نُشرت إقرارات ضريبية خاصة بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بعد معركة مريرة استمرت ست سنوات.

وقد ألقت هذه السجلات الضوء على خسائره التجارية والمدفوعات الضريبية التي سددها خلال ولايته الرئاسية.

وأوضحت الإقرارات أن ترامب لم يدفع أي ضرائب للحكومة الاتحادية في عام 2020، بينما دفع 750 دولارا فقط عامي 2016 و2017.

لكن ترامب دفع ما يقرب من مليون دولار ضرائب للسلطات الاتحادية في عام 2018.

وليس من المرجح، حسبما يقول خبراء، أن يؤثر نشر هذه الإقرارات على حظوظ ترامب في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ولطالما عارض ترامب نشر إقراراته الضريبية، معتبرا أنها ستعمق الانقسام السياسي في البلاد.

ويتقاضى الرؤساء الأمريكيون رواتب مثل أي موظف عمومي في البلاد. ورغم أنهم اعتادوا نشر إقراراتهم الضريبية، إلا أنه لا يوجد قانون يحتم عليهم ذلك.

وأظهرت السجلات أن هيئة الضرائب الفيدرالية، لم تحقق في سجلات ترامب الضريبية، خلال الأعوام الأولى لرئاسته. لكنها بدأت ذلك بعد مطالبة الديمقراطيين، بالاطلاع على سجلات الهيئة.

ومنذ دخوله عالم السياسة، كان معارضو ترامب حريصين على إظهار حقيقة ثروته.

وفي المقابل، لطالما تقرب ترامب للناخبين على أساس أن أمواله أبقته محصنا إزاء المصالح الخاصة والرشاوى التي تؤثر على السياسيين.

واعترض الرئيس السابق على الكشف عن سجلاته الضريبية.

وتمتد السجلات، التي كُشف عنها الفترة من عام 2015 إلى عام 2020، وهي بذلك تشمل فترة رئاسته.

وحذر ترامب من أن الكشف عن هذه السجلات يعزز حالة الاستقطاب في الساحة السياسية الأمريكية.

وقال في بيان: "ما كان ينبغي على الديمقراطيين فعل ذلك، وما كان ينبغي على المحكمة العليا إقرار ذلك. سيؤدي هذا إلى أشياء مروعة للكثير من الناس".

وهذه هي المراحل التي سبقت نشر السجلات اليوم الجمعة:

ترامب يتحدى العُرف

طوال عقود، نشر المرشحون للرئاسة في الولايات المتحدة ومن يشغلون منصب الرئيس إقراراتهم الضريبية لصالح الشفافية والمحاسبة.

والعرف السائد منذ زمن بعيد يدور "أساسا حول محاولة تطمين الجمهور بأن الرئيس يعمل متحررا من الصراعات وتشابك المصالح، والضرائب هي كالنافذة على الروح المالية لشخص ما"، كما قال ستيف روزنتال، وهو باحث كبير في "مركز سياسة الضرائب" غير الحزبي.

لكن ترامب "حطم كل الأعراف"، كما قال روزنتال، من خلال رفضه نشر إقراراته الضريبية كمرشح للرئاسة في انتخابات 2016.

ودفع إصراره الشديد على عدم الكشف عنها إلى زيادة مخاوف معارضين من أنها ربما يخفي شيئا. وتساءل البعض: هل يكون ما يخفيه هو أنه ليس غنياً كما يزعم أم أنه دفع ضرائب أقل مما يجب؟

وفي غضون ذلك، دعم أنصاره حقه في الخصوصية. ففي نهاية المطاف، لا يوجد إلزام قانوني يفرض على المرشح أن يكشف عن إقراراته الضريبية.

تحقيقات صحيفة نيويورك تايمز

خلال فترة رئاسته وما بعدها، اطلع الرأي العام تدريجيا على جانب من السجل الضريبي الشخصي لترامب.

ويأتي جانب كبير من ذلك عبر التحقيق الفائز بجائزة بوليتزر، الذي نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 2020، والذي حصل على سجلات عقدين من الإقرارات الضريبية لترامب عن الفترة التي سبقت وصوله إلى الرئاسة. وقدمت الوثائق إطلالة غير مسبوقة على الأوضاع المالية لترامب.

وكشفت تلك الإقرارات أنه دفع مبالغ قليلة تكاد لا تُذكر على شكل ضرائب دخل فيدرالية خلال تلك الفترة، وأنه أفاد في إقراراته الضريبية بأن شركاته التجارية خسرت مبالغ مالية طائلة - على الرغم من تفاخره على الملأ بنجاحاته المالية.

وفي 2017، أفادت الصحيفة بأن ترامب دفع 750 دولاراً فقط على شكل ضرائب دخل فيدرالية على الرغم من كونه مليارديراً.

وقال روزنتال إن ما نشرته نيويورك تايمز "يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كان مليارديراً، أم أن هناك خدعة ما يستخدمها لتجنب دفع الضرائب، بطريقة قانونية أم لا".

نقل المعركة إلى المحكمة العليا

في هذه الأثناء، بدأ الديمقراطيون في واشنطن في استخدام صلاحياتهم في فرض رقابة على ترامب حال حصولهم على أغلبية في مجلس النواب أوائل 2019.

وسعت لجنة في مجلس النواب على مدار ثلاثة أعوام من أجل الحصول على الإقرارات الضريبية لترامب.

وانتقلت المعركة لتصل إلى المحكمة الأمريكية العليا هذا العام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، رفض القضاة حجب الإقرارات الضريبية عن اللجنة، مفسحين المجال بذلك أمام نشرها.

وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول، صوتت اللجنة على نشر الإقرارات الضريبية التي حصلت عليها للرأي العام حيث انقسمت الأصوات بين الحزبين.

ويأتي نشر الوثائق الضريبية الجمعة قبل أيام فقط من الموعد المقرر لتولي الجمهوريين الهيمنة على مجلس النواب، وهو ما يؤشر إلى احتمال وقف أي ملاحقة بشأن سجلات ترامب المالية خلال المستقبل القريب.

ولكن مجلس الشيوخ، الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، قد يواصل هذه التحقيقات.