«2023» عام الخير.. الإصلاحات الهيكلية تستهدف خفض الدين الخارجى وتوفير النقد الأجنبى

تبدأ الدولة المصرية مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية مع مطلع العام المقبل ٢٠٢٣، تزامنًا مع إتمام الاتفاق المبرم مع صندوق النقد الدولى، بغرض الحصول على تمويلات إضافية تصل إلى ٣ مليارات دولار، إضافة إلى توفير حزمة تمويلية من شركاء دوليين بقيمة ١٤ مليار دولار. 

إزاء تلك المرحلة، أقرت المجموعة الوزارية الاقتصادية حزمة من السياسات والإجراءات المزمع بدء تنفيذها فى غضون الأسابيع القليلة المقبلة، لاستكمال تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى. 

وتستهدف التدخلات الطارئة لإنعاش الاقتصاد حل عدة مشكلات رئيسية من أبرزها: انخفاض نسبة مشاركة القطاع الصناعى فى جملة الاستثمارات المنفذة، وارتفاع مستويات الدين الخارجى، واستمرار عجز الميزان التجارى، وتضاؤل نسبة الاستثمار الأجنبى إلى الناتج المحلى الإجمالى، وتذبذب مشاركة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، وارتفاع معدلات الزيادة السكانية ومستويات الفقر، وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبى.

برنامج وطنى لزيادة الاحتياطيات النقدية عبر تشجيع التصدير وقطاع السياحة.. وتحويل المسار إلى اقتصاد «إنتاجى»

يعد انخفاض احتياطيات النقد الأجنبى واحدًا من أخطر التحديات التى تواجه الاقتصاد الوطنى، لذا ستركز الحكومة على التحرك فى عدة اتجاهات للحل: أولها برنامج وطنى لتنمية موارد الدولة من النقد الأجنبى، من خلال تشجيع الصادرات والسياحة والاستثمار الأجنبى.

وستبدأ الدولة فى تنفيذ برنامج إصلاحى جديد مع صندوق النقد الدولى، إلى جانب آليات متنوعة لتخارج الدولة من النشاط الاقتصادى، من خلال تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص وصندوق مصر السيادى.

أما بالنسبة لتحدى ارتفاع معدلات التضخم، فتعتمد سياسة التحرك على زيادة حجم المعروض من السلع الأساسية، من خلال تحفيز القطاعات الإنتاجية كالزراعة والصناعة وغيرهما.

كذلك تدشين مجموعة من حزم الحماية الاجتماعية للحد من صدمات ارتفاع الأسعار العالمية، واستمرار التنسيق بين السياسات المالية والنقدية للدولة، بالتوازى أيضًا مع العمل على معالجة نقص مستلزمات الإنتاج، من خلال تعميق وتوطين الصناعة المحلية والسلع الوسيطة.

وتتطرق سياسات التحرك أيضًا إلى أزمة زيادة حجم المديونية، حيث ترتكز على ترشيد الإنفاق العام والتوسع فى تمويل المشروعات القومية، وخفض الاحتياجات التمويلية والالتزام باستعادة مسار خفض الدين، وتطوير سوق الأوراق المالية وضمان تعزيز آليات المنافسة.

كما تشمل الخطة إجراءات لمعالجة تذبذب مشاركة القطاع الخاص، ورفع نسبة مساهمته فى الاستثمارات الكلية إلى ٦٥٪، وإطلاق وثيقة سياسة ملكية الدولة، وإقرار منظومة متكاملة من الحوافز الاستثمارية وتكثيف جهود دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى عدد من أصول الدولة من خلال تبنى برنامج عاجل تنفذه وزارة التخطيط بالتعاون مع صندوق مصر السيادى.

تستهدف المرحلة الثانية من البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية زيادة مرونة الاقتصاد المصرى، ورفع قدرته على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مساره من اقتصاد «شبه ريعى» إلى اقتصاد «إنتاجى».

وتشير خطة الإصلاحات إلى أنه من المستهدف زيادة معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال العام المالى ٢٠٢٣/ ٢٠٢٤، لما بين ٦٪- ٧٪، مع زيادة نصيب قطاعات الصناعة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من الناتج المحلى الإجمالى لنحو ١٥٪ و١٣٪ و٥٪ بالترتيب، لتسهم فى مجموعها بنسبة ٣٣٪ من الناتج الإجمالى، بدلًا من ٢٦٪ فى الوقت الحالى، وكذلك خفض نسبة العجز الكلى من الناتج المحلى الإجمالى إلى ٥.٥٪ بنهاية عام ٢٠٢٣/٢٠٢٤.

استئناف الطروحات الحكومية بقيمة 10 مليارات دولار سنويًا

تتضمن أهم محاور وأهداف البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية، قطاع الصناعات التحويلية، وقطاع الزراعة، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا والمعلومات.

وفى قطاع الصناعة تستهدف الخطة زيادة نصيب الصادرات الصناعية ذات المكون التكنولوجى المرتفع من إجمالى الصادرات الصناعية بمعدل لا يقل عن ٢٠٪ سنويًا. أما فى قطاع الزراعة، فتستهدف تحسن ترتيب مصر ١٠ مراكز فى مؤشر الأمن الغذائى العالمى، من المرتبة ٦٠ إلى ٥٠ من بين ١١٣ دولة.

ويشمل المحور الأول من خطة الإصلاح، تطوير منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى، من خلال زيادة نسبة الملتحقين بالتعليم الفنى، وإطلاق منصة لمجالس المهارات القطاعية، واعتماد مدارس التعليم الفنى اعتمادًا دوليًا لتغيير الصورة الذهنية للتعليم الفنى، وإنشاء الهيئة المصرية الوطنية لضمان الجودة والاعتماد فى التعليم والتدريب التقنى والفنى والمهنى.

أما المحور الثانى فيشمل تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز دور القطاع الخاص، من خلال إلغاء المعاملة التفضيلية للشركات المملوكة للدولة، مع بدء سريان وثيقة تنظيم ملكية الدولة، والتوسع فى تفعيل بعض مواد قانون الاستثمار رقم ٧٢ لسنة ٢٠١٧، خاصة الرخصة الذهبية، وبعض الحوافز الخضراء، وسياسة الحياد التنافسى، وتحويل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى مركز صناعى لوجستى عالمى، بالإضافة إلى استئناف برنامج الطروحات لأسهم عدد من الشركات المملوكة للدولة بقيمة ١٠ مليارات دولار سنويًا.

كما تشمل الخطة محور هيكلة سياسة الحماية الاجتماعية، بحيث تضمن إطلاق برامج ومبادرات تغطى الفقر بمفهومه متعدد الأبعاد وليس الفقر المادى فقط، عن طريق الاعتماد على بيانات متطورة وتقييم تلك البرامج والمبادرات، وفق مؤشر «الفقر متعدد الأبعاد».

508% زيادة فى الاستثمارات العامة منذ عام 2016

رغم مرور أكثر من ٦ سنوات على إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى، فإن مؤشرات الأداء الاقتصادى شهدت تحسنًا ملحوظًا.

وحققت الاستثمارات العامة نموًا مطردًا منذ إطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى ٢٠١٦، بنسبة وصلت إلى ٥٠٨٪، وذلك من ١٨١ مليار جنيه فى عام ٢٠١٥/ ٢٠١٦ إلى ٣٠١ مليار جنيه فى عام ٢٠١٦/ ٢٠١٧، و٤٧٠ مليار جنيه فى عام ٢٠١٧/ ٢٠١٨، و٥١٤ مليار جنيه فى ٢٠١٨/٢٠١٩، وانخفضت هذه الاستثمارات بشكل استثنائى إلى ٤٩١ مليار جنيه بسبب أزمة «كورونا» فى عام ٢٠١٩/٢٠٢٠، ثم عاودت الارتفاع لـ٦٢١ مليار جنيه فى عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، و٨٧٤ مليار جنيه فى عام ٢٠٢١/٢٠٢٢، وصولًا لـ١.١٠٠ تريليون جنيه فى عام ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣. وشهد نصيب الفرد من الاستثمارات العامة تطورًا من ١٦٨٠ جنيهًا/ فرد فى عام ٢٠١٤/ ٢٠١٥ لـ٣٢٦٦ جنيهًا/ فرد فى عام ٢٠١٦/ ٢٠١٧ لـ٥٢٣٦ جنيهًا فى عام ٢٠١٨/ ٢٠١٩ لـ٦١١٨ جنيهًا/ فرد فى عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، ومن المستهدف زيادتها لـ١٠.٣١٩ ألف جنيه بنهاية العام الحالى ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣. 

وارتفعت نسبة الاستثمارات العامة الخضراء من ١٥٪ من إجمالى الاستثمارات فى عام ٢٠٢٠/ ٢٠٢١ لـ٣٠٪ فى عام ٢٠٢١/ ٢٠٢٢، و٤٠٪ فى عام ٢٠٢٢/ ٢٠٢٣. ومن المستهدف الوصول لـ٥٠٪ فى عام ٢٠٢٤/ ٢٠٢٥.

وتستحوذ مشروعات قطاع النقل على ٦٤٪ من الاستثمارات الخضراء، يليها مشروعات حياة كريمة ١٥٪، والإسكان ٧٪، وزراعة ورى بنسبة ٥٪.

تنمية القطاع الخاص من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة

أظهرت وثيقة لصندوق النقد الدولى أن البرنامج المشترك بين مصر والصندوق ينطوى على عدد من التدابير، فى مقدمتها دعم تنمية القطاع الخاص، من خلال إلغاء المعاملة التفضيلية للشركات المملوكة للدولة، حيث تشكل سياسة ملكية الدولة، خطوة أولى حاسمة على مسار هذا الإصلاح، وتعزيز سياسة المنافسة وتحسين العمليات المرتبطة بالتجارة.

كما تركز السياسة النقدية فى ظل البرنامج على مكافحة التضخم، والحد من تآكل القوى الشرائية الذى يقع تأثيره الأكبر على الأسر الفقيرة والأسر من الطبقة المتوسطة، وعلاوة على ذلك تخطط السلطات لتوسيع نطاق الإنفاق الاجتماعى فى ظل البرنامج لمساعدة أضعف الفئات، لتشمل توسيع برنامجى «تكافل وكرامة» ليغطيان ٥ ملايين أسرة إضافية، وتعميم نظام التأمين الصحى الشامل وتقديم الدعم الطارئ لحملة بطاقات التموين، والتوسع فى اتخاذ تدابير لحماية القوة الشرائية للعاملين بأجور محدودة وأصحاب المعاشات.

استمرار الدعم العينى والنقدى 

قال مصدر مطلع بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن إجراءات الإصلاح الهيكلى المستهدف تنفيذها تركز بشكل أساسى على تغيير تركيبة القطاعات الأعلى مساهمة فى النمو الاقتصادى، بحيث تتشكل الكتلة الأكبر من القطاعات الإنتاجية ذات العائد المستقر، بدلًا من الاعتماد بشكل كبير على قطاعات شديدة التأثر بالصدمات الخارجية كالسياحة والتجارة.

وأضاف المصدر أن تلك الإجراءات لن تشمل المساس بمخصصات الدعم بمختلف أنواعها سواء العينى أو النقدى، وإنما تستهدف استمرار دعم السلع التموينية وتقديم الدعم النقدى لمستحقيه، وتنمية قرى الريف المصرى، مشيرًا إلى أنها ستركز على زيادة إنتاجية الاقتصاد المصرى، ورقمنة منظومة التصنيع واستحداث مشروعات جديدة مشتركة بين القطاعين العام والخاص.

ولفت إلى أن الحكومة تعتزم إفساح المجال أمام القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والنقل والطاقة والاتصالات، بدءًا من مرحلة التصميم والتمويل وحتى الإنشاء والتشغيل والصيانة، بما يتيح فرصًا لمشاركة عدد أكبر من شركات القطاع الخاص فى أعمال تلك المشروعات.

تفعيل دور الأجهزة الرقابية للسيطرة على الأسعار

قال الدكتور على الإدريسى، الخبير الاقتصادى عضو الجمعية المصرية للإحصاء والتشريع، إن برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى سيمتد لأربع سنوات مقبلة.

وذكر أن البرنامج ينطوى على جزء كبير من الإصلاحات الهيكلية، إلى جانب إصلاحات نقدية ومالية تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولى، لافتًا إلى أن أهم تلك الإصلاحلات تطبيق نظام سعر صرف مرن، ووجود سعر عادل للجنيه المصرى أمام العملات الأجنبية، وخفض عجز الموازنة ومستويات الدين العام، إضافة إلى إتاحة مساحة أكبر لمشاركة القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى، وإلغاء التشوهات فى أسعار الفائدة.

وأضاف أن تلك الإجراءات تفرض على الدولة الاستمرار فى تنفيذ برامج الحماية الاجتماعية، لتقليل تكاليف وأعباء الإصلاح عن كاهل الطبقات الفقيرة ومحدودى الدخل، مع تطبيق معايير وضوابط الاستهداف العادل والدقيق لمستحقى الدعم، لضمان وصوله إلى الفئات المستهدفة، والحد من إهدار مخصصاته على غير الأوجه المطلوب إنفاقها. وشدد على أهمية العمل أيضًا على تفعيل دور الأجهزة الرقابية، للسيطرة على الأسعار ومحاربة الاحتكارات، من خلال تفعيل القوانين السارية وتغليظ العقوبة على المخالفين على أكمل وجه دون استثناءات.

تاريخ الخبر: 2022-12-24 21:21:10
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

أمطار مصحوبة برياح مثيرة للأتربة والغبار على 7 مناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:23:35
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

دعمًا لفلطسين.. فصائل عراقية تستهدف ميناء حيفا في إسرائيل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

هجوم إسرائيلي على الضفة الغربية.. واستشهاد 5 فلسطينيين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:19
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

الرئيس الفرنسي: الحوار مع روسيا يجب أن يستمر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:09
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية