سرقات «حظائر الجمارك» في المعابر السودانية مع مصر.. الجاني معلوم


“أسماء أصحاب الإفادات من وحي خيال المحررين وأي تشابه غير مقصود. تم إخفاء الأسماء الحقيقية بطلب من الشخصيات التي تحدثت “للتغيير” خوفا من الاستهداف مستقبلا”.

التغيير: الفاضل إبراهيم: أمل محمد الحسن 

اشتكى عدد من المواطنين لـ(التغيير) من تكرار حوادث سرقات بضائعهم ومقتنياتهم الشخصية من داخل حظائر الجمارك بالمعابر البرية التي تربط بين السودان ومصر، ومن تعرضهم للمساومات وأخذ أشيائهم من أمام أعينهم، إلى جانب عدم وجود نظام مستقر وزمن محدد للتخليص الجمركي، ما يعطل المصالح ويتسبب في الخسائر الفادحة، في ظل تذبذب أسعار العملات في البلدين، والانهيار الاقتصادي الكبير في السوق السودانية.

 

شقى عمر

 

لم تتمالك “سعاد” نفسها، وسقطت من طولها مغشيا عليها، بعد سماعها خبر سرقة جملة من البضائع التي أرسلتها للخرطوم من حظيرة جمارك معبر أرقين.

جملة ما فقدته سعاد يقترب من المليون جنيه سوداني، رقم بالنسبة للتجار قد لا يعتبر كبيرا، لكنه بالنسبة لها حصيلة عمل استمرت لشهور طويلة.

“انهرت بعد سماع الخبر، تذكرت كل المشاوير الطويلة التي قطعتها داخل الأسواق وزحمتها، حملت على أكتافي الكثير، وأنفقت كل ما أملك”.

لم تكن كل تلك الأموال لها وحدها، أرسلت لها قريباتها بعض الأموال طالبين بعض الاحتياجات الشتوية والغذائية، بالنسبة لها خسارتها مرتين، مالها وغرامة أموال الآخرين.

عندما وصل إليها الخبر تهاوت، ثم عندما تماسكت قليلا قالت لـ”التغيير” إنها جلست تصلي وتدعي على من سرق شقى عمرها.

أخبرها السائق الذي تتعامل معه بصورة مستمرة أن البضاعة اختفت من داخل حظيرة الجمارك، وهو وفق ما أكدت لـ(التغيير) مكان محظور دخوله على العامة، ويدخله فقط منسوبو الجمارك.

وقالت سعاد لـ(التغيير)، إن ضابط الجمارك لم ينف مسؤوليته عن البضاعة، ولم يقل سوى إنها اختفت ولم يجدها.

 

خوف الاستهداف

 

على الرغم من فقد السيدة “سعاد” لشقى عمرها، إلا أنها اعترفت بأنها لا تملك الجرأة في مد أصابع الاتهام علناً لشخص محدد، على الرغم من أن الجاني (معلوم) بالنسبة لها.

وعزت سعاد هذا الصمت إلى خوفها من الاستهداف مستقبلا، واصفة ضباط الجمارك بـ”المزاجية” في التعامل مع البضائع.

“يمرر الضباط السيارات وفق أمزجتهم الخاصة، قد تتوقف سيارة طوال 3 أسابيع في المعبر على الرغم من اكتمال كافة أوراقها”.

وقطعت سعاد، وشاركها في رأيها عدد من التجار الذين تحدثت إليهم “التغيير” أن الاختلاف بين تعامل الجانب المصري والسوداني يختلف بشكل جذري، فهم لا يعانون من أي مشاكل هناك، ويحدث التأخير والسرقات وغيرها في الجانب السوداني فقط.

وكشفت عن إيقاف المصريين فقط للبضائع الممنوع خروجها من بلادهم، مثل الدقيق حال كان بكميات كبيرة، مؤكدة أنهم يسمحون للتأجير بإعادته أو تسليمه لأي شخص داخل حدودهم. وأضافت: هم لا يتعدون مطلقا على أي ممتلكات لأي شخص”.

 

مساومات وتلاعب

 

يعاني التجار السودانيون من أنواع مختلفة من سوء التعامل من ضباط الجمارك السودانيين، فإلى جانب حوادث السرقة التي أكد عدد منهم تعرضهم لها، يتعرض التجار وفق “حليم” لمساومات مزعجة.

وكشف حليم عن طلب أي ضابط يقوم بتخليص سيارات تحمل مواد غذائية بأخذ كرتونة أو أكثر من كل نوع من البضاعة، “شوكولاتة، بسكويت، عصير وغيرها” قائلا إنها للأولاد.

“هم لا يعلمون مدى تعبنا للحصول على هذه البضائع ولا معاناتنا في بيعها في سوق يعاني من الكساد الكبير”، مضيفا عدم قدرتهم على الرفض أو حتى العبوس في وجه صاحب الطلب، خوف الاستهداف والتأخير والتعامل غير الجميل. ووفقا لحليم هذه الطلبات تعتبر أموراً صغيرة أمام مساومات الجمارك التي يتعرضون لها.

وقال لـ(التغيير) شارحا: مثلا تكون فاتورة الجمارك مليون و400ج سوداني، فيقوم الضابط بمساومته، وتخفيضها إلى 900 ألف مقابل أن يستلم لنفسه مبلغ 200 ألف مثلا، وأضاف حليم أن النسب التي يطلبها الضباط تتراوح هبوطا وصعودا حسب مبلغ الجمارك.وزاد مستنكرا: طالما يمكن أن تكون قيمة الجمارك أقل لماذا يتم رفعها وعلى أي أساس؟.

وحكى حليم عن تعرض أحد أصدقائه لحادثة تبديل، حيث كان يقوم بنقل ثلاجة استعمال شخصي بطول 16 قدم، ليكتشف أنه تم استبدالها بأخرى مقاس 11 قدم، مشيرا إلى أن الأخيرة سيكون تم أخذها من شخص آخر.

 

نفي (خجول)

 

تواصلت (التغيير) مع إدارة الإعلام بالجمارك لأخذ إفادات رسمية حول الاتهامات التي طالت منسوبيها، إلا أن المسؤولين بالمعابر البرية طالبوا “التغيير” بأخذ إذن من إدارة إعلام الشرطة.

إلا أن مصدر بالجمارك بمعبر أرقين تحدث لـ”التغيير” طالبا عدم ذكر اسمه، رافضا وجود سرقات منظمة بالمعابر الحدودية.

إلا أنه أقر بحدوث سرقات وصفها ب”الفردية”. وأضاف: “ما يحدث لا يرقى لأن يكون جريمة منظمة”، مشيرا إلى وجود حالات استبدال وضياع بضائع بين التجار.

ونوه المصدر إلى أن الكثير من البصات السفرية تحولت لتجارية تحمل كميات كبيرة من البضائع بعضها يدفع للشك حولها ممايضطر السلطات لتفتيشها.

والأمر الذي يثير سخط الركاب ويعتبرونه أمر غير لائق وتعامل أقل  مما يجدونه في الجانب المصري ولكن الحقيقة أن الجهات الأمنية والجمركية تقوم بواجبها وفق القانون.

 

بضائع محتكرة

 

وأكد المصدر وجود بضائع محظورة وأخرى تخضع لقانون ملكية الاحتكار بمعنى أن استيرادها محتكر لجهة محددة مثل بعض أنواع (الصابون والمعجون والبامبرس).

وأوضح المصدر الجمركي أن البعض يستورد بضائع محظورة وأخرى مستوردة ويتفاجأ بتوقيفه لجهله بالقانون.

وأشار المصدر إلى تزايد البضائع الواردة عقب تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار وبالتالي انخفاض الجنيه المصري مما يزيد من الربح للتجار الذين ينشطون بكثافة هذه الأيام.

 

تنظيم قانوني

 

الدكتور هيثم فتحي المحلل الاقتصادي اكد في حديثه (للتغيير) أن التجارة الحدودية مع مصر تحتاج لمزيد من القوانين بأسس وضوابط جديدة حتى تحقق الفائدة المرجوة.

وأشار فتحي إلى أن مصر تعكف حاليا على إعادة ترتيب لقواعد التجارة ستدخل حيز التنفيذ قريبا وفي المقابل نتطلع لإصلاحات موازية.

وانتقد د. هيثم فتحي الزيادة الكبيرة في الجمارك مما أثر على حركة الإستيراد و تسبب في شح ونقص في بعض السلع.

وأوضح أن ظهور بعض السلوكيات فيما يتعلق بالتهريب والسرقات في الحدود يتطلب إحكام المراقبة والقانون

واختتم فتحي حديثه بالتأكيد على عدم استفادة السودان بصورة كاملة من التجارة الحدودية مع كافة دول الجوار خاصة مصر.

تاريخ الخبر: 2022-12-28 21:23:31
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

قالمة: 45 رخصـة استغـلال واستكشـاف للثـروة المنجميـة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

تبسة: اتفاقية للتقليل من تأثيرات منجم الفوسفـات ببئر العاتـر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية