غزت المصطلحات الشبابية القاموس السوداني وأصبحت مهدداً رئيسياً للغة الكلاسيكية في التعامل اليومي بين الأفراد.
التغيير _ عبدالله برير
وبعد عقود طويلة من تماسك اللغة القديمة أطلت مصطلحات الشباب قوة في الألفية الأخيرة ساعدها على ذلك انتشار وسائل التواصل الاجتماعي.
جيل الألفية الثالثة عرف بمصطلحات خاصة في الكلام تعارف عليها الشباب في بادئ الأمر غير أنها سرعان ما جانبت الإطار الضيق وحجزت لنفسها مكانا وسط اللغة المجتمعية.
القاموس اليومي
لغة الشباب أصبحت مؤخراً جزءاً لا يتجزأ من القاموس اليومي في الأسواق والمكاتب الخاصة و الدواوين الحكومية و حتى الجامعات ما يعني الحضور الطاغي لشريحة الشباب.
مصطلحات هذه الفئة العمرية تحمل مدلولات معينة حلت بديلة للغة العادية وشابهت في تصنيفها اللغة السوقية أحيانا ما جعلها محل شد وجذب في مسألة القبول المجتمعي.
واصطلح الشباب على ألفاظ محددة مثل يا « مكنة» وهي تعادل أداة نداء لشخص ما عادة ما يقصد به مدح هذا الإنسان في شخصه أو عمله واحياناً تكون مجرد نداء.
يقال إن فلان «مكنة» بمعنى أنه شخص يحمل صفات جيدة وينال إعجاب واحترام وتقدير الشخص الذي ناداه وعادة ما تكون بين الشباب القريبين أو المتساوين في السن.
وأحيانا يوصف بها لاعب معين أو فنان أو شعب كامل عند المدح فيقال كريستيانو رونالدو أو ميسي مثلا مكنة أي لاعب ماهر أو أن طاليات جامعة الخرطوم مثلا مكنات ويمكن أن يقصد بها مدح الشكل أو الأداء الاكاديمي.
الردة مستحيلة
ومع تمدد تيار الثورة السودانية العريض واستحواذ الشباب والشابات على النسبة الأكبر من المشاركة في المواكب أصبحت المصطلحات ضرورة للتمويه والتأمين فيطلق على كبار السن أو المرضى الذين يكونون في آخر المواكب فئة «الردة مستحيلة» وهؤلاء لا يستطيعون مواجهة البمبان والكر والفر.
أما عبارة «الشريحة قرأت» عند الشباب تعني أن الخدعة الفلانية انطلت على أحدهم مثلها مثل «لفاه له» بمعنى خدعه أو اخلف موعده معه ولم ينفذ ما اتفق عليه.
من أشهر لمصطلحات «جبت الزيت» وهي تعني أن الشخص أصاب المعنى بحذافيره وتقال عند التحليل السليم لمسألة ما أو حل موضوع معين فيقال للشخص أدينا زيت الأمر الفلاني أي حقيقته.
«الرصة شنو» بمثابة استفسار عن البرنامج اليومي أو جزء معين من روتين اليوم أو للسؤال عن التصرف في أمر ما.
وهنالك مصطلحات تصنف بأنها «راندوق» أي لغة تخاطب مشفرة بين مجموعات مهنية مختلفة مثل فئة الميكانيكيين أو مساعدي الحافلات والبصات أو المشردين مثلا وهؤلاء تكون ألفاظهم أكثر تعقيدا.
تحفظ
وترى سحر/ وهي معلمة بالمدارس الخاصة في مرحلة الأساس أن لغة الشباب غير مقبولة بالنسبة لها، وقالت : أولادي يتداولون تلك االألفاظ في البيت مع تحفظي الكبير عليها وأخبرتهم أنها غير جميلة.
وتضيف: لماذا لا نحافظ على اللغة السليمة الكلاسيكية التي تدل عى التهذيب واحترام الأخرين بدلا من هذه المصطلحات الدخيلة.
قبول مشروط
و قالت أم مودة، وهي ربة منزل، إنها تقبل هذه المصطلحات من اولادها الصغار وبناتها في المنزل فقط معها ومع بعضهم.
وأضافت : لا أقبل أن يتداولوها في الشوارع مع العامة ولا مع أساتذتهم وجيرانهم الذين أكبر منهم سنا فلكل مقام مقال.
احترام الخصوصية
الاختصاصي النفسي أيمن عبدالنبي اعتبر الظاهرة محاولة للتمرد على النظام الأبوي او الاجتماعي ما يظهر ذلك في شكل تقليعات قص الشعر والملابس والمصطلحات كشفرة يصعب فكها لأنها تتجدد.
واعتبر أيمن مصطلحات الشباب ظاهرة قديمة تقصد بها فئة الشباب الإشباع والهروب وتحقيق الذات.
وأوضح عبد النبي أنه لا توجد مآخذ على الظاهرة لأنها لا تتنافى مع القيم وطالب المجتمع بمحاولة تقبل الأمر واحترام خصوصية الشباب.
من جهته اعتبر الدكتور محمد آدم محمد، وهو محاضر بقسم اللغة الانجليزية بكلية الاداب جامعه الخرطوم أن لغة الشباب موجودة بقوة وفي كل الدول.
ورأى آدم أن التجمعات الشبابية أصبح لها قاموساً خاصاً بها وإن لكل شريحة مجتمعية ما يميزها بمصطلحات او افكار ومعتقدات.
وقال محمد آدم إن تجريم الشباب علي أساس مصطلحاتهم ينافي الحرية ويسلب حقهم في التعبير.
دفاع
ودافع الشاب عمر محجوب الملقب ب «كبس» عن لغة الشباب بقوة معتبرا إن الهجوم عليها ليس له مبرر.
وقال كبس إن الشباب من حقه ان يتميز بشي يخصه طالما أن المصطلحات ليس بها ألفاظ نابية أو جارحة.
وقال عمر: لغتنا مفهومة وسهلة وتتماشى مع العصر وهي ضد «الكلام الكثير» ومختصرة وتختلف عن اللغة الكلاسيكية ولكل عمر وعهد ما يختص به.
