سياسيون لـ«الدستور»: نتائج القمة الأمريكية الأفريقية تدعم بناء الثقة بين واشنطن ودول القارة

أكد خبراء وسياسيون، أن نتائج القمة الأفريقية الأمريكية التي عقدت في واشنطن في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر الجاري بداية لإعادة بناء الثقة ما بين الإدارة الأمريكية والدول الأفريقية.
وأوضح الخبراء والسياسيون في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن التحولات التي يشهدها العالم ستقرب التعامل بين إفريقيا و بين الولايات المتحدة إلى علاقة رابحة لجميع الأطراف.

ماك شرقاوي: القمة الأفريقية الأمريكية ستكمل نتائج "كوب ٢٧"

بداية قال الدكتور ماك شرقاوى، الكاتب والمحلل السياسى الأمريكي، إن القمة الأفريقية الأمريكية الثانية في واشنطن أتت بعد فترة طويلة من القمة الأولى عام ٢٠١٤ التي استضافتها إدارة الرئيس الأسبق باراك  أوباما ولم يتم تنفيذ اي من الوعود التي وعدت  بها الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الوقت.
وأضاف: "أيضا  لم ينفذ الرئيس السابق دونالد  ترامب ما وعد به من زيادة الاستثمارات الأمريكية التي لم تتجاوز  ٢٥ مليار دولار في القارة الافريقية"، مشيرا إلى أن القمة الثانية التي دعا لها الرئيس جو بايدن شهدت حضور ٤٩ رئيس دولة ورئيس حكومة أفريقي.

ماك شرقاوي


وأشار الخبير الأمريكي إلى أن الرئيس بايدن وعد خلال القمة بأن تضخ الولايات المتحدة الأمريكية ٥٥ مليار دولار على مدار ثلاث سنوات في أفريقيا، معتبرا أن هذا بداية على إعادة بناء الثقة ما بين الإدارة الأمريكية والدول الأفريقية وهذه الأموال سوف توجه إلى نقل التكنولوجيا  وتحديديات المناخ والانبعاث الحراري  وأيضا سوف تكون استثمارات مباشرة من الشركات الأمريكية تضخ في القارة الأفريقية. 
وأضاف ماك شرقاوى، أن القمة الأفريقية الأمريكية سوف تكمل ما قام عليه مؤتمر "كوب 27" في شرم الشيخ والذي استطاعت خلال مصر أن تنزع آليات التنفيذ وكان هناك وعود على مدار قمة "كوب 26" قبل قمة شرم الشيخ واستطاعت مصر دعم آليات للتنفيذ أيضا ودفع الدول  التي تسبب في الأزمة المناخية إلى تعويض الدول التي تضررت ولم يكن لهم دور في هذه الأزمة العالمية.

أحمد بوداود: القمة الأفريقية الأمريكية دعمت الشراكة الاقتصادية

من جهته قال الإعلامى الجزائرى أحمد بوداود، إن من أبرز نتائج القمة الأفريقية الأمريكية حرص الولايات المتحدة الأمريكية على تعزيز المشاركة الاقتصادية، ودعم الأمن الغذائي، وكذلك تعزيز الخدمات الصحية في دول القارة السمراء، الفارق هذه المرة هو المغازلة الأمريكية للقارة إن صح التعبير وحرصها الشديد على إعادة هيكلة العلاقات مع دول القارة الإفريقية في ظل التحولات التي يشهدها العالم وعلى رأسها الغزو الصيني الذي بات يهدد مصالحها و كذا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.

أحمد بوداود

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور": " فيما يتعلق بمكاسب القارة الإفريقية اتصور أن التحولات التي يشهدها العالم ستقرب التعامل بينها وبين الولايات المتحدة إلى علاقة رابح - رابح، من خلال تقديم المبادرة  بالاستثمارات الثقيلة و دعم البنى التحتية للتنمية بأفريقيا، مقابل استعادة مكانتها، فقد كانت الولايات المتحدة تاريخيًا الشريك الأكثر أهمية للبلدان الأفريقية، ولكن على مدى العقدين الماضيين، أصبحت الصين قوة بارزة في أفريقيا، حيث استثمرت بشكل أساسي في قطاع البنية التحتية في العديد من البلدان الأفريقية".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة قدمت المساعدة في تطوير الرعاية الصحية وأنظمة التعليم، وهي أشياء ليست مرئية مثل مشروعات السكك الحديدية والموانئ التي تشيدها الصين. بشكل عام، انخفض الاستثمار الأمريكي في البلدان الأفريقية على مر السنين، لكن واشنطن، على ما يبدو، أدركت الحاجة إلى أفريقيا في ظل الصراع  الدولي من أجل النفوذ في أفريقيا وعليه، يبدو أن واشنطن تسعى إلى اللحاق بركب التدافع.
وتابع الإعلامى الجزائرى أنه بالنسبة لما أطلقه بايدن أن بلاده خصصت 55 مليار دولار لأفريقيا حتى العام 2025 و أن هذا حسب تعبيره يندرج ضمن إطار التزام الولايات المتحدة تجاه إفريقيا، وأنها تؤكد على أهمية العلاقات بين بلاده وإفريقيا وزيادة التعاون بشأن الأولويات العالمية المشتركة إلى غير ذلك، لكن الواقع فرض على أمريكا هذا فاليوم ما تقدمه الصين لإفريقيا من خلال دبلوماسيتها الناعمة و من خلال مشاريع الشراكة هو الذي يدفع بالولايات المتحدة إلى تخصيص ميزانية لإعادة ترميم علاقاتها ليس مع أفريقيا فحسب من أجل استعادة مكانتها كقوة اقتصادية.
ولفت الإعلامى الجزائرى إلى أنه من الطبيعي جدا أن لا يتم التركيز على قضايا حقوق الإنسان ومسألة الحريات في هذه القمة، فهذه المواضيع لطالما كانت ورقة ضغط للحكومات الأمريكية على دول القارة السمراء، ولطالما أغضب الأفارقة، ولأن الأمر يتعلق هذه المرة بسياسة استرضاء وإغراء للاستمالة فكان من الضروري عدم إثارة ما يعكر صفو الأفارقة.
وأضاف: "قد تسعى الولايات المتحدة إلى ترسيخ موعد قار للقمة لكن لا أتصور أنها ستحقق كل أهدافها المسطرة، فالصين وروسيا لن تقفا مكتوفتي اليدين وسنرى مبادرات أخرى صينية روسية، وقد يتطور الأمر في قادم الأيام إلى قمم تكتلات".
وأوضح أن كل من الولايات المتحدة ودول القارة السمراء تسعى للاستثمار في هذه العلاقة وانتهاج كل طرف آليات تخدم رؤيته لتنفيذ مخرجات القمة، قد تكون على رأسها بالنسبة للأفارقة  التفاوض على إبرام اتفاقيات تجارية عادلة لتحسين الوضع الاقتصادي في البلدان الأفريقية إضافة إلى مبادرات عديدة في مجالات الطاقة والخدمات المالية وتغير المناخ والأمن الغذائي والرعاية الصحية وغيرها، وربما تستثمر دول القارة حاجة الولايات المتحدة لهذه العلاقة من أجل وضع حد للأزمات الأمنية التي تشهدها بعض بلدان القارة خاصة منطقة الساحل على اعتبار أن دور الولايات المتحدة دور مؤثر في استمرار أو توقف الصراع في بعض المناطق.
 

إيمان الشعراوي:القمة الافريقية الأمريكية دعمت منطقة التجارة الحرة 

فيما أكدت الدكتورة إيمان الشعراوي، مدير وحدة الدراسات الأفريقية بمركز المستقبل للدراسات الاستراتيجية، أن أهم نتائج القمة الأفريقية الأمريكية تمثلت في دعم منطقة التجارة الحرة الأفريقية، مشددة على أهمية ذلك وذلك لأن الاتفاقية تربط القارة الافريقية بأكملها في سوق حر واحد وتسهم في تسهيل حركة التجارة البينية الافريقية وتمثل خطوة للامام نحو توحيد الجهود الرامية لانشاء تجمع اقتصاد أفريقي واحد، فضلًا عن إعلان أمريكا استثمار نحو مليار دولار في أفريقيا خلال الـ5 سنوات المقبلة لتحسين وسائل الدفع في خدمات الهواتف المحمولة، واستثمار 350 مليون دولار لدعم الاقتصاد الرقمي في القارة الأفريقية، وهو ما يعزز دعم التحول الرقمي في القارة الأفريقية التي تعاني من أزمات في الانترنت تصل إلى أن الكثير من الدول الافريقية لا تتخطى نسبة وصول الانترنت إلى مواطنيها الواحد بالمئة.

إيمان الشعراوي


وعن أهم النتائج، أكدت الشعراوي، أن دعوة الرئيس الأمريكي إلى تمثيل دائم للاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين أمر هام وذلك لما تلعبه من دورا محوريا في الاقتصاد والتجارة العالمية، ولكن مع ذلك تتطلع الدول الأفريقية إلى تمثيل دائم في مجلس الأمن بمقعدين وذلك لتتناسب مع حجم وقوة وتاريخ القارة الأفريقية فضلًا عن عدم تهميش القارة الذي استمر لسنوات طويلة ومن أجل أن يكون هناك عدالة عالمية.
وأكدت الشعراوي، أنه على الرغم من إعلان بايدن دعم حصول افريقيا على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، إلا أن هناك الكثير من العوائق التي تقف أمام ذلك، على رأسها عدم التزام  الرئيس الأمريكي جو بايدن نفسه بتطبيق هذا الكلام، وذلك لأنه يندرج تحت الكثير من الوعود التي تطلقها أمريكا لأفريقيا ولا تلتزم بها ، فضلًا عن الرفض الصيني والروسي لهذا الأمر وعدم السماح به، بالإضافة إلى تحديات تتعلق بالدول الأفريقية نفسها وذلك من معضلة تحديد من الدولتين التي ستمثل القارة الأفريقية إذ ترى معظم الدول الافريقية أحقيتها بهذا التمثيل.
وأضافت الشعراوي، أنه على الرغم من مما أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية لدعم القارة الأفريقية ، إلا أن التحديات التي تواجه القارة الأفريقية تحتاج مضاعفة هذه الجهود،  خاصة ما يتعلق بالأمن الغذائي ووجود الملايين من الأفارقة يعانون من المجاعات والجفاف وتداعيات التغير المناخي، فضلًا عن ضرورة وضع خطط عمل واضحة ومحددة التوقيت لتنفيذ ما أعلنت عنه أمريكا، وذلك لضمان تنفيذ مخرجات القمة وعدم إنسياقها في نفس مصير القمة الأفريقية الأمريكية في عام 2014 والتي لم تنفذ معظم نتائجها.
وعن إعلان بايدن تخصيص ٥٥ مليار دولار لأفريقيا حتى عام ٢٠٢٥ ، أوضحت الشعراوي، أن هذا المبلغ ليس كافي مقارنة مع النفوذ الصيني في أفريقيا ، فالصين أصبحت أكبر شريك تجاري للقارة الأفريقية خلال العقد الأخير، وحجم تبادلها التجاري مع أفريقيا ارتفع بنسبة 35 % في عام 2021 وبلغ 254 مليار دولار، إضافة إلى أنها تعد أكبر مقرض للدول الأفريقية، هذا في الوقت الذي يقدر فيه حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وأفريقيا بنحو 64 مليار دولار، ما يضع أميركا في المركز الرابع في قائمة الشركاء التجاريين مع أفريقيا ويفرض عليها الكثير من الالتزمات لمجابهة الوجود الصيني.
وأوضحت الشعراوي، أن القمة لم تركز على قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد كما اعتادت واشنطن من استخدام هذه الملفات للضغط على الدول الافريقية، وذلك لتجنت الصدام مع الدول الأفريقية التي ترفض التدخل في شؤونها الداخلية والمساس بسيادتها، خاصة أنه على الجانب الاخر ترفض الصين التعامل بمشروطية سياسية مع القارة الافريقية وتركز على قضايا الاقتصاد والتنمية.
وأشارت الشعراوي، إلى أنه من المتوقع أن يكون هناك انتظام في عقد القمة الأفريقية الأمريكية، بل قد يتم عقدها قبل معادها أو تدشين مبادرات وقمم أخرى بين أمريكا وأفريقيا، وذلك لإدراك الولايات المتحدة خطورة النفوذ الصيني والروسي في أفريقيا، فضلًا عن الإدراك لأهمية القارة الافريقية في حل الكثير من التحديات التي تواجه العالم في المستقبل، حيث أن أفريقيا تحتوي على 30% من احتياطات العالم من المعادن والثروات، كما أنه نحو 8% من الغاز الطبيعي في العالم، ونحو 12 % من احتياطيات النفط في العالم، كما أن القارة لديها 40 % من الذهب العالمي ونحو 90 %من الكروم والبلاتين.
وأكدت الشعراوي، أن أبرز الآليات التي يمكن الاعتماد عليها لتنفيذ مخرجات القمة الأفريقية الأمريكية تتمثل في زيادة الاستثمارات الامريكية في أفريقيا ودعم جهود التنمية، فضلًا عن الوفاء بالتعهدات فيما يتعلق بمواجهة تداعيات التغير المناخي وعدم التعامل بمشروطية مع دول القارة الأفريقية ، فضلًا عن التعاون القائم على المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة التي تضمن تحقيق جميع الأطراف وليس تحقيق المصلحة الأمريكية فقط.

تاريخ الخبر: 2022-12-17 18:21:03
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

مركز دراسات مصري : المغرب رائد إقليمي في مجال صناعة السيارات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية