مع قدوم الشتاء وطقسها البارد، عادت الأمراض الموسمية التي نراها كل عام إلى الظهور مرة أخرى، ولكن هذه المرة بزيادة ملحوظة. فبعد مرور عامين على اتباع قواعد الكمامة والمسافة بسبب وباء كورونا، يذكر الخبراء أن الأمراض الموسمية لم تظهر في العامين الماضيين بسبب الإجراءات الوبائية ويذكرون أن الزيادة طبيعية.

لكن مع حلول الطقس البارد، الذي يجبرنا على قضاء مزيد من الوقت في الأماكن المغلقة دون مراعاة قواعد الحفاظ على لبس الكمامة والتباعد، لوحظ في الآونة الأخيرة زيادة خطيرة في حالات الإصابة بفيروسات الإنفلونزا والجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، الذي يصيب الأطفال في الغالب، بالإضافة إلى فيروس كوفيد-19.

وبينما توجد زيادة خطيرة في حالات الإصابة بالإنفلونزا على وجه الخصوص، فإن تعايش بعض هذه الأمراض في نفس الشخص يؤدي بطبيعة الحال إلى تفاقم المرض. ويعاني عديد من مستشفيات الأطفال حول العالم من الضغط الشديد بعد ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي المخلوي، فيما وصل مرض الإنفلونزا إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من عِقد في هذه المرحلة من العام.

عودة الإنفلونزا

طوال العامين ونصف التي تلت بداية جائحة "كوفيد-19"، ظلت الإنفلونزا غير نشطة نسبياً في أغلب دول العالم وتركت الساحة لفيروس كورونا، ومع ذلك فإن الأنفلونزا الموسمية لن تبقى منخفضة إلى الأبد. فيما أشار البروفيسور مصطفى إرتك، اختصاصي الأمراض المعدية والأحياء الدقيقة السريرية في جامعة العلوم الصحية، إلى أنه بفضل الإجراءات الصارمة التي اتخذناها أمضينا العامين الماضيين في سلام شديد، فلم إيصب إلا عدد محدود بالأنفلونزا وبنزلة برد.

وتابع إرتك قائلاً: "هذا العام، جرى تخفيف الإجراءات ويوجد جيل جديد حساس لم يواجه الفيروس بعد. عندما يجتمع الاثنان، بالطبع تزيد الإصابات كثافة، لكنها ليست مشكلة صحية خطيرة إنها طبيعية".

وبالفعل، تمتلئ مستشفيات الأطفال في جميع أنحاء العالم بالأطفال المصابين بالفيروسات ، بما في ذلك الفيروس المخلوي التنفسي والإنفلونزا. ويعتقد بعض الخبراء أن هذا يرجع إلى فجوة في المناعة نتيجة التدابير التي جرى اتخاذها على مدار العامين الماضيين.

وعلى الرغم من أن الأمراض شديدة هذا الشتاء، فمن المقدر أن مثل هذا الوضع لن يحدث في العام المقبل. وشرح البروفيسور إرتك سبب ذلك على النحو التالي: "السكان الحاليين سيواجهون إلى حد كبير هذه الفيروسات ويصبحون محصنين ضدها. سيقضي الموسم المقبل بأعراض أقل وأقل حدة. لا نعتقد أننا سنواجه كثافة الوباء التي شهدناها خلال هذا العام في العام المقبل".

"وباء ثلاثي"

في وقت مبكر من شتاء هذا العام، وجدت المستشفيات حول العالم نفسها مرة أخرى في وضع غير مسبوق ومثير للقلق جراء تداعيات وباء ثلاثي دشن موسماً مبكراً للإنفلونزا بشكل خاص، وانفجار حالات فيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، وعودة ظهور فيروس SARS-CoV-2.

وفي سياق متصل، قال وزير الصحة الفرنسي فرانسوا براون الأربعاء إن النظام الصحي الفرنسي يواجه أسبوعاً خطيراً قادماً بسبب "الوباء الثلاثي" لفيروس كوفيد والإنفلونزا والتهاب القصيبات، وهو عدوى تنفسية تصيب الأطفال دون سن الثانية. وأصدر الوزير رسالة تذكير للمواطنين باتخاذ الاحتياطات الصحية حتى خلال موسم الأعياد وسط مخاوف جديدة من زيادة حالات الإصابة بالأنفلونزا في يناير/كانون الثاني، وفقاً لما نقله موقع فرانس 24.

وحسب شبكة سي إن إن الأمريكية، فمن الناحية النظرية، يمكن لأي شخص بالتأكيد التقاط الفيروسات الثلاثة على مدار العام. بشكل عام، على الرغم من أن الشخص قد لا يحصل عليها جميعاً في نفس الوقت، فإن عبارة "التضاعف الثلاثي" تشير إلى جميع الفيروسات الثلاثة التي تتزايد في عدد السكان في وقت واحد، وليس بالضرورة (وليس عادةً) في نفس الشخص في وقت واحد.

كيفية التعامل مع هذا الثلاثي؟

في حالة الإصابة بأحد هذه الأمراض، فإن ما سيُفعل هو نفسه في الواقع. يقول إرتك: "الحل لكل هذه الأمور هو الراحة، وتناول كثير من السوائل والطعام الصحي". ويواصل: "عندما نمرض، يجب أن نبقى في المنزل لمدة خمسة إلى سبعة أيام على الأقل حتى لا نصيب أي شخص آخر، وعندما يكون خروجنا ضرورياً، يجب أن نخرج بكمامة. وبالتالي، فإننا نحد من انتشار المرض في المجتمع".

توجد حالة أخرى في الوقت الحالي وهي التعايش بين الأمراض المذكورة أعلاه. يقول إرتك: "نحو 15-20% من المرضى لديهم فيروسَين في نفس الوقت. في بعض الأحيان يمكن أن تسبب البكتيريا والفيروسات عدوى في نفس الوقت." ويذكر أن هذا يتسبب في تقدم المرض بشكل أكثر حدة.

أما أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة يجب أن يذهبوا إلى الطبيب. فيما تعتبر الحمى معياراً مهماً، إذ يجب على أن الأشخاص الذين تزيد درجة حرارتهم عن 38.5 والذين يعانون من ضيق في التنفس استشارة الطبيب بالتأكيد، وفقاً للبروفيسور إرتك الذي أكد أيضاً على أن المصابين بداء السكري وأمراض القلب والكلى يجب عليهم استشارة الطبيب أيضاً.

TRT عربي