في أعقاب التخريبات التي لحقت بخطوط نورد ستريم لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، والتفجيرات التي تعرضت لها البحرية الروسية في مياه البحر الأسود في أثناء الحرب الأوكرانية، تحولت الأنظار مرة أخرى إلى تهديدات يمكن يسببها الغواصون للمنشآت والمنصات البحرية.

ولمنع وقوع مثل هذه الحوادث مع المنشآت والمنصات البحرية التركية، عملت أنقرة طوال السنين الماضية بموارد محلية ووطنية لتطوير سونار للكشف عن الغواصين وتهديداتهم. وبفضل سونار "أراس 2023" باتت تركيا اليوم واحدة من الدول القليلة التي تنتج مثل هذا النوع المتطور من السونارات البحرية.

ومن المتوقع في المستقبل القريب تثبيت "أراس 2023" على متن حاملة الطائرات التركية "تي جي أناضولو"، أحد أهمّ الهياكل البحرية الوطنية الهامة التي يُنتظر أن تدخل الخدمة مع البحرية التركية العام المقبل، لحمايتها بصرامة من التهديدات التي قد تأتي من تحت الماء، كما هو الحال مع امتلاكها أنظمة دفاع متطورة للغاية ضد التهديدات القادمة من فوق الماء.

أراس 2023.. عين تركيا وأذنها تحت الماء

يحمل "أراس 2023" أول سونار للكشف عن الغواصين في تركيا يُنتَج بوسائل وطنية، توقيع شركة Armelsan التركية. وفي أثناء حديثه مع موقع TRT Haber رسم المدير العامّ للشركة جان إيمري باكم أولاً إطاراً عامّاً للسونار، فقال إن أراس نظام سونار طُوّر للكشف باستخدام أنظمة التنفس ذات الدائرة المغلقة والمفتوحة ومركبات النقل الغواصة، عن الغواصين تحت الماء.

ويكتشف هذا النظام تلقائياً الأهداف على مسافة نحو كيلومتر واحد، الأمر الذي يوفّر على المستخدم/المشغل للنظام نحو نصف ساعة من وقت التدخل. نقطة أخرى أكّدها باكم هي حقيقة أن الحرب غير المتكافئة تُشَنّ الآن تحت الماء، مشيراً إلى أن طريق استخدام سونار الغواصين للمناطق المدنية قد مُهّد خلال الحرب الأوكرانية-الروسية.

وأضاف المدير العامّ الذي حذّر من أن مركبات كاميكازي البحرية المسيرة بدأت الظهور إلى المقدمة بالإضافة إلى طائرات كاميكازي المسيرة، قائلاً: "إن الإصدار الجديد من (أراس 2023) سيكتشف مثل هذه التهديدات بسرعة وبدقة". ويشير أيضاً إلى أنهم سيشاركون الجمهور بأخبار تصدير مهمَّة جدّاً حول السونار الذي يحمل توقيع "صنع في تركيا" في وقت قصير.

أنظمة وطنية لحماية المنصات المحلية

بالإضافة إلى تثبيته على المنصات البحرية داخل الأسطول التركي، من المتوقع تثبيت "أراس 2023" أيضاً على المنشآت والمنصات الأخرى الهامة بالقرب من الشاطئ. فعلى الرغم من استخدام السونار للكشف عن الغواصين في المقام الأول لحماية السفن العسكرية والمنشآت العسكرية، فإن هذا الوضع يتغير بسرعة اليوم، لا سيما مع حقيقة اتخاذ التهديدات الإرهابية أبعاداً مختلفة اليوم، بما يدفع البلاد إلى حماية المنشآت المدنية تحت الماء أو على السطح، أو حتى على الشواطئ.

أما دولة مثل تركيا، محاطة بالبحر من ثلاث جهات، فقد اقتربت من تدشين أولى محطاتها للطاقة النووية بالقرب من الشاطئ في ولاية مرسين، وأنشأت مركزاً ضخماً لتخزين الغاز الطبيعي على ساحل البحر الأسود، فضلاً عن التجهيزات والخطوط التي تُبنى حالياً لنقل غاز البحر الأسود إلى الشبكة الوطنية مع حلول الأشهر الأولى من العام القادم.

هذه الإنجازات وأكثر لا سيما مع تزامنها بأخذ العمليات الإرهابية مناحي جديدة، تكشف حاجة تركيا إلى تطوير مثل هذا الأنظمة الوطنية القادرة على مساعدة البلاد على الكشف عن الغواصين والتهديدات التي يجلبونها من تحت الماء، وحماية المنشآت العسكرية والمدنية بشكل أقوى وأكثر نجاعة وفاعلية.

درع تركيا ضد التهديدات الإرهابية

مشيراً إلى وجود 4 أو 5 دول يمكنها إنتاج سونار لكشف الغواصين، قال الباحث الدفاعي والبحري كوزان سلجوق إركان: "نحن ضمن هذه الدول". وعن أهمية هذه الأنظمة لتركيا شرح إركان الطبيعة المتغيرة للإرهاب بمزيد من التفصيل، مشيراً إلى أن بعض البلدان التي لا تريد ظهور آثارها في أماكن معينة بدأت اكتساب مزيد من المهارات "لعملائها".

وموضحاً أن عمليات مماثلة شوهدت خلال الحرب الأوكرانية، قال إركان: "لقد رأينا قوارب كاميكازي وطائرات كاميكازي وأنظمة مختلفة جدّاً هناك. إنها عملية تمرّ عبر الوكلاء. لا شك أن تركيا من أكثر الدول التي تشعر بهذه التهديدات عندما يتعلق الأمر بالأعمال الإرهابية من خلال الوكلاء".

لهذا أكّد الخبير الدفاعي أن من الجيد أن تأخذ تركيا مثل هذه التهديدات على محمل الجد، مشيراً إلى أنها لا تنحصر في السفن والمنشآت العسكرية، بل تمتدّ إلى السدود وخطوط الغاز والكهرباء تحت الماء، فضلاً عن القصور والأماكن الصيفية بالقرب من السواحل، التي يسكنها كبار المسؤولين ويُستضاف فيها كبار الأسماء الأجنبية على الدوام.

وختم إركان كلامه قائلاً: "التكنولوجيا تتطور لكلا الجانبين. من ناحية، نتحدث عن الطائرات والمنصات البحرية المسيرة، ولكن ينبغي عدم إغفال أن هذه التكنولوجيا يمكن استخدامها بواسطة عناصر غير متكافئة. قد نتحدث كثيراً عن روبوتات الكاميكازي تحت الماء الممكن أن تغوص تحت الماء قريباً. علينا أن نتخذ إجراء الآن، والخطوة الأولى لذلك هي سونار كشف الغواصين".

.

TRT عربي