لارغيت: قصة طرد كان وشيكا لثلاثة من لاعبي المنتخب المشارك في المونديال


أمين الركراكي

لن نجد أفضل من ناصر لارغيت للحديث عن أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، باعتباره أحد مؤسسي هذا الصرح والمخططين لاستراتيجية العمل التي ينهجها منذ تدشينه سنة 2009. فقد ساهم الرجل بخبرة السنين التي راكمها من خلال العمل الميداني خصوصا في فرنسا، في تأسيس تجربة فريدة بدأت المملكة تجني ثمارها لتعطي بذلك الكثير من الدروس والعبر للقائمين على كرة القدم الوطنية.

 

الدرس البليغ يكمن في العمل الدؤوب المبني على أسس علمية وتربوية، فلكي تجني الثمار عليك أن تزرع أولا ولا تكتفي بالزرع بل أن تهيئ الأرض وتتعهدها بالرعاية والسقي وتستخدم الأدوات بعناية فائقة، ثم تختار الحبوب المناسبة للزرع وتنتقي بعناية من تأتمنه على الأرض والزرع.

 

بكلمات قليلة لكنها دقيقة مختارة بعناية، يتحدث لارغيت في حوار مع “الأيام” عن مرحلة التأسيس وعوامل النجاح التي ترجمت ميدانيا في مونديال قطر 2022.

 

الأكاديمية ممثلة اليوم في المنتخب المغربي بأربعة لاعبين في بطولة من المستوى العالي. هل هذا مؤشر كاف على نجاح الأكاديمية في بلوغ أهدافها؟

 

نعم، إنه مؤشر قوي على نجاحنا في تحقيق الأهداف التي كلفنا بها عند تنفيذ المشروع بناء على طلب جلالة الملك محمد السادس.

 

والأمر لا يتعلق فقط بهذا الأمر، فمنذ فوج (2009‭\‬2014) هناك أبعاد أخرى:

 

• البعد الاجتماعي: ويتمثل في إتاحة الفرصة للشباب من أجل اتخاذ كرة القدم مهنتهم الخاصة (47 من أصل 57 شابا هم محترفون من ضمنهم العشرات في أوروبا).

 

• البعد الرياضي: الارتقاء بالمستوى العام لكرة القدم الوطنية من خلال اللاعبين الذين يلعبون في الأندية الوطنية المختلفة (المنتخب المحلي، الشبان، أقل من 20 سنة، أقل من 17 سنة، أقل من 15 سنة). وهذا هو الحال مع لاعبينا الموندياليين الأربعة في كل خط من الخطوط: التكناوتي في حراسة المرمى وأكرد في الدفاع و أوناحي في الوسط والنصيري في الهجوم.

 

• البعدان التربوي والمدرسي: بنسبة نجاح بلغت 100% بحصول اللاعبين على شهادة البكالوريا بتفوق بالنسبة للبعض.

 

ما هي أبرز ذكرياتك عن رباعي الأكاديمية المتواجد في المنتخب؟

 

لم تجر الأمور دائما بسلاسة مع هؤلاء اللاعبين الأربعة، فقد مررنا بعدد من الأحداث حيث بلغ بي الأمر في إحداها إلى تهديد ثلاثة منهم بالاستبعاد من أجل دفعهم إلى الالتزام بالقواعد ورفع مستوى التطلعات المنتظرة منهم في جميع المستويات، سواء المدرسية أو الرياضية أو التربوية. لكن كل ذلك كان في إطار تحكمه الرعاية والتشارك مع هؤلاء الشباب من خلال الإنصات إليهم ومساعدتهم قبل كل شيء على النجاح في حياتهم ثم الاستجابة لتطلعات عائلاتهم والثقة التي وضعتها فيهم.

 

كيف تفسر أن الأكاديمية نجحت في تطعيم المنتخب الأولى وتحقيق أهدافها في ظرف 13 سنة في حين عجزت مراكز التكوين في الأندية عن تقديم لاعبي نخبة قادرين على اللعب للمنتخب الأول أو الاحتراف في أوروبا؟

 

هناك أولا وقبل كل شيء ضمانة جلالة الملك الذي كانت لديه رؤية حقيقية، وبعد ذلك السيد الماجدي ومساعديه، حيث وضعنا استراتيجية بعيدة المدى بأهداف محددة عبر مراحل واقعية وقابلة للتحقق. وأخيرا هناك أمور أخرى تأخرت الأندية في اعتمادها مثل:

 

• بنية تحتية بمعايير دولية.

 

• خلية لاكتشاف المواهب الصغيرة من 9 سنوات إلى 12 سنة.

 

• التعاقد مع موظفين وكفاءات من المستوى العالي في جميع المجالات (المدرسون والمربون والمشرفون والأطباء والمنشطون والسائقون وعمال الغسيل والبستانيون…).

 

• المشاركة في البطولات الوطنية والدورات الرياضية والمنافسات الدولية.

 

• النتائج في البطولات لا تحظى بالأولوية على حساب تكوين الشباب (شعارنا هو الفوز بالشق المهني للاعبين بدلا من الفوز بالبطولات). وهذا لم يمنعنا من الفوز بالكثير من البطولات لفئتي أقل من 19 سنة وأقل من 15 سنة.

 

هل يمكن أن تلعب مراكز التكوين الجهوية دورا مكملا لأكاديمية محمد السادس أم أن نجاحها يفرض مثلا تأسيس فروع جهوية لها في مختلف مناطق المغرب؟

 

نعم، كان هذا هو الهدف عندما توليت منصب المدير التقني الوطني في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم من خلال تطوير دفتر التحملات الخاص بهذه المراكز ومتابعة تشييد أخرى في السعيدية والمعمورة وبني ملال، كان هناك أيضا مشروع مركزين في إفران والعيون.

 

تأسيس هذه الفروع كان بالنسبة لنا مبادرات أساسية من أجل اكتشاف المواهب الواعدة من الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و12 سنة قبل إلحاقهم نهائيا بالمشروع. كثير من الشباب مروا من هذه التجربة مثل أوناحي وحيمود والساهل والشرايبي وترغالين وآخرين.

 

اشتغلت في مجال التكوين والإدارة التقنية لسنوات طويلة سواء في فرنسا أو المغرب. ما هو تقييمك لمستوى التكوين اليوم سواء في مراكز التكوين أو الأندية؟

 

أصبح التكوين بفضل الأكاديمية والبرنامج الذي أسسناه في جامعة كرة القدم لدعم مراكز التدريب داخل الأندية (الموارد البشرية والتدبير الاقتصادي) أكثر تناغما ويمشي على المسار الصحيح، لكن للأسف مازالت بعض الأندية بحاجة إلى الاقتناع بالمشروع والمساعدة. لكني سعيد لأن التدريب في بلدنا بدأ يستعيد مستواه الذي كان عليه قبل أكثر من 20 سنة. الجهد المطلوب وليس الوحيد هو صيانة البنيات التحتية ذات الجودة العالية.

 

استثمرت الدولة ميزانيات ضخمة في الرياضة خلال السنوات الماضية، ظهرت للجميع من خلال البنيات التحتية. هل شمل التطور الجانب التقني كذلك أم أن الموضوع مازال بحاجة إلى جهود أكثر؟

 

المطلوب هو ترسيخ كرة القدم الوطنية بين نظيراتها الكبرى، والمصداقية اتجاه عائلات الشباب من مزدوجي الجنسية الذين يتوفرون على المؤهلات للانضمام إلى المنتخبات الوطنية في الفئات الصغرى. وفضلا عن ذلك تحسيس الأندية بأهمية الاستثمار في التكوين الذي يؤتي ثماره اليوم.

 

ما هي الفوائد التي يمكن أن تجنيها كرة القدم الوطنية من إنجاز المنتخب؟

 

في ما يخص البنيات التحتية، أعتقد أن الجهود التي بذلت كانت من مستوى عالمي بفضل الرئيس الحالي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. ويضاف إليها أجمل مركز تقني في إفريقيا وحتى في أوروبا، وقد كان لي شرف المساهمة الوازنة في هذا بالعمل إلى جانب الرئيس السيد لقجع ونائبه السابق البوشحاتي والمهندس المعماري بن عبدالله ومدير المركز خربوش والمسؤولين عن التجهيزات والمعدات.

 

كيف يمكن استثمار ذلك في تطوير مستوى المنافسة محليا؟

 

يمكن تعزيز العمل الذي قمنا به والجهود التي بذلناها خلال خمس سنوات في الأكاديمية التي يعود الفضل في تأسيسها لجلالة الملك والسيد الماجيدي، من خلال مواصلة العمل الاحترافي المتمثل في اكتشاف المواهب والاهتمام بالشباب عبر برنامج عمل منهجي دقيق، وكذا الاستمرار في الاعتماد على الأطر المغربية من المستوى العالي (وهي موجودة) في كل المجالات، سواء الإدارية والتقنية والطبية والرياضية وغيرها، وفق خطة العمل التي باشرها لقجع والراحل جان بيير مورلان في الجامعة والإدارة التقنية الوطنية. يتعين أيضا فرض الاحتراف على الأندية من خلال دفتر تحملات بمواصفات عالية وصارمة.

 

هل ندمت على السنوات التي قضيتها في العمل في المغرب بسبب العقبات التي يواجهها عادة الخبراء في شتى المجالات؟

 

لست نادما لأنني قمت بالعمل الذي بدا لي أنه الأكثر ملاءمة لبلدي من خلال الأكاديمية والجامعة، واليوم لا أحد يمكن أن ينكر أن النتائج الحالية هي ثمار جهود العمل القاعدي العميق الذي قمت به رفقة الأطر المساعدين، عبر رؤية معتمدة على استراتيجية محددة وأهداف بعيدة المدى.

 

كنت أعرف العقبات والعقليات، ورغم ذلك فقد ذهبت حتى النهاية في تطبيق قناعاتي، وأرى أن بعض الأشخاص يستغلون ذلك جيدا ولا ألومهم على ذلك لأن الفخر بما تحققه كرتنا الوطنية اليوم أهم من ذلك بكثير. يقال دائما إن للنجاح آباء كثيرين والفشل يتيم.

 

بدأت العمل من وقت قريب مع الاتحاد السعودي لكرة القدم. ما هي أول انطباعاتك عن الكرة السعودية وما هي نقاط قوتها وضعفها؟

 

إنه تحد كبير أخوضه مع كبار المسؤولين الذي يملكون رؤية واستراتيجية بعيدة المدى بالاعتماد المواهب المحلية المتميزة.

 

الأكاديمية الفتية تتخطى الأندية الوطنية العريقة

 

عندما ارتقى يوسف النصيري عاليا يوم 9 دجنبر الجاري في ملعب الثمامة فإنه لم يكتف فقط بتسجيل هدف الانتصار التاريخي في مرمى البرتغاليين، بل إنه سجل أهدافا أخرى لنفسه أولا بالرد على كل من انتقدوه طيلة الأشهر الماضية، ولكل من آمن بموهبته وشجعه في لحظات الشك والمحنة التي يجتازها أي إنسان في مرحلة أو مراحل من حياته.

 

لعل أكثر المنتشين بتألق النصيري وعدد من زملائه هو ناصر لارغيت المدير التقني السابق لأكاديمية محمد السادس وكل من اشتغلوا معه ومازالوا إلى اليوم، فضلا عن مهندسي المشروع والقائمين عليه برعاية ملكية تعهدتها من البداية.

 

تألق النصيري وأوناحي وأكرد والتغناوتي (وإن لم يلعب بعد) يشكل درسا بليغا للقائمين على شؤون كرة القدم الوطنية، خصوصا في الأندية التي أهملت العمل القاعدي وفضلت الاعتماد على الأكلات الجاهزة، في حين أن أحد أدوارها الرياضية والاجتماعية يكمن في تربية الشباب وتأطيره.

 

في الوقت الذي كانت تتهافت فيه الأندية على الألقاب ومبالغ الدعم السمينة لتصرفها على عقود اللاعبين والمدربين وأجورهم المبالغ فيها، واصلت الأكاديمية اشتغالها بعيدا عن الأضواء وفق خطة علمية مدروسة تعتمد على الكفاءات في كل المجالات، وتستحضر الأبعاد التربوية والرياضية والاقتصادية.

 

لم تراهن الأكاديمية على النتائج، لكنها مع ذلك تمكنت من التفوق على كل الأندية الوطنية في بطولات الفئات الصغرى واكتسحت الساحة، ولعل أبرز مثال اليوم يكمن في النصيري نفسه الذي ساهم ذات يوم في تتويج فريق الأكاديمية بلقب البطولة الوطنية لأقل من 15 سنة بهدف الفوز الذي سجله على الفتح الرباطي.

 

بتواجد أربعة من خريجيها، سجلت الأكاديمية حضورها البارز ضمن أبرز الأندية والمؤسسات المشرفة على تكوين اللاعبين المشاركين في المونديال، كما يؤكد ذلك تقرير مرصد كرة القدم التابع للمركز الدولي للدراسات الرياضية (CIES) الصادرة يوم 12 دجنبر الجاري.

تاريخ الخبر: 2022-12-26 12:20:58
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 68%
الأهمية: 71%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة حسنة البشارية أيقونة «الجزائر جوهرة» - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:06
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 60%

الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري “تشانغ آه-6” في 3 ماي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:15
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 54%

الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:10
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:25:13
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

أمريكا: أب يجبر طفله على الركض حتى وفاته - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 09:24:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية