هل روسيا قادرة على استعادة دور جالوت في الحرب الأوكرانية؟


أن تقاتل في الخطوط الخارجية، في أي معركة، فهذا يعني ببساطة أنك العملاق جالوت أو الطرف الأقوى في معادلة الصراع، فيما يعني القتال في الخطوط الداخلية، أنك الطرف الأضعف أو - امتداداً لاستعارة المعركة الشهيرة - داود.

فلنتخيل دائرة أو قوساً على المسرح الحربي. من يقاتل خارج الدائرة أو القوس يكون عادة هو المهاجم الأقوى والأغنى بالعديد والعتاد. لكن الشق السلبي في هذا القتال، هو اضطرار المهاجم إلى نشر قواته لتغطية مساحات أكبر تحول دون قدرتها على دعم بعضها البعض. 

أما من يقاتل داخل دائرة المسرح الحربي - أو على الخطوط الداخلية - فيكون عادة المدافع. وفي هذا القتال وجه إيجابي مهم جداً، ألا وهو قدرة القوات على دعم بعضها البعض دفاعياً. كما ترتفع نسبة كثافة القوات بالنسبة إلى المساحة كلما تقدم المهاجم وتراجع المدافع. وأخيراً وليس اخراً، تكون خطوط المواصلات والإمداد قصيرة نسبياً للمدافع. 

من هنا تشكلت المعادلة الذهبية التالية بين الدفاع والهجوم: لكل فرد مدافع، يجب توفر ثلاثة مقاتلين على الأقل للقوة المهاجمة.

تؤثر على هذه المعادلة متغيرات كثيرة منها: طبيعة الأرض، الحواجز الطبيعية، كما مسرح الحرب. بكلام بسيط، تؤثر الجغرافيا، والطوبوغرافيا كما الديموغرافيا. والمقصود بالديموغرافيا هو قتال المدن، مقابل القتال في الريف.


قوس المسرح الحربي في أوكرانيا 

في كل مراحل الحرب الروسية على أوكرانيا، قاتل الجيش الروسي بالخطوط الخارجية على قوس يمتد من كييف شمالاً، إلى خيرسون جنوباً. وذلك مروراً بكل من تشرنييف، سومي وإقليم الدونباس. قدّر الخبراء طول هذا القوس بحوالي 2000 كلم، وهو فعلاً طول الحدود الروسية -الأوكرانية المشتركة.

من هنا، ظهرت مشاكل الجيش الروسي الأساسية والتي تندرج في كل من: الإمداد، القيادة والسيطرة، العدد وعدم وجود قيادة موحدة لكل الجبهات. حتى قيل إن الجيش الروسي يخوض حروباً عدة منفصلة عن بعضها البعض.


المرحلة الرابعة للحرب الأوكرانية

قسّم الخبراء العسكريون الحرب الأوكرانية حتى الآن إلى ثلاث مراحل وهي: المرحلة الأولى التي تعثر فيها الجيش الروسي في كييف وتشرنييف. والمرحلة الثانية، وهي التحول من كييف إلى إقليم الدونباس. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة سقوط خاركيف ومدينة خيرسون في يد الجيش الأوكراني. لكن ماذا عن المرحلة الرابعة؟

يقول الخبراء إن المرحلة الرابعة ستكون حتماً في بعض فصل الشتاء، وحتى بعد فصل الربيع. ففي الربيع يذوب الجليد والثلج الذي يشكل عائقاً مهماً أمام العمليات الهجومية.

في المرحلة الرابعة قد تكون الخطة الروسية على الشكل التالي:

•    تكرار خطة المرحلة الأولى، أي العودة إلى اسقاط العاصمة كييف عبر الأراضي البلاروسية، لكن مع تعديل مهم.

•    يرتكز هذا التعديل على كبح جماح العمليات الهجومية الأوكرانية في كل من إقليم خاركيف وخيرسون.

•    التركيز على إسقاط كل إقليم الدونباس، وهو الذي كان ولا يزال يشكل العامود الفقري، كما السبب الحربي، (Casus Belli) لأهداف الرئيس فلاديمير بوتين.

•    محاولة استرداد كل الأراضي التي يسيطر عليها الجيش الأوكراني، خاصة في الأقاليم الأربعة التي ضمها الرئيس بوتين (وفي زابوريجيا وخيرسون تحديداً).


دخول بيلاروسيا إلى المعادلة

شكلت بيلاروسيا المنصة الرئيسية لحرب بوتين على أوكرانيا، وذلك منذ 24 فبراير (شباط) 2022 وحتى الآن. يسعى الرئيس بوتين إلى جر بيلاروسيا إلى الحرب بطريقة مباشرة. لكن قرار الذهاب إلى الحرب، امر معقد للرئيس البيلاروسي. فهناك معارضة سياسية داخلية، كما أن هناك معارضة من الجيش البيلاروسي.

وإذا سلمنا جدلاً أن بيلاروسيا ستدخل الحرب. فهل لديها الجهوزية الكافية للقتال ضد أوكرانيا على جبهة تبلغ 1080 كلم؟ وهل عدد الجيش البيلاروسي يكفي؟ وهل يملك المدرعات الكافية لخوض حرب مناورة على طرقات طويلة جداً؟ وكم هو قادر على تـمين العديد الكافي في وقت يقول الخبراء إنه لا يمكن لبيلاروسيا حشد أكثر من 10 آلاف جندي؟

في هذه الظروف، لا يمكن للجيش البيلاروسي القتال منفرداً، ولابد من أن يكون الجيش الروسي هو العمود الفقري للحرب من الشمال على كييف. لكن يبقى السؤال الأهم: هل روسيا قادرة على استعادة دور جالوت في الحرب؟ وهل لدى الجيش الروسي الإمكانيات للقتال مجدداً بالخطوط الخارجية مع إضافة 1000 كلم إضافية؟

تقول بعض المؤشرات التكتيكية والعملانية، أن روسيا بدأت لكن بخجل إرسال قوات مدرعة إلى بيلاروسيا. كما بدأت تدريب العسكريين الجدد هناك. وذلك بالإضافة إلى نشر منظومة صواريخ «اس-400»، إلى جانب الصواريخ الباليستية من نوع «اسكندر«. 

إن غداً لناظره قريب، إذ لا يمكن لروسيا أن تتعثر مرتين متتاليتين في أوكرانيا. وإذا كانت الحرب الأولى قد عزلت روسيا عن العالم، وظهرت هشاشة الجيش الروسي في كل الأبعاد. فإن التعثر الثاني في حال وقوعه، قد يأتي بتداعيات كارثية على المنظومة السياسية التي تحكم روسيا اليوم. أو حتى يهدد وحدة الكيان والأرض.


تاريخ الخبر: 2022-12-26 18:23:30
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 84%
الأهمية: 96%

آخر الأخبار حول العالم

الصائغ يزف صهيب لعش الزوجية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:23:46
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

5 أنشطة تزيد السعادة والفرح.. جرب تمارسها فى الويك إيند

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:22:05
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 45%

انتهاء امتحانات آخر العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية 23 مايو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:22:12
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 40%

مورو: هناك اشادة كبيرة بعمل حكومة اخنوش على الصعيد الدولي والوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:24:51
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 60%

مواعيد القطارات المكيفة والروسى على خط "القاهرة - الإسكندرية"

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:22:04
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 40%

مانشستر سيتي ضيفا ثقيلا على فولهام لحسم صدارة ترتيب الدورى الإنجليزى

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:22:07
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 50%

الجهني وخفاجي يحتفلان بزواج صالح - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-11 06:23:46
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية