بنو كوز وفارسهم الكضاب


بنو كوز وفارسهم الكضاب

خالد فضل

النصف الثاني من العام 1981م، كنت ضمن طلبة الصف الأول غاندي بمدرسة حنتوب الثانوية، في حصة المذاكرة المسائية الإجبارية، دخل الفصل طالب في الصف الثالث، وقف أمامنا معرفاً بنفسه: أخوكم في الله ياسر إبراهيم، أدعوكم للتسجيل في جمعية الثقافة الإسلامية. لم يستجب أحد. لحظات صمت مطبق، نظر ثم بسر ثم ابتسم- تلك الإبتسامة الشهيرة لشيخهم المرحوم- ثم أردف قائلاً: طبعاً في العطلات سنقوم برحلات إلى مصر والمغرب وبعض البلدان الإسلامية. طقطق كل الفصل أصابعه طالباً التسجيل، آه يا انتهازيين!! عندما كانت ثقافة إسلامية ساي عملنا فيها رايحين، مما جابت ليها رحلات لمصر والمغرب كمان تلمظنا شوقاً لتلك البلدان وحسناواتها البيضان.

حسمت أمري شخصيا عصر اليوم التالي مباشرة، فبعد صلاة العصر في مصلى المدرسة انتظم الأخوان في دائرة وقوفاً ثم طفقوا يعرّفون بعضهم بعضاً بـ(أخوكم في الله فلان الفلاني من منطقة كذا الفصل كذا داخلية كذا) جاءني الدور وكنت قد كتمت في سري أن هذا أول وآخر عهدي بكم يا (أخوان)، عرفت نفسي كما سبق، وخرجنا على أمل اللقاء غداً، في الحقيقة غداً هذه لم يحن موعدها بالنسبة لي حتى الآن، فقد كنت منذ نهاية المرحلة الإبتدائية والمتوسطة استمع مع عمي المرحوم الأستاذ إدريس طه إلى أشرطة الكاسيت المهرّبة، وهي تحمل خطابات المرحوم الشريف حسين الهندي، لقد بدأ لدي قبس من الوعي العام، وسمعت مصطلحات الإنتفاضة الشعبية والعصيان المدني والإضراب السياسي، علمت خذلان الإخوان والمرحوم الصادق المهدي للجبهة الوطنية؛ المعارضة لنظام النميري يومذاك، وسمعت الشريف يشجبهم، كنت تقريباً محصناً ببعض تعويذات الاتحاديين (ولله الحمد) وعاش الهندي للسودان وعاش الميرغني للإسلام؛ كما كان محمد الأزهري عليه الرحمة يهتف ذات صيف انتخابي في العام 1986م بمدينة الحوش!!.

الكذب والخداع  سنّة ماضية عند الكيزان، من أيام ياسر ذاك إلى خزعبلات الأخ المسلم البشير مؤخراً، وما بينهما إسحق، كذّاب آخر الليل الوقح، على صفحات بعض صحف الخرطوم فالمخلوع البشير كان (يتفوجج ويتنوفخ) أيام انقساماتهم في مثل هذه الأيام من العام 1999م، ويقول إنّه أخ مسلم منذ مطلع السبعينات، وأنّ أباه قد بايع حسن البنا، كما أنّه وبحسب الفيديوهات المسرّبة لقناة العربية السعودية من أحد إجتماعات مجلس شورى تنظيمهم كان يرد على من يزعمون بأنّ الإسلاميين لم يحكموا بعد؛ يتحداهم بالإحصاءات وتسمية الوظائف، كل المعتمدين، المديرين التنفيذيين، مديري المكاتب التنفيذية للوزارات، وكلاء الوزارات، معظم الوزراء، قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، مديري المصالح والمؤسسات الحكومية والمنظمات و…. إلخ، كل هؤلاء حركة إسلامية فكيف لم تحكموا، هكذا كان يقول.

وما يزال حديث الترابي عن (البشير هبة السماء للحركة الإسلامية) يرن في الآذان، واعترافاته لقناة الجزيرة حاضرة لا تحتاج إلى جهد، فيما لا تزال عناوين الصحف في يوم آخر على أيام الصراع ذاك، تصدر بـ(البشير: الترابي شيخنا ولكننا وجدناه منافق وكذاب)!!!

كل هذا تاريخ قريب جداً، وملايين السودانيين عايشوه وهم ما يزالون على قيد الحياة، ولكن من ينتمي لتنظيم يزعم التلفع بالإسلام، ومرجعيته فقه الحركة، ومن أدبياته أنّ الكذب والخداع (جهاد) فما المرجو منه غير أن يظل مجاهداً بالنفاق إلى أرذل العمر.

تاريخ الخبر: 2022-12-31 03:23:29
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية