في أعقاب اقتحام ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي اليميني المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو التي حصلت على ثقة الكنيست في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، باحة المسجد الأقصى الثلاثاء، قال كبير حاخامات السفارديم في إسرائيل يتسحاق يوسف في رسالة موجهة إلى بن غفير "باسم الحاخامية الكبرى أطلب منك أن تمتنع في المستقبل عن الذهاب إلى جبل الهيكل وكل منطقة فيه".

وأضاف الزعيم الروحي لجماعة السفارديم، منتقداً الزيارة التي أعقبتها موجات غضب وتنديد فلسطينية وإسلامية وعالمية واسعة: "من الواضح أنك كوزير لا يمكنك مخالفة تعليمات الحاخامية.. ماذا سيقول الناس عندما يرون وزيراً يهودياً ملتزماً يستهزئ بموقف الحاخامية؟"، مشيراً إلى أن ما أقدم عليه بن غفير يتعارض مع الدين اليهودي.

فمن يكون حاخام إسرائيل الأكبر يتسحاق يوسف الذي يجاهر بكرهه للفلسطينيين والعرب؟ وما جامعة يهود السفارديم التي يتزعمها روحياً ولا يتوانى بالتأثير على قرارات أفرادها سياسياً؟.

الدين اليهودي يحظر اقتحام الأقصى

يتوافق موقف الحاخام يتسحاق يوسف بشأن المسجد الأقصى مع موقف الحاخام مئير هيرش زعيم حركة "ناطوري كارتا" - الأقلية اليهودية في إسرائيل المناهضة للصهيونية - بأن اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى محظور بموجب الشريعة اليهودية. وفي حديثه مع الأناضول أوضح هيرش أن "الدين اليهودي يرفض بشكل مطلق الدخول إلى الحرم".

وأردف هيرش: "الدين اليهودي يرفض ذلك بشكل كامل فهو يتعارض مع ما هو مكتوب في التوراة". فيما دعا الحاخام يوسف الوزير المتطرف بن غفير إلى عدم الزيارة مرة أخرى، وفقاً لما قالته هيئة البث الإسرائيلية الثلاثاء.

وحسب هيرش، "يُحظَر هذا الفعل بموجب كل ما جاء في الشريعة اليهودية وكل قرارات الحاخامين اليهود، بمن فيهم حاخاماتهم". مشيراً إلى أنه "يحظر على اليهود الدخول إلى هناك لعدم توفر شرط الطهارة" وفقاً للعقيدة اليهودية.

ومؤكداً معارضته دعوة جماعات يمينية إسرائيلية للسماح لليهود بالصلاة في المسجد الأقصى، قال هيرش: "لا يجوز أن يصلوا أصلاً لأنهم غير يهود، ومن يقول ذلك يريد جر العالم الإسلامي إلى الحرب والعداء وهو محظور بموجب التوراة وكل مواقفهم تتعارض مع التوراة".

مَن يتسحاق يوسف؟

يتسحاق يوسف هو نجل الحاخام الأكبر السابق لليهود السفارديم عفوديا، المؤسس والزعيم الروحي لحركة "شاس" (حزب إسرائيلي ديني يميني متطرف)، والذي كان معروفاً بكرهه للعرب وتصريحاته العنصرية جداً تجاه العرب عموماً، والفلسطينيين خصوصاً.

وسائراً على الطريق الذي سلكه والده، اشتهر حاخام السفارديم الأكبر يتسحاق بفتاويه الإجرامية بحق العرب والفلسطينيين. ومن أشهر فتاويه تلك التي دعا فيها إلى طرد الفلسطينيين وكل من هو غير يهودي وإرسالهم إلى السعودية، فضلاً عن تنفيذ إعدامات ميدانية ضد المقاومين الفلسطينيين بعد إلقاء القبض عليهم، وعدم سجنهم. مشيراً إلى أن السبب الوحيد لاستمرار السماح لغير اليهود في العيش بالدولة اليهودية "هو حقيقة أن المسيح لم يصل بعد"، وفقاً لما نقله المركز الفلسطيني لمقاومة التطبيع.

ولم تقتصر آراؤه المتطرفة على العرب والمسلمين، فقد سبق له في عام 2018 أن شبه ذوي البشرة السوداء بـ"القرود"، الأمر الذي أثار حفيظة ممثلي اليهود "الفلاشا" الذين قدِموا إلى إسرائيل من إثيوبيا.

يهود السفارديم

تاريخياً، يطلق مصطلح السفارديم على اليهود الذين تعود أصولهم إلى إسبانيا والبرتغال إبان الحكم الإسلامي للأندلس، والذين استوطنوا مناطق شمال إفريقيا وآسيا الصغرى والشام بعد طردهم من قبل محاكم التفتيش في القرن الخامس عشر. يذكر أن الكثير من يهود السفارديم كانوا من رعايا الدولة العثمانية التي حكمت المناطق التي سكنوا فيها.

أما اليوم فمصطلح السفارديم يطلق على اليهود الذين قدموا إلى فلسطين من المشرق العربي والعالم الإسلامي خلال الهجرات اليهودية قبل وبعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948. والسفارديم يطلق على اليهود الذين لا ينتمون إلى أصل أشكنازي غربي في المجتمع الإسرائيلي.

وكلمة سفارد باللغة العبرية تطلق على مدينة في آسيا الصغرى تم ربطها بإسبانيا عن طريق الخطأ. وأصبحت ابتداءً من القرن الثامن الميلادي تستخدم للإشارة إلى إسبانيا. وتُستخدَم الكلمة في الوقت الحاضر للإشارة إلى اليهود الذين عاشوا أصلاً في إسبانيا والبرتغال، مقابل الأشكناز الذين كانوا يعيشون في ألمانيا وفرنسا ومعظم أوروبا.

وعلى الرغم من أن يهود السفارديم شكلوا نحو 54% من عدد المهاجرين إلى إسرائيل في الخمسينيات، إلا أن يهود الأشكناز هم من يتحكمون في السلطة ويمارسون سياسة تمييز في حق جماعات اليهود الشرقيين بسبب تدني مستواهم الاجتماعي والثقافي بالمقارنة مع يهود أوروبا، وفقاً لموسوعة اليهود واليهودية والصهيونية لمؤلفها عبد الوهاب المسيري.

TRT عربي