لماذا لا يدرس التمويل الشخصي في مدارسنا؟ | صحيفة الاقتصادية


إنها الجلسة التي تسبق وقت الغداء في مدرسة جامعة هيثرو التكنولوجية، حيث يتعلم فصل من طلاب المرحلة السادسة عن المخاطر والمكافآت.
يتسم الطلاب بالحيوية والتفاعل، إذ يتناقشون حول ما إذا كان أصحاب الرهن العقاري يمتلكون منازل حقا، ومخاطر تداول بيتكوين وأخلاقيات المقامرة. الدروس ليست أكاديمية فقط، فكثير من الطلاب الذين تراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما لديهم وظائف بدوام جزئي، ويفكر البعض بالفعل في عروض التدريب المهني أو القروض الطلابية.
قال مايرون ماسكارينهاس، الذي تداول في الماضي في عملة بيتكوين بل عمل في تعدينها، "نحن في (...) العمر المناسب للتعلم عن هذا الموضوع - لتعلم كيف ندخر، ونستثمر ولا ننفق بتهور. إننا بحاجة إلى المال - وعلينا الادخار لنحصل على ما نرغب فيه".
إن طلاب مدرسة يو تي سي ليسوا وحدهم من يرغب في تعلم الأمور المالية. مع إطلاق حملتها لمحو الأمية المالية والشمولية العام الماضي "فليك"، حددت "فاينانشيال تايمز" مهمة لإضفاء الطابع الديمقراطي على محو الأمية المالية باستخدام محتوى مجاني وجذاب للشباب في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
قالت إيمي علام، المديرة التنفيذية لحملة "فاينانشيال تايمز" لمحو الأمية المالية والشمولية، "في حملة محو الأمية المالية والشمولية، نهدف إلى مساعدة الشباب على التأقلم مع واقع الحياة اليومية الآن - من الحماية من عمليات الاحتيال بالعملات المشفرة إلى حقيقة أنه من الصعب جدا على هذا الجيل تأمين سكن ميسور التكلفة".
في حين أن التعليم المالي قد تحسن في المدارس البريطانية، فلا يزال هناك طريق طويل لنقطعه، حيث أشار المعلمون إلى معوقات مستمرة.
وفقا لمسح أجراه معهد لندن للأعمال المصرفية والمالية في 2021، قال نحو ثلاثة أرباع الطلاب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و18 عاما، إنهم يريدون تعلم مزيد في الفصل حول كيفية إدارة أموالهم. لكن 15 في المائة فقط من ألفي طالب شملهم الاستطلاع قالوا إن المدرسة كانت مصدرهم الرئيس للتعليم المالي.
وفقا لمجموعة برلمانية تضم جميع الأحزاب وتدرس هذا الأمر، فإن التعليم المالي في المملكة المتحدة "غير منتظم"، حيث يحصل كثير منهم المال في سن مبكرة لكنهم غير مؤهلين للتعامل معه.
قالت لويز كيلش، معلمة في مدرسة يو تي سي، "قد يكون واحدا من الأشياء التي يطلبونها أكثر من غيرها". في فصلها الدراسي، هناك فجوة في الفهم، حيث يتقدم الطلاب على المعلمين في مجالات مثل العملات المشفرة، لكنهم يفتقرون المعرفة بالجوانب الدنيوية لإدارة الأموال.
قالت شارون ديفيز، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة يونج إنتربرايز الخيرية للتعليم والتوظيف، إن ثقة المعلمين بأنفسهم، وعدم الحصول على الدعم والتدريب، وندرة الحوافز أدت إلى عدم إدراج التعليم المالي في جدول الدروس.
قالت، "يتعرض المعلمون إلى ضغط هائل، لذا حتى إدراجه في المناهج الدراسية لا يكفي". إن الموضوع ليس ضمن المنهج الدراسي النظامي في المدارس الابتدائية الإنجليزية لكنه مقرر في المدارس الثانوية منذ 2014.
وصفت مؤسسة موني تشاريتي، التي تركز على دعم إدارة الأموال، إدراج الموضوع على أنه "نصر باهظ الثمن". قالت إن الشؤون المالية لا تزال لا تدرس بشكل متسق بسبب نقص "الموارد، وتدريب المعلمين وتحديد الأولويات".
قال مارك فوسيت، مؤسس وي أر فيوتشرز، وكالة علامات تجارية تربط بين الشركات والمدارس، إن مزيدا من المساءلة في المؤسسات التعليمية يمكن أن تحسن الأمور.
يصر المعلمون على أن الإجراءات الداعمة - الثواب بدلا من العقاب - أكثر فاعلية. فقد انخفض التمويل الحكومي للمدارس في إنجلترا بالقيمة الحقيقية في العقد الماضي، ووفقا للمؤسسة الفكرية التابعة لمعهد الدراسات المالية، سيعود التمويل الحكومي إلى مستويات ما قبل التقشف في العام المقبل فقط.
سيؤدي ذلك إلى تقليص الميزانيات، حتى في الوقت الذي تواجه فيه المدارس مطالب إضافية لمساعدة الأطفال على تعويض ما فقدوه من التعلم، والتقدم عاطفيا واجتماعيا في أعقاب أعوام من عدم انتظام الدراسة جراء عمليات الإغلاق الناجمة عن جائحة فيروس كورونا.
وفقا لدراسة أجراها تطبيق الاستطلاع تيتشر تاب، قال 63 في المائة من المعلمين إن ضيق الوقت كان العائق الرئيس أمام إنشاء برنامج تعليم مالي. يمثل التدريب مشكلة أيضا، حيث أشار 13 في المائة منهم إلى أن الافتقار إلى الخبرة في الموضوع كان العقبة الرئيسة.
قال فوسيت، "نميل إلى تكديس مزيد من مسؤوليات المدارس عموما، دون التخلي عن أي شيء".
أضاف أن هذا أثر في الأطفال المحرومين بشكل غير متناسب حيث إن المدارس التي يرتادونها تميل إلى أن تكون أكثر إجهادا. "يتلقى أطفال العائلات التي تعاني مخاوف مالية مستمرة درسا مدته ساعة واحدة من معلم شخصي للصحة الاجتماعية والاقتصادية ربما ليس مدربا في هذا الموضوع".
في مدرسة يو تي سي، يؤكد التركيز على التعلم المهني أهمية التعليم المالي. وبالنسبة إلى المدرسين الذين يعانون ضغوطا زمنية، قالت كيلش إن أدوات التدريس تحدث فرقا كبيرا. في الأسبوع الماضي، تعلم الطلاب عن أسعار الفائدة والديون والمقامرة من الدروس التي قدمتها مجموعة نات ويست المصرفية.
أوضحت كارولين إدواردز، مديرة القدرات المالية في البنك، "بالنسبة إلى كثير من المعلمين يعود الإحجام عن تدريس التمويل إلى عدم الثقة بكيفية تدريس شيء يعتقدون أنهم أنفسهم لا يجيدونه".
مع ذلك، لا يتم إنشاء جميع الموارد بشكل متساو، وقد حذر خبراء مثل ديفيز من أن وجود مواد من دون إرشادات حول كيفية استخدامها قد يجعل من الصعب أحيانا اتخاذ قرار بشأن ما يجب تدريسه. قالت، "إننا بحاجة إلى تحديد جودة هذه المنتجات".
هذا، جزئيا، هو السبب الذي دفع "فاينانشيال تايمز" إلى إنشاء مؤسستها الخيرية الخاصة العام الماضي، حملة محو الأمية المالية والشمولية، لمشاركة الوصول إلى التعليم المالي الموثوق.
قالت إيمي من حملة محو الأمية المالية والشمولية، "إن أحد العناصر الحاسمة في محو الأمية المالية للشباب هو القدرة على التعرف على الوقت الذي يتم فيه تقديمه لهم. ينبغي أن يكون التعليم المالي متاحا للجميع، وليس فقط للعملاء المحتملين".
يمكن أن يؤدي نقص المعرفة المالية إلى تعميق عدم المساواة حيث تميل الأسر الأكثر ثراء إلى الحصول على مزيد من الوقت والموارد لتعليم الأطفال عن المال، وفقا لمسح أجراه مستشارون ماليون. حيث وجدت الأبحاث التي أجرتها شركة سانت جيمس بليس أن المراهقين من خلفيات أكثر ثراء سجلوا درجات أعلى في اختبارات المعرفة المالية من أقرانهم من الأسر ذات الدخل المنخفض.
أثناء عمله كمدرس، أصيب توم هاربور بالدهشة من تأثير الخلفية الاجتماعية في التعليم، وأسس مؤسسة ليرنينج وذ بيرنتس الخيرية لمساعدة العائلات للتعرف على الموضوعات الدراسية معا.
قال، "يطلب من المدارس أن تفعل الكثير، فهي الإخصائية الاجتماعية، ومقدمة المناهج الدراسية الأساسية، وكل شيء آخر. أشياء مثل توفير محو الأمية المالية ستندرج دائما في القائمة".
في مدرسة يو تي سي هيثرو، يعتقد الطلاب أن إدخال التعليم المالي في المناهج الدراسية لن يحدث في المستقبل القريب.
قال فؤاد حسين، الذي يدخر 75 في المائة من المال الذي يحصل عليه من والديه ويعمل بدوام جزئي، على أمل أن يصبح هو نفسه مستقلا ماديا، "عندما نكون صغار السن، من السهل جدا الاعتقاد بأننا سنحصل على هذه الأموال، وأننا سنستمر في الحصول عليها. لكن (...) لن يكون الأمر كذلك إلى الأبد. ستضطر للبدء في الدفع مقابل الأشياء قريبا، وستدرك ذلك عندما تغادر منزل والديك".

تاريخ الخبر: 2022-12-14 00:23:13
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 44%
الأهمية: 48%

آخر الأخبار حول العالم

أخنوش..الحكومة استطاعت تنفيذ جل التزاماتها قبل منتصف الولاية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:24:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

العالم يسجل ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة خلال أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:24:57
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية