749 عاماً مرت على رحيل مولانا جلال الدين الرومى، أحد أيقونات التصوف الإسلامى، وصاحب ومؤسس الطريقة المولوية الصوفية، الذى توفى 17 ديسمبر من عام 1273. مولانا جلال الدين هو الشاعر والأديب والعالم بفقه الحنفية، استطاع جذب ملايين الأشخاص من ديانات وملل متعددة بفكره الروحى، يعتبره كثيرون أيقونة العشق الإلهى الذى يقوم على الصفاء الروحى والوصول للقلب عن طريق الحب.

يوسف القعيد: شخصية مؤثرة في الوجدان.. ومذهبه منتشر في أستراليا وأمريكا اللاتينية والشمالية

الكاتب والروائى الكبير يوسف القعيد قال لـ«الوطن»: جلال الدين الرومى يرتبط اسمه بـ«مولانا»، كنوع من التكريس لقيمته الروحية ليس للمسلمين فقط بل لكل الإنسانية، فمولانا جلال الدين فتح الطريق أمام العالم الروحى «غير الملموس»، والذى لا يمكن أن تشعر فيه عن طريق حواسك الخمس، ولا تعرف كيف ومتى تسلل إليك هذا الشعور، كل ما فى الأمر أنه امتلك فؤادك، وأصبح جزءاً من حياتك اليومية.

وأكد «القعيد» أن مولانا جلال الدين له تأثير على قلوب الإنسانية، وانتشاره فى أوروبا المسيحية أكثر بكثير من وجوده هنا، فهناك ترجمات لشعره، وكتب عن سيرته وشخصيته، وتأثيره الروحى، واهتمام كبير بأدبه، فمذهب مولانا تخطى الحدود، فتخطى المكان والزمان والحالة، وأصبح قيمة روحية إنسانية على مستوى الدنيا. وأضاف: فى رأيى أن مذهب الرومى الروحى موجود فى أستراليا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية، فأصبح له تأثير روحى على الدنيا كلها، وهو شخصية مؤثرة على الوجدان المصرى والوجدان العربى والمسلمين جميعاً، وتأثيره الروحى يتنامى مع مرور الوقت، ومن يطلع على نتاجه الروحى والأدبى يجد قيمة روحية مهمة لا يختلف معها، فأنا كلما ذُكر الرومى أتفرغ له تماماً.

مصطفى زايد: أشعاره نتاج معبر عن شخصية مولعة بالعشق الإلهي وصاحبة ورع وزهد

وقال مصطفى زايد، الباحث فى شئون الحركات الصوفية: «مولانا جلال الدين شاعر وعالم، وُلد بأفغانستان وانتقل مع أبيه لبغداد، ترعرع فى المدرسة المستنصرية، وهو من الشخصيات التى أثرت فى فلسفة التصوف على مر التاريخ، وكان لمؤلفاته تأثير واضح ومستمر على الصوفية وغيرهم من السلاطين والعامة، وفى رسائل مولانا الرومى يظهر البعد الأخلاقى والتربوى الذى يقدمه ودوره الواضح فى مساندته للمساكين وحل مشكلاتهم».

وأضاف «زايد»: أشعار «الرومى» نتاج معبر عن شخصية مولعة بالعشق الإلهى وصاحبة ورع وزهد، والطريقة المولوية لها طابع خاص تختلف به عن باقى الطرق الصوفية يعتمد على تنقية الروح من الشوائب التى تعترى الإنسان ويرتقى بالروح لتحلق فى عنان السماء، وكان الرومى يستعمل الموسيقى والشعر والذكر كسبيل للوصول إلى الله، فالموسيقى الروحية بالنسبة له تساعد المريد على معرفة الله والتعلق به، ومن هذا المنطلق تطورت فكرة الرقص الدائرى التى وصلت إلى درجة الطقوس، وقد شجع الرومى على الإصغاء للموسيقى فيما سماه الصوفية «السماع»، فيما يقوم الشخص بالدوران حول نفسه، فعند المولويين الإنصات للموسيقى هو رحلة روحية للوصول إلى الكمال.

وقال الشيخ خالد الجمل الداعية الإسلامى: «الرومى رئيس دولة العشق والمحبة، وكان ولا يزال محط اهتمام للجميع مسلمهم وغير مسلمهم، فهو الفقيه العاشق، الذى أصبح شاعراً فأبهر العالم، وأهم ما ميّز الرومى وجعله محط اهتمام وأنظار كثير من الناس مسلمهم وغير مسلمهم أنه شجع على إعمال العقل والتفكير فى كل ما يُطرح من قضايا فى عصره وغلّب التسامح والمحبة فى كل شىء».

وأضاف: «أكثر ما ميّز مولانا الرومى أنه كان يتناول العشق الإلهى بمنظور العالم الفقيه الذى لم يغير التبحر فى علوم الدين من فطرته السليمة الرقيقة التى تنظر إلى الأمور نظرة متأمل هائم فى حب ربه، مبتعداً عن أشكال المغالاة والتطرف».