اليوم نرفع راية استقلالنا


الرأي اليوم

اليوم نرفع راية استقلالنا

صلاح جلال

«1»

* في مثل هذا اليوم من العام 1956م استعدنا فيه علم الحرية وراية العزة والكرامة التي تعبر عن تاريخ ماضي وحاضر ومستقبل أجيالنا، بعد نضال متواصل دام ستين عاماً ارتقت فيه أرواح عزيزة وسالت دماء غزيرة بمجرى البحور، إعلاناً للكفاح ضد المستعمر الذي انتزع منا السيادة عُنوة بالقوة الغاشمة بعد غزو استعماري، احتشدت فيه قوى الشر العالمي مستهدفة السودان من إنجليز وحلفائهم وأوروبيين وأتراك ومصريين وبقية من الأوباش، منهم من له ثأر ودم يسعى للانتقام، وآخرين طامعين ومغامرين وعملاء فقد جرّعتهم الثورة المهدية كأس الهزيمة وأخرجتهم يجرجرون أذيالهم ويحملون هزائمهم وغبائنهم، لتعبئة الأمم وإعادة الجولة للانتقام وكسر عزيمة هذا الشعب الجبار وإعادة المارد المهدوي إلى القمقم بالسلاح والنار.

«2»

* في مثل هذا اليوم استعاد الشعب عزته يتقدمة السادة إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب ليشهدا رفع الراية، ويشد العلم على السارية لجوارهم الأميرلاي الجاك بخيت، ويجلس وسط حشد مهيب قيادات القوى السياسية والمجتمعية يتوسطهم السيدين الجليلين عبد الرحمن المهدي أبو الاستقلال، وعلى الميرغني ونواب أول برلمان الذى إتخذ قرار عودة  السيادة للشعب في 19 يناير من ذات العام، لقد سجّل التاريخ وقائع ذلك اليوم العظيم الذي نحتفل به كل عام ذكرى لتمجيد الحرية والاستقلال، واستعراض نضال أجيال من الاستقلاليين نذكر منهم السادة عبد الله خليل والإمام الصديق وعبد الرحمن علي طه وأمين التوم ومحمد صالح الشنقيطي وعبد الخالق محجوب الجبهة المعادية للاستعمار، والكوكبة الاتحادية منهم مبارك زروق والمفتي ومحمد نور الدين والشريف حسين تتوسطهم الفنانة حواء الطقطاقة، محفل عظيم عبّر عن إجماع قوى الشعب ووحدته ومحصلة إرادته أن صار السودان للسودانيين، تحقيقاً لشعار الحركة الاستقلالية ووفاءً للشهداء وعزة للحاضر واستشرافاً لمستقبل شعب فتي يشق طريقه بين الأمم.

«3»

* تتحدث بعض الأقلام الراعفة عن استقلال السودان، مدعين أنه تعبير عن زُهد المستعمر في البقاء وقراره بالخروج، هؤلاء ينظرون لوقائع اللحظة التاريخية، الاستقلال ليس حدثاً منفرداً إنما إجراء وتاريخ مقاومة متصل، ويتناسون أن مقاومة المستعمر بدأت منذ أن وطئت أقدامهم أرض السودان فى وادي حلفا، فكانت جحافل الثوار تنتظم في مقاومتهم، على طول الطريق في معارك مشهودة، تبادلوا فيها النصر والهزائم فى بربر والنخيلة وكربكان، حتى بلغوا عروس المعارك في كرري، الواقعة الأسطورة التي جاءت الهزيمة فيها بطعم النصر فأصبحت عنوان للجسارة والعزة والكرامة باعتراف المستعمرين أنفسهم، حيث استشهد قائد عام الجيش الأمير يعقوب حوله 12 ألف شهيد في ساعات معدودة، وتوالت المقاومة إلى الشكابة ثم أم دبيكرات، حيث استشهد رأس الدولة وكل القيادة من الخلفاء والأمراء وقيادات الجيش دفاعاً عن الاستقلال ومقاومة للاستعمار.

«4»

* واستمر نضال الشعب السوداني ضد المستعمر فكانت ثورة ود حبوبة في المحيريبة، التي انتهت بشنق قائد الثورة بعد أن كبّد المستعمر خسائر كبيرة بقتل المفتش شريف والضابط كربيان، ثم ثورة السيد حامد في سنجة التي أعدم فيها شنقاً السيد حامد واثنين من أتباعه بمدينة سنجة، وثورة تلودي التي قتلت المفتش أبو رفاس، وثورة السلطان علي الميراوي في كادقلي، وثورة السلطان عجبنا التي أعدم فيها مع الفارس كليكون بمدينة الدلنج، وجاءت ثورات أقصى الغرب ضد المستعمر ثورة الفكي السحيني في نيالا وثورة الختيم موسى في رهيد البردي، وثورة سلطان دار أندوكا، استشهد الألوف من السودانيين في هذه الثورات مقاومة للاستعمار، لمن يعرفون التاريخ هذا سبب سر بكاء السيد عبد الرحمن المهدي يوم الاستقلال ولحظة رفع العلم، ليقول للعالم أجمع لقد انتصرت المقاومة، وتوجنا دم الشهداء برفع العلم، تعلم ياهداك الله لماذا يرفض البعض هذا الربط المنطقي للتاريخ لسبب خفي!!! أن أباءهم وأجدادهم كانوا في الضفة الأخرى من هذا المجد، ضِفة الخونة والعملاء أذناب الاستعمار، لذلك يريدون أن يقولوا استقلال بلادنا هِبة المستعمر، ويريدون قطع التاريخ المتصل لمقاومة الاستعمار، يجب علينا في هذا الجيل، أن نسمي الأشياء بمسمياتها حتى يستقيم التاريخ وتسود المعرفة بالوقائع.

«5»

** ختامة

نحن شعب مجيد له في الاستقلال والحرية عِرق وساس، مهره الأرواح والدماء والكفاح المتواصل من أجل الحكم الرشيد، من كرري إلى باشدار اليوم، لنغني مع الشريف زين العابدين الهندي:

حباب المهدي فيك كبر حرارة ودين

حباب أسد العرين عبد الله ود تورشين

حباب ود النجومي القبرو في توشكين

حباب عثمان دقنة في الدارين حباب النور عنقرة المعزة الأصلو ما بتلين

حباب يعقوب ومحمود وشيخ الدين

إلى الأزهرى ومحجوب النكسو زرى العلمين

اليوم نرفع راية استقلالنا، لقد حسمنا قضايا التحرير فلنحسم قضايا التعمير لهذا الشعب العظيم، الذي يستحق أفضل مماهو عليه الآن، نحن لها Yes we can.

1 يناير 2023م

تاريخ الخبر: 2023-01-01 12:23:37
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

بركة : مونديال 2030.. وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية