس لحظة أن تكون "ست البيت"، حتى عندما أصبحت واحدة من أكبر نجمات الوطن العربي، الأمر الذي فرض عليها مستوى اجتماعيا مختلفا عما ولدت وعاشت فيه، لم تنس يوما أن تظل كما هي "بنت بلد" كما هي "بلدي وخفة".. وغيرها العديد من حكايات أفلامها، التي تكاد تصل إلى حد التطابق مع حياتها الشخصية، والتي لا شك أن نعيمة نفسها أسهمت في صنع أحداثها، عبر الكثير مما روته عن حياتها، منذ ولادتها ونشأتها في "سيرك أولاد عاكف" مرورا بطفولة وصبا يمتزجان بالشقاوة والشقاء، حيث كان النصف الأول من حياتها ممتلئا بالأشواك التي لم يقدر على السير عليها وتحمل وخزها سواها، قبل أن يبتسم لها الحظ في النصف الثاني من حياتها، وتصبح واحدة من أهم نجمات مصر والوطن العربي، وأغلاهن أجرا.

كادت نعيمة أن تجسد واحدة من الأساطير النادرة في تاريخ التمثيل والغناء والموسيقى والاستعراض المصري والعربي، ولم تستطع أي من نجمات جيلها، أو الجيل التالي عليها، أن يوقفن "هرولتها" نحو القمة، ولم يستطع أن يوقف زحفها نحو عالم الأساطير سوى المرض، ليقوم القدر بهذه المهمة الصعبة، فلم تدم الابتسامة طويلا، وسرعان ما كشر لها القدر عن أنيابه، بل ولم يكتف بذلك، وراح يغرز هذه الأنياب في جسدها النحيل ليفترسها، لينتهي بريق الشهاب فجأة، كما لمع فجأة وبشدة، في سماء الفن المصري والعربي!".

تاريخ الخبر: 2022-12-12 21:21:33
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

القسام: قصفنا بالاشتراك مع كتائب الشهيد جهاد جبريل قوات الاح

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:22:16
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 63%

أسيوط: استمرار أعمال إنشاء سوق حضري بالكوم الأحمر بالبدارى

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:21:42
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

جوزيه يعقد مؤتمر صحفي غدًا

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:21:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 65%

"استهانة بقدرات حماس".. تحقيق إسرائيلي جديد يكشف فشل الجيش ف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:22:11
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

فريق الزمالك يخوض تدريبه اليوم

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:21:43
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

القوات الهندية تغادر جزر المالديف

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:22:27
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 62%

انطلاق مسيرة في العاصمة الأردنية دعما لغزة وللتحذير من اجتيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:22:21
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية