القمة الأمريكية الأفريقية.. ما المخاطر التي تواجهها القارة ا


(دويتشه فيله)

تعقد القمة الأمريكية-الأفريقية الثانية في واشنطن بمشاركة نحو خمسين وفدا من القارة السمراء. وستكون القضايا الأمنية والاقتصادية والتعافي من جائحة كورونا على رأس جدول الأعمال. فيما يسعى القادة الأفارقة لشراكة أكثر عدلا.

يرى مراقبون في القارة الأفريقية أن القادة الأفارقة خلال مشاركتهم في القمة الأمريكية-الأفريقية الثانية التي تنطلق يوم الثلاثاء في العاصمة الأمريكية واشنطن، يجب أن يضغطوا من أجل إبرام صفقة تجارة عادلة والتوصل إلى شراكة اقتصادية أفضل مع الولايات المتحدة.

القمة التي تستغرق ثلاثة أيام ستشكل مناسبة للإعلان عن استثمارات جديدة وبحث الأمن الغذائي الذي تراجع مع الحرب في أوكرانيا والتغير المناخي، لكن أيضا الديمقراطية والحوكمة.

يشارك في القمة قرابة 50 وفدا رفيع المستوى يمثلون بلدانا أفريقية في أول قمة من نوعها تعقدها الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس جو بايدن. فيما يرى مراقبون أنه يتعين على قادة أفريقيا عدم اقتصار مشاركتهم في القمة على الحضور، بل يجب إحداث تأثير.

وفي ذلك، قال دانيال أماتي أنيم ، كبير الاقتصاديين في "مبادرة السياسة للتنمية الاقتصادية في أفريقيا"، في مقابلة مع DW"لا ينبغي أن يكون الأمر يتعلق بقضية المشاركة وحضور القمة فحسب، بل يجب تحديد ما تحتاجه القارة الأفريقية وبعث رسالة مفادها أننا مستعدون للعمل مع الولايات المتحدة". وشدد على ضرورة أن يكون على رأس أولويات القمة التفاوض على إبرام اتفاقيات تجارية عادلة لتحسين الوضع الاقتصادي في البلدان الأفريقية.

بدوره، أكد مارتن آدات، المتخصص في الشؤون الأفريقية والمحلل السياسي المقيم في العاصمة الكينية نيروبي، على ضرورة ألا يشارك الزعماء الأفارقة في القمة "بهدف التسول"، على حد قوله. وأضاف في مقابلة مع DW"يجب أن يدشنوا شكلا من أشكال الشراكة التي تخلق مناخا يربح فيه الجميع".

يشار إلى أن قانون النمو والفرص في أفريقيا المعروف اختصارا بـ "أغوا" مازال في صميم السياسة الاقتصادية للولايات المتحدة فيما يتعلق بالتعاون التجاري مع أفريقيا منذ صدوره في عام 2000.

ومنذ ذلك الحين، وفر القانون لدول أفريقيا جنوب الصحراء المؤهلة فرصة إدخال أكثر من 1800 منتج إلى السوق الأمريكية معفاة من الرسوم الجمركية، بيد أن هذا القانون منذ صدوره يقلق د. أنيم الذي يؤكد أن التشريع لم يمهد الطريق أمام اكتشاف كافة الإمكانيات التي تزخر بها القارة السمراء.

وتزامن هذا مع قرب انتهاء سريان القانون وتحديدا عام 2025 وسط توقعات بأن تقدم إدارة بايدن على إجراء تعديلات على القانون من أجل تعزيز الاستفادة من إمكانيات أفريقيا.

الولايات المتحدة خلف الصين في التجارة مع أفريقيا

يشار إلى أن اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية دخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير عام 2021 بهدف إنشاء أكبر منطقة تجارة حرة في العالم. وقد تزامن ذلك مع نمو النفوذ الصيني في أفريقيا خاصة في الشق التجاري والاقتصادي الذي تجاوز المعدل الأمريكي.

وفي ذلك، يقول آدات "لم يعد قانون أغوا ذا فعالية كبيرة كما كان الحال في عهد الرئيس كلينتون، حيث كان له تأثير كبير في تلك الفترة الزمنية. لكن الآن فإن معظم السلع المصدرة لا يتم إنتاجها في القارة، إذ أن المواد الخام تأتي من الصين".

وفي هذا الصدد، قال الاتحاد الأفريقي إن القمة الأمريكية-الأفريقية سوف تتضمن "مبادرات جديدة لزيادة المشاركة الأمريكية مع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية".

وتتربع الصين على عرش التجارة الدولية في أفريقيا حيث بلغ الاستثمار الصيني المباشر في القارة ضعف المعدل الأمريكي فيما باتت بكين أكبر مقرض للقارة السمراء.

وقد كشفت بيانات خدمة أبحاث الكونغرس عن أن الصين أبرمت في عام 2020 وحده اتفاقيات بقيمة 735 مليار دولار مع 623 شركة، فيما بلغت قيمة 800 صفقة تجارية واستثمارية مع 45 دولة أفريقية أكثر من 50 مليار دولار العام الماضي.

وأفادت البيانات بأن الولايات المتحدة استثمرت 22 مليار دولار في 80 شركة فقط في أفريقيا خلال نفس الفترة.

وكان لجوء بعض بلدان القارة الأفريقية إلى الصين وروسيا، قد أثار مخاوف الولايات المتحدة التي دعت بلدان القارة إلى توخي الحذر من تعزيز الاعتماد على موسكو أو بكين، ومن المتوقع أن تتطرق القمة إلى هذا الأمر.

وفي هذا السياق، قال آدات "الصين تفوقت على أمريكا (في أفريقيا) والآن تحاول البلدان الغربية بقيادة الولايات المتحدة إيجاد طريقة للعودة إلى أفريقيا لتعزيز النفوذ الغربي".

بدورها، أكدت نائبة مساعد وزير الدفاع الأمريكي للشؤون الأفريقية، شيدي بلايدن، الأسبوع الماضي على أنه سيتعين على الولايات المتحدة مراجعة موقفها وشراكاتها مع بلدان القارة السمراء. وقالت بلايدن "لقد أخبرنا شركاؤنا الأفارقة أنه لا يجب أن يُفرض عليهم الاختيار بين العمل مع الولايات المتحدة أو شركاء دوليين آخرين مثل الصين. ونحن نتفق ونحترم ذلك. "

وأضافت أن المسؤولين الأمريكيين سيكونون منفتحين خلال القمة الأمريكية-الأفريقية على "فهم ما يحتاجه شركاؤنا الأفارقة، وهذا يعد جزءا من المشاركة التي سنعمل على تحقيقها بما يشمل الاستماع والوقوف على المناطق التي يمكننا أن نسد الفجوة فيها أو العمل مع الشركاء الآخرين بما في ذلك الصين".

الدعم الأمني ومواجهة التحديات

وفي سياق آخر، قال آدات إنه يتعين على القادة الأفارقة خلال قمتهم مع الإدارة الأمريكية الحصول على دعم أمريكي أكبر لتحسين الأمن خاصة في الصومال وبلدان منطقة الساحل، في ضوء استمرار الهجمات التي تشنها الجماعات الإرهابية.

وأضاف أن "الأمريكيين لديهم اهتمام خاص بمنطقة القرن الأفريقي. وبالتالي فإن حالة عدم الاستقرار التي تعصف بالصومال تؤثر على النشاط الأمريكي في تلك المنطقة".

بدورها، أكدت بلايدن الأسبوع الماضي على التزام بلادها بالعمل "مع شركائنا الأفارقة لمواجهة التحديات في غرب إفريقيا وكذلك في منطقة الساحل".

وشددت بلايدن على أن الولايات المتحدة لا تعتزم التركيز على النهج العسكري باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمات الأمنية في القارة الأفريقية، مضيفة "بدلا من السعي إلى قصر الأمر على النهج العسكري، نحاول التعلم من الجهود السابقة في منطقة الساحل والتأكد من أن لدينا شراكة وتعاون مع شركائنا الأفارقة للقيام بذلك."

مجالات أخرى للتعاون

يشار إلى أن القمة الأمريكية-الأفريقية الأولى عُقدت في عام 2014 في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث جرى مناقشة مبادرات عديدة في مجالات الطاقة والخدمات المالية وتغير المناخ والأمن الغذائي والرعاية الصحية.

وتوقع مسؤولون في البيت الأبيض أن تتصدر القضايا ذاتها أولويات القمة الثانية، مع التركيز بشكل أكبر على تعزيز التجارة الثنائية ومبادرات الاستثمار بين الدول الأفريقية والولايات المتحدة.

الجدير بالذكر أن القارة الأفريقية ما زالت تئن تحت وطأة التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، مما أثقل كاهل بلدان القارة.

وفي ذلك، قالت مفوضية الاتحاد الأفريقي إن القمة ستركز على المبادرات التي من شأنها "تعزيز تعافي القارة من جائحة كورونا. فيما تأتي ضمن الأولويات أيضا سبل تعزيز الأمن الغذائي وتشجيع الاستثمار في مشاريع البنية التحتية والصحة والطاقة المتجددة".

وفيما يتعلق بالدول المشاركة في القمة الأمريكية-الأفريقية، فليس جميع بلدان القارة ممثلة في القمة، إذ ذكر البيت الأبيض أنه لم يتم دعوة خمس دول أفريقية هي: بوركينا فاسو ومالي وغينيا والسودان بسبب قيام الاتحاد الأفريقي بتعليق عضويتها عقب موجة انقلابات.

ولم تتم دعوة إريتريا لعدم وجود علاقات دبلوماسية لها مع الولايات المتحدة. فيما لن يشارك رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في القمة بسبب عقد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم بزعامته اجتماعا حاسما خلال أيام.

أما زيمبابوي، فما زال رئيسها إيمرسون منانغاغوا خاضعا لعقوبات أمريكية تحظر دخوله الولايات المتحدة لاتهامه بتقويض الديمقراطية وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان في هذا البلد الأفريقي الفقير.

فيما سيحضر زعماء الدول الرئيسية في القارة من بينها نيجيريا وأوغندا وكينيا وأنغولا، كما سيشارك رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد أيضا في القمة.

تاريخ الخبر: 2022-12-12 21:22:16
المصدر: مصراوى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية