الضريح الفاح طيبو عابق: السلام يا المهدي الإمام


مجدي عبد القيوم (كنب)

كان مع الأحباب نجمو شارق
مالو والافلاك في الظلام

أفضل الناس في هذا الوجود شخص يترحم مشيعوه قائلين لقد شيعنا حقاني إلى الحق إن إلى ربك الرجعى

هكذا كتب الامام الراحل السيد الصادق المهدى ولعله بذلك قد اغنانا عن البحث عما نبتدر به الكتابة عن رجل هو فى السياسة بحر لا ساحل له ان امعنت البصر فى سعة ثقافته وعلمه ولعلك لن تغامر بالغوص فى لجته بحثا عن كريم الاحجار فتلك مهمة يزور منها “جاك كوستو”.

الكتابة عن قائد ومفكر مثل حضرة الامام وكاتب نحرير رشيق العبارة جزل المفردة سيال القلم كتابة عصية لانك تكتب عمن يمتلك ناصية اللغة وخطيب مفوه طلق العبارة ذرب لسان ولعلى لا اطمح فى اكثر من شرف المحاولة لان الكتابة على قول الراحل”نقد” هى التى ينبغى ان توصف بام دق وليس القراءة
لعل ما دفعنى لذلك هو الاحساس بفقدان الساحة السياسية لكبير يمثل مرجعية وحكيم يزن الامور بثاقب النظر ونفاذ البصيرة فى لحظة مفصلية من تاريخ بلادنا ومن سوء حظ ثورة ديسمبر المظفرة انها فقدت اعمدة الفكر السياسي واقطاب الساحة ونخلات البلاد الباسقات والذين لو كانوا بين ظهرانى الثورة لاكملت مسارها الطبيعى واوفت ما صدح به الثوار والكنداكات وفاء لدماء الشهداء ولكنا اتحكرنا امام الدهاقنة من امثال الراحلين “نقد” او”الترابى” وبينهما الامام ولكان العبور ميسورا الى الضفة الاخرى ولوجدنا صباحاتنا بهية كوجه “سلمى”.

ولكنا ويا لبؤسنا شقينا بالاستماع الى هراء وخواء الدمى التى تصنع فى مختبرات ومعامل رعاة الثورات الملونة الذين رزأت بهم البلاد
لعل الظروف قد غيضت لى فرصة ثمينة بالاقتراب اكثر من الامام من خلال اجتماعات نداء السودان وقوى الحرية والتغيير اثناء مخاض ثورة ديسمبر المظفرة والى ان اتاها الطلق او وجع الولادة على قوله فى العبارة التى صكها ودخلت قاموس السياسة السودانية واشتجر القوم جراءها واختصموا كما فعلوا على حواف حفرة”بوخة المرقة” وكأنى به يتمثل قول ابو الطيب المتنبىء انام ملء جفونى عن شواردها
واتاح لى ذلك معايشة وقائع تاريخية فعل بها الرواة والمحدثين والمعنعنين الافاعيل كالقضية ذائعة الصيت الوثيقة الدستورية وموقف الامام منها والصراع المحتدم انذاك حول مشروع هيكلة قوى الحرية وغيرها كثر.

غاب اخر العمالقة عن الساحة بعد ان بدا مع شعبنا مشوار جنى ثمار نضاله طويل الامد مع نظام الانقاذ وترك غيابه فراغا عريضا بعرض احلام الشعب السودانى فقد كان الامام الراحل يخرج دوما من سلة الحلم الخاص الى رحاب الهم العام ممتطيا جواد المعرفة غير متنكب للطريق ويقدر جيد لرجله قبل الخطو موقعها وان كان ولابد من قفزة فهو لها كرجل حاذق لا يخشى دخول ما يظنه البعض مأزق فلم يكن مترددا ولا وجلا على ما تميز به حكمة ولا يزعجه ان حمل عتاد صيد الارانب فوجد قطيع افيال ولا ما يظنه البؤساء الا ثمة فرق بين تهتدون وتفلحون فهو يدرك جيدا مقتضيات المناخ السياسي فى االحظة التاريخية ويعرف جيدا على قول الحاردلو الفرق بين:
العبادى البسوى الهول
بصدق افعالو
ما بالقول
روى اليابس على المبلول
قلب فرح الحرازة ذهول
والبرق الخلب
ولعلى ان اكملت تحفة الشاعر الضخم الذى ظلمه اعلامنا الكسيح على قول الابنودى فى وفاء الامام الراحل لما اوجدت اروع من قول الحاردلو
بعيييد بين الوفاهو مطول
وبين حفيان
يتب معجول
كان الامام الراحل رجل اللحظة التاريخية بامتياز يلتقط قفاز التحدى غير هياب ولا وجل ولسان حاله
يصول على الجاهلون واعتلى
ويعجم في القائلون واعرب
لسانى حصاة يقرع الجهل بالحجى
اذا نال منى العاضة المتوثب
ولست براضى ان تمس عزائمى
فضالات ما يعطى الزمان ويسلب
كان الراحل قداميا على قول اهلنا وحقانيا على قوله ولذلك كان قائدا لقاطرة حزب قائد لا يخشى الخروج عن مسار اى تحالف يجمعه مع القوى السياسية ان توصل الى ان طريق هذا التحالف لن يصل الى محطته النهائية لا تعوزه جرأة ولا ترهبه حملات الابتزاز السياسي لانه يدرك جيدا ان حزب الامة رقم لا يمكن تجاوزه طرح الامام الراحل “نحو عقد اجتماعى جديد” كاخر مساهماته الفكرية الرصينة التى ظل يرفد بها الساحة وكانه قصد ان يتجاوز التشخيص والتشريح الى استشراف المستقبل ولعل قومه ان استبانوا النصح لما حوته تلك الاطروحة لما كان السياسيين اليوم كانهم يتامى افتقدوا الاب ولا كانت البلاد على شفاء جرف هار تنتاشها الاطماع من كل حدب وصوب وتمسك بخناقها ازمة لا يلوح فى الافق لها حل

ساكن الضريح الفاح طيبو عابق
السلام يا المهدي الإمام 
لك القيام

تاريخ الخبر: 2023-01-06 06:23:29
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته أمام الزمالك المصري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:26
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 50%

نهضة بركان يطرح تذاكر مباراته أمام الزمالك المصري

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:20
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 66%

أضرار لقاح "أسترازينيكا" تسائل آيت الطالب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 15:26:17
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية