ملف القضاة المعزولين في تونس: الحركة القضائية المرتقبة ستكشف إلى أين تتجه الإرادة السياسية


إعلان

مع اقتراب في تونس المقررة في 17 ديسمبر/ كانون الأول، من أجل مجلس نواب جديد يحل مكان البرلمان السابق بصلاحيات محدودة، تزداد المخاوف بشأن المسار الديمقراطي والحريات في البلاد، حيث يعتبر مراقبون أن هذا الاستحقاق سيكون الخطوة الأخيرة للرئيس قيس سعيّد نحو بناء ما يسميه "الجمهورية الجديدة".

ومن أبرز الملفات المثيرة للجدل منذ 25 يوليو/ تموز 2021 ملف عشرات القضاة الذين تم عزلهم بمرسوم رئاسي، ألغته لاحقا المحكمة الإدارية، لكن قرار المحكمة بقي حبرا على ورق.

"سنقوم بدورنا في الدفاع عن حقوقنا، وسنسعى لإجبار السلطة التنفيذية على احترام المؤسسات واحترام دولة القانون.. نعتبر ذلك بمثابة مهمة.. ولكن على المستوى الشخصي لا أعتقد أن هذه السلطة مستعدة للتنازل أو الرجوع في قراراتها".. بهذه الكلمات أجاب القاضي يوسف بوزاخر فرانس24، قبل أن يصمت ويشرد لبرهة في رد عن سؤال ما الذي ينتظره بعد قرار المحكمة الإدارية إلغاء قرار عزله.  

يوسف بوزاخر- قاضي ورئيس سابق للمجلس الأعلى للقضاء © صبرا المنصر

ويوسف بوزاخر قاض من بين 48 آخرين، لم تلتزم به وزارة العدل. 

ويقضي قرار المحكمة الإدارية الصادر في 17 آب/ أغسطس بالسماح لـ49 قاضيا بالعودة لممارسة وظائفهم من ب في يونيو/ حزيران 2022. 

والتزمت الرئاسة التونسية ووزارة العدل الصمت منذ صدور قرار المحكمة الإدارية، ولم يعلن أي منهما كسلطة تنفيذية رفض القرار.

وتجدر الإشارة إلى أن قيس سعيّد، بعد أن أعلن عزلهم،

ويعتبر مراقبون أن ملف القضاة المعزولين شكل من أشكال "تركيع" السلطة القضائية لوضع يده عليها وضرب استقلاليتها، لا سيما بمنح نفسه الأحقية بعزل القضاة بناء على مرسوم عدد35 الذي أصدره في 1 يونيو/ حزيران. 

ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تولى قيس سعيّد السلطة التشريعية من خلال تجميد البرلمان المنتخب والذي أعلن لاحقا حله، ثم إصدار دستور جديد أقره عقب استفتاء صوت فيه التونسيون بـ"نعم" بنسبة تجاوزت 90 بالمائة، فيما شهد نسبة مقاطعة واسعة بأكثر من 70 بالمائة.

وفي نفس السياق قام سعيّد في شهر فبراير 2022 بحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب من قبل الهيئات القضائية المختلفة، وعين بنفسه أعضاء مجلس مؤقت بدلا عنه.

حمادي الرحماني، وهو قاض آخر حكمت المحكمة الإدارية لصالحه، بدا أكثر تفاؤلا، وأشار إلى أن "قيس سعيّد لم يصرح بعدُ برفضه لقرار المحكمة الإدارية، وهذا يعني أن هناك إمكانية للتراجع عن قراره في انتظار الحركة القضائية المرتقبة، والتي ستكون الموعد الفاصل لنكتشف إلى أين تتجه الإرادة السياسية". 

والحركة القضائية هي تعيينات للقضاة يعلن عنها المجلس الأعلى للقضاء سنويا، والتي لا تتجاوز عادة شهر أيلول/ سبتمبر. 

وسعت فرانس24 للحصول على تصريح بهذا الشأن من المجلس المؤقت للقضاء الذي عينه قيس سعيّد، لكنها لم تتحصل على رد. 

غياب المتابعات الجزائية 

ويواجه يوسف بوزاخر الرئيس السابق للمجلس الأعلى في هذا السياق تهما ينفيها قطعيا، تتعلق بـ"تكوين وفاق إرهابي قصد ارتكاب جرائم إرهابية، وتبييض الأموال المرتبط بالجرائم الإرهابية وقضايا مالية تتعلق بسوء تصرف بميزانية المجلس الأعلى للقضاء".

أما الرحماني فقد عدّد لفرانس24 قضاياه ساخرا "ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية.. بناء على تدوينات على موقع فيس بوك"، و"تنظيم وفاق إرهابي مرتبط بعلاقات إرهابية، التآمر على أمن الدولة الداخلي، الإرشاء والارتشاء، غسيل أموال..".

حمادي الرحماني، قاضي لدى محكمة التعقيب في تونس. © صبرا المنصر

ويشدد الرحماني قائلا "أنا شخص مناضل من أجل استقلالية القضاء، أمارس مهنتي منذ 22 عاما أدافع عن استقلالية القضاء، أواجه السلطات التي تريد وضع يدها على القضاء.. أكافح ضد الفساد، عضو جمعية القضاة التونسيين سابقا والمرصد التونسي لاستقلال القضاء، ومجموعة القضاة الموقعين..".

ويرفض الرحماني أيضا التهم المنسوبة إليه، ويعتبرها خطيرة وتهدف "لمحوي من الحياة القضائية وتشويه سمعتي لدحض كل الحجج ضد ممارسات سعيّد وانتهاكاته للسلطة القضائية وحقوق الإنسان ودولة القانون".

ولتوضيح قانوني في هذا الشأن، قال فيصل بوقرة، وهو قاض وعضو في وحدة الاتصال والإعلام في المحكمة الإدارية لفرانس24 أن "منحهم إيقاف تنفيذ العزل (قرار إلغاء العزل) جاء لعدم وجود بحث جزائي في حق هؤلاء، فيما ثبت وجود بحث جزائي في حق سبعة قضاة من بين الـ 57 المعزولين، أما الثلاثة المتبقين فلم يتقدموا بمطلب إيقاف التنفيذ". 

وبالتالي ووفق بوقرة، فإن السلطات وبناء على قرار المحكمة الإدارية ملزمة بالإذعان لأحكام القضاء وبإعادتهم إلى مهامهم.

تجدر الإشارة إلى أن المتابعات القضائية في حق القضاة الذين شملهم إيقاف التنفيذ لم تنطلق إلا بعد صدور قرار المحكمة الإدارية بإلغاء قرار العزل.

إصرار على الدفاع عن حقوقهم 

وشهدت قضية عزل القضاة مساندة واسعة في القطاع، من أجل الدفع لإعادتهم إلى مهامهم، حيث نظم القضاة في تونس إضرابا عاما انطلق في 6 يونيو/ حزيران استمر لشهر كامل، توقفت فيه جميع المحاكم في البلاد عن العمل.

وأوضح الرحماني قائلا إن قطاع القضاء في تونس "قبل هذه المعركة كانت تشوبه خلافات لكنه توحد في هذه القضية.. لأنها قضية جامعة والقضاة يعلمون أن هذه الإعفاءات ظالمة وباطلة وغير قانونية".. وتابع قائلا "القضاة لم يحتجوا فقط على قرار عزلنا وإنما احتجوا على صدور المرسوم نفسه عدد 35 الذي يعطي لرئيس الجمهورية حق عزل القضاة وهو مخالف للدستور (دستور2014) ومخالف للمهنة القضائية". 

إلى جانب ذلك قام عدد من القضاة المعزولين، من بينهم حمادي الرحماني بتنفيذ إضراب جوع استمر لأسابيع. 

وأشار بوزاخر في تصريحه لفرانس24 بشأن مساعيهم للعودة لمباشرة مهامهم أنهم توجهوا إلى وزارة العدل مرفقين بمحضر قضائي "في محاولة لتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتنا لكن لا من مجيب..". وتابع "أنشأنا لجنة دفاع عن القضاة المعفيين عقدت أولى ندواتها الصحفية الأسبوع الماضي وهذه الهيئة تتكون من رموز المحاماة في تونس ينسقها السيد العياشي الهمامي فيها عديد من المحامين الذين يتبنون تطوعا ملف القضاة المعفيين والذين يؤمنون بعدالة هذه القضية". 

وفيما يواصل هؤلاء القضاة الدفاع عن أنفسهم، يترقبون في الآن ذاته التعيينات القضائية على أمل أن يلتزم سعيّد بقرار المحكمة الإدارية. 

موفدة فرانس24 إلى تونس صبرا المنصر 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق فرانس 24

تاريخ الخبر: 2022-12-15 15:17:25
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 82%
الأهمية: 85%

آخر الأخبار حول العالم

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية