في استطلاع للرأي، أيد 58% توجه أن يغادر إيلون ماسك الإدارة التنفيذية لشركة تويتر. تأتي هذه النتيجة بعد أيام من فقدانه عرش أغنى رجل في العالم، بجانب الانتقادات التي طالته جراء تخليه عن شركة تسلا التي باتت تتراجع أسهمها السوقية باضطراد. ولكن هل يغادر ماسك إدارة تويتر؟. نعم إلى الآن وذلك وفق ما صرح به ماسك عبر تغريدة قال فيها ""سأستقيل من منصب الرئيس التنفيذي بمجرد أن أجد شخصاً غبياً بما يكفي لتولي الوظيفة!" بعد ذلك، سأقوم فقط بإدارة فرق البرامج والخوادم."

لم يتوقع أحد أن يكون توجه ماسك لإضفاء الطابع الديمقراطي وتعزيز قيم الليبرالية في تويتر عبر إجراء استفتاء على أهليته في إدارة الشركة والتي باتت تسهم في إلصاق صفة "أسوأ رئيس تنفيذي في العالم". لا شك أنها خطوة جريئة. كما لم يكن أحد يتوقع سابقاً أن يستغل ماسك البيانات الداخلية للشركة من أجل تصفية الحساب مع خصومه. إن التسريبات الأخيرة التي خصت بها تويتر بعض الصحافيين وأظهرت كواليس بعض القرارات المثيرة للجدل (مثل حظر حساب الرئيس السابق دونالد ترمب) تعتبر دليلاً على ذلك.

تشتت إيلون ماسك وتخبطه لم يتوقف عند هذا الحد، في الأسبوع الماضي حظرت شركة تويتر بشكل عشوائي روابط بعض الجهات التي دخلت معها في خلافات مثل تايلور لورينز من صحيفة واشنطن بوست، والملياردير بول غراهام وهو الأمر الذي انتهى بتقديم ماسك اعتذاره والتكفل بعدم تكرار الأمر مجدداً.

يحاول ماسك لفت انتباه الجمهور، ويحاول أن يقول لجمهوره إنه يكترث بهم. لقد وعدهم أن يكون لهم صوت في التغييرات التي ستحدث مستقبلاً في الشركة. وهو بالاسستفتاء الأخير ربما كان ينتظر أن يطلب منه جمهوره البقاء، فقد اعتاد الظهور لهم بصورة المُخلص. ولكن الصدمة كانت أن 18 مليون صوت (58 بالمئة) قالوا إنه يجب أن يتنحى.

بطبيعة الحال من غير الواضح إذا ما كان عدد كبير من هذه الأصوات جاء من قبل المستثمرين من شركة ماسك للسيارات الكهربائية (تسلا) والتي باتت تشهد انخفاضاً في سعر سهمها في الأسواق حيث وصل إلى أدنى مستوى له منذ 52 أسبوعاً بواقع 150 دولاراً للسهم، وهو ما يمثل انخفاضاً بحوالي 50% عن العام الماضي. ماسك نفسه لم يسلم من هذه الانخفاضات السوقية حيث بات يحتل المرتبة الثانية في قائمة فوربس لأغنى أغنياء العالم بعد رجل الأعمال الفرنسي برنار أرنو.

امتعاض مستثمري تسلا لم يكن خافياً، فقد ذكرت وكالة رويترز أن ثالث أكبر مستثمر في شركة تسلا وأحد أقرب المقربين من إيلون ماسك كوغوان ليو قد غرد في وقت سابق من هذا الأسبوع بالقول إن "إيلون" قد تخلى عن تسلا وإن الشركة الآن تعاني من فراغ في إدارتها التنفيذية. لاحقاً، أعاد ليو التغريد قائلاً "أتمنى أن يجد إيلون بشكل سريع مديراً تنفيذياً جديداً لشركة توتير" وهو يشير بذلك إلى ضرورة عودة إيلون إلى العمل الذي يبرع فيه.

من السخرية أن مسار الاستحواذ على شركة تويتر والذي بلغت صفقته 44 ملياراً قد بدأ باستفتاء على تويتر، ويبدو أن قصة إيلون كرئيس تنفيذي للشركة التي بات يملكها سوف تنتهي باستفتاء أيضاً.

شبكة التواصل الاجتماعي اللامركزية Mastodon تعتبر إحدى بدائل تويتر (Others)

هذا الاستفتاء يتعارض مع توجهات إيلون السابقة. كانت هناك تقارير تشير إلى أن ماسك ينوي البقاء مؤقتاً كرئيس تنفيذي لشركة تويتر. لاحقاً وبفترة قصيرة، أكد، تحت القسم، أنه يسعى إلى العثور على رئيس تنفيذي مناسب يدير الشركة. في مايو/أيار كان واضحاً أن الشركة في طريقها نحو الإفلاس، ولذلك طلّ مجدداً لتأكيد أن مهمته لا تقتضي العثور على مدير تنفيذي وحسب بل جوهر القضية هو العثور على رئيس تنفيذي يملك المؤهلات التي تمكنه من الإبقاء على تويتر على قيد الحياة. الاستفتاء هذا يدل على أن ماسك ربما كان يبحث عن مسوغ للبقاء على رأس الشركة. وبهذا التصويت ربما يكون إيلون قد ألقى بآخر أوراقه. وهو اليوم الذي يبحث عن مدير "غبي بما يكفي" لتولي المهمة مكانه.

إذن، هذا الاستفتاء، جنباً إلى جنب مع ملفات تويتر التي جرى تسريبها مؤخراً، مضاف إليهما الضيق الذي بات يعبر عنه أقرب المقربين منه بسبب مستوى الخسائر التي تكبدتها شركاته، كلها تعتبر عوامل جوهرية في دفع ماسك نحو التنحي. ليس هذا وحسب، هناك عامل آخر لا يقل أهمية هو ثقة المستخدمين في تويتر، والتي باتت تتضاءل بشكل ملحوظ، فهناك ما يشبه الهجرة لمستخدمي تويتر إلى منصات أخرى منافسة.

فقد قال الرئيس التنفيذي لشركة Mastodon ومؤسسها ومطورها الرئيسي يوجين روشكو في مدونة جديدة، إن تطبيق Mastodon، وهو منصة وسائط اجتماعية لامركزية يلجأ إليها الكثيرون كبديل لتويتر، قد شهدت ارتفاعاً هائلاً في قاعدة مستخدميها النشطين من حوالي 300 ألف مستخدم نشط شهرياً إلى 2.5 مليون مستخدم بين أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني.

استحوذ ماسك رسمياً على Twitter في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ما يعني أن القفزة الهائلة التي حققتها Mastodon في عدد المستخدمين تقريباً جاءت مباشرة بعد استحواذ ماسك على الشركة.

في الغالب تصرف ماسك سابقاً بناء على نتائج، وبما يتماشى مع الاستفتاءات التي وضعها على حسابه في تويتر. ولكن التزامات ماسك قد تكون رخوة في العديد من الأحيان، فقد وعد سابقاً بأنه لن يتخذ قرارات مهمة فيما يتعلق بالمحتوى أو إعادة الحسابات المحظورة من غير الرجوع إلى مجلس الإشراف على المحتوى، وهو الأمر الذي تنصل منه لاحقاً لاعتبارات تتعلق بجماعات الضغط.

في الأثناء، تسود حالة من عدم الوضوح سياسة تويتر الجديدة في ما يتعلق بالمحتوى والخصوصية. جرى رفع الحظر عن حساب صحفي الواشنطن بوست لورنز بينما حساب غراهام مازال تحت المراجعة. هناك دعوة صارمة إلى أن تجري إعادة النظر في سياسة الارتباط بحيث يكون الحظر خاصاً بالحسابات التي تروج للشركات المنافسة فقط والتي تندرج تحت بند "الرسائل غير المرغوب بها".

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كُتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن TRT عربي.



TRT عربي