سعاد الفاتح: يا اخونا حرام عليكم نفرش بناتنا وعرضنا


عبد الله علي إبراهيم

(رحلت سعاد الفاتح إلى رحاب اشتهتها وكرست عمرها لتستحقها. رحمها الله. وهذه كلمة قديمة عن توجعها على تردي الأخلاق في عهد الإنقاذ الإسلامي. وكبرت في عيني زميلتها فاطمة أحمد إبراهيم حين سألوها عن فوز سعاد دونها بالبرلمانية في 1986، قالت فاطمة، من فوق منصة جندرية بليغة، سعاد أنثى وتعيش أوجاعنا. فهي صوت للمرأة وإن نأت العقائد السياسية”.

وقعت سخرية قدر عجيبة منذ حُل الحزب الشيوعي في ديسمبر 1965 تُذَكر بقولنا “أهل البكا غفرو الجيران كفرو”. وهذه السخرية القدرية ماثلة في أن الإسلاميين قبلوا بالماركسية من غير تصريح بالطبع بينما قنع الماركسيون من نظريتهم ظاهراً وباطناً. فمنهم من رماها في قارعة الطريق، ومنهم من ينتظر، ومنهم من لا يعمل بها ويقاتل دونها.

فمربط الفرس في حل الحزب الشيوعي كان أنه يدعو إلى التحلل الأخلاقي وتعهير النساء. ورردنا عليهم أن من يدعو النساء إلى سوق العمل لا يمكن أن يدعو لغير كرامتهن واستعلائهن على الحاجة الملجئة للتبذل. قلنا أن شرائع الأخلاق حبابها عشرة” وعاصمة من الترخص ولكن علينا أن نساعدها ب”جكة” مجتمع قائم على العدل. كان صراعاً حول الأخلاق والاقتصاد. كان من رأي الأخوان كفى بالدين عاصما. وقلنا لهم المعاد بالمعاش.

بعد خمسين عاماً وجد كثير من الإخوان المسلمين (الذين سارعوا مسارعة فطيرة للحكم) أنفسهم وقد انحطت الإخلاق بدولتهم حتى كانوا هم أول المحتجين. شكوا من لقطاء المايقوما، ومن ارتفاع معدل مشاهدة الأفلام الماجنة وهلمجرا.

وكانت الأعلى صوتاً في نعي أخلاق النساء والرجال هي سعاد الفاتح: نفس السعاد التي كانت بطلة ندوة معهد المعلمين العالي الشهيرة. وهي الندوة التي تأسست فيها الفرية بفساد خلق الشيوعيين بعد أن شتم طالب مستهتر “ملصق” شيوعيين بيت أفضل البشر. ولا زال غير معتذر ولا آبه بتعريضه لحزب الكادحين الأمثل للشرور والمحاق. لعنه الله.

وهكذا نجد الإسلاميين تعثروا بالماركسية عن تجربة طويلة فظة بينما يتنصل أهلها التقدميون عنها بوصفها نظرية ضليلة. والسبب أنهم لم يستمعوا إلى قول الحزب بعد تلك النكسة. وكان قال لهم إن العزلة التي فرضها الرجعيون علينا بحل الحزب تستنفرنا أن نتعمق هذا الدين وندخل بالماركسية على معانيه الغراء نجددها ونستصحبها إلى قلوب المسلمين وعقلهم. وقال إن هذه معركة لا يجدي فيها الدفاع بل الهجوم الذكي النير. وكون الحزب لجنة للدين لموالاة ذلك الواجب. ولكن تراخت الهمم. وهكذا صار تحلل الماركسيين من الماركسية هي طريقهم الوحيد للاقتراب من تحدي استصحاب الدين فراراً من التحدي. وهذا موقع دفاع لا هجوم حيال حقائق الدين وسياساته كما أراد له الحزب.

وأعرض هنا لما طرأ على سعاد الفاتح التي أشقاها مؤخراً فساد الأخلاق في دولة الرساليين الكذبة:

تأست السيدة سعاد الفاتح، البرلمانية البارزة عن المؤتمر الوطني، على حال طالبات الأقاليم الجامعيات بولاية الخرطوم. وقالت إن اقتصادهن الشحيح اضطرهن لأشياء تَعْرِف عنها وتمسك الحديث عنها. ولكنها قالت بشجن ملحوظ واضح: “يا اخوانا حرام عليكم نفرش بناتنا وعرضنا”.

ظللت اسمع عن “بنات الأقاليم” في الخرطوم. وبدا لي الحديث عن “فرش عرضهن” ربما كان مبالغاً فيه. وتنبهت لحديث بعضهن عن التجني عليهن بحديث الفرش كاستثناء وكأن الأزمة الاقتصادية أعفت الخرطوم فتععفت بناتها. فالحديث عن أخلاق طلاب الجامعات، سواء من حيث تفشي المخدرات بينهم أو الفاحشة، لا يخلو من مبالغة لأنني وجدت من عرضوا المسألة في الصحف عازتهم البينات.

ولكن لا خلاف حول أن هناك مسألة تضعضع أخلاقي عام في سياق الأزمة الاقتصادية التي تطاولت. ومن المريح أن أناقش هذا الأمر على ضوء هذه الصرخة وما تزال عضواً مفصحاً في حركة سياسية وتربوية هي الحركة الإسلامية. وكان لها بالنتيجة مفاهيم عن الاقتصاد والأخلاق. وكان نهجها أن الأخلاق نازع روحي وديني يتعالى على الاقتصاد ساء أم حسن. فيكفي أن يحسن دين المرء فتحسن أخلاقه. واشتهرت سعاد بالحاحها أن تتحجب الطالبات اللائي رعتهن في جامعة أمدرمان الإسلامية. وجعلت الحجاب (مجرداً) من علائم حسن الأخلاق.

من الجهة الأخرى اعتقدت سعاد (ضمن حركتها الإسلامية) أن من ساء دينه ساءت أخلاقه.

وهنا استعيد خطابهم الأخلاقي خلال حملة الإسلاميين لحل الحزب الشيوعي في 1965 وطرد نوابه من البرلمان. وكانت نواة ذلك الخطاب أن الشيوعيين بلا دين فهم بلا أخلاق. ووقف يرد الذائعة عمر مصطفي المكي، النائب الشيوعي، في آخر خطاب له بالبرلمان في 8 ديسمبر 1965. وخرجت الميدان بخط عريض منه يقول: “ما هي المصادر الحقيقة للتفسخ الأخلاقي في البلاد”. بدأ عمر كلمته بآية من سورة الأحزاب. وقال إنه يكرر “الأحزاب”. وهي عن الأشحة على الخير، حداد الألسنة، ليني الركب، من أحبط الله عملهم. وكانت الآية الكريمة الثالثة التي استدعاها عمر في كلمته. وقال اتهمتنا الأحزاب في أخلاقنا بينما الحكم على ذلك لشعبنا الذي عرفنا لعشرين عاماً نحتذي مكارمها ونضمنها لوائحنا التنظيمية. ثم التفت ليضع أصبعه على بؤر التفسخ الخلقي الجد. وعرض على النواب مجلات جنس أمريكية متداولة بين الناس. وعندما قرأ بعض ما جاء على لسان عاهرات فيها احتج بعض الأعضاء. فسكت عن ذلك. ولكنه قال ليعلموا مصادر التفسخ الأخلاقي الحق.

وربما فاق محمد أحمد محجوب، رئيس الوزراء، الإسلاميين في منطق الأخلاق المتعالية بكلمة أذيعت على الأمة عن فساد خلق الشيوعيين. وغضب أستاذنا عبد الخالق محجوب على “البوص”، محجوب الزمن الجميل، كما لم يفعل من قبل وطلب وقتاً مساوياً للرد في الإذاعة. ولما لم يفعلوا أصدر بياناً تصدرته الآية القرآنية: “إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6]}. ثم قال كيف لحزب يناضل لخروج المرأة للعمل وقيامها بأمر نفسها فيدعوها للرذيلة كما قيل عنهم إثر حادث معهد المعلمين المعروف.

لا أعود إلى حادثة 1965 لجاجاً أو لكسب النقاط. ولكن لابد من “ألم أقل لكم”. فقد قال الشيوعيون يومها إن حديث الأخلاق المتعالية على الاقتصاد مضل. وشهدت سعاد الآن ببعضه. وغرضي مع ذلك ما ظللت أردده من أن الحركة الإسلامية (وهي ليست المؤتمر الوطني بالمناسبة) لن تسترد عافيتها إلا بنقد شجاع لدورها في حل الحزب الشيوعي. وسمعت مؤخراً من الترابي أو أحمد عبد الرحمن أن الزعيم الأزهري كان

صمم على الحل وتبعوه بغير إحسان. أما ما ينبغي للشيوعيين أن يفعلوه ليستقيم الأمر فكثير.

سعاد الفاتح عن تردي الأخلاق في السودان

نشر ب”سودان تربيون” بتاريخ الإثنين, 30 ديسمبر 2013

أم درمان: معتز محجوب

دقت القيادية البرلمانية بروفيسور سعاد الفاتح ناقوس الخطر، وكشفت عن وجود ممارسات غير أخلاقية في المجتمع كزواج «رجل من رجل» في إشارة لزواج المثليين، وعبرت عن استغرابها لسخرية نواب من حديث البعض عن وجود تفلتات في المجتمع، وقالت «ربنا سيسخر من الذين يسخرون»، وأكدت أن ما يحدث في السودان من تفلت لا يحدث في أي بلد أوربي متفلت، ووصفته بالخزي والعار، وفيما دافع رئيس البرلمان الفاتح عز الدين عن المجتمع السوداني.

ووصفه بأنه أطهر وأنقى مجتمع، أكد أن ما يحدث لا يعبر عن قيم المجتمع. وتساءلت سعاد أمس بالبرلمان: «كيف تحدث احتفالات بموسيقى لزواج رجل من رجل وبوجود مأذون»، وقالت إن ما حدث كان على مسمع ومرأى من المشايخ ذوي النفخة والرجولة ــ على حد قولها ــ وقالت: «هذا خزي وعار».

سعاد الفاتح تكشف عن تفلتات بالمجتمع كزواج «رجل من رجل»

تاريخ الخبر: 2022-12-26 15:23:28
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

توقيف 8 طلبة طب بوجدة بعد يوم واحد من تهديدات ميراوي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 00:25:53
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

توقيف 8 طلبة طب بوجدة بعد يوم واحد من تهديدات ميراوي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-15 00:26:02
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية