هل انطلقت المرحلة النهائية لتنفيذ الاتفاق الاطاري بالفعل؟
محمد الحسن محمد نور
انطلقت الأخبار والتصريحات ملتبسة عما دار أو ما سيدور في أروقة قاعة الصداقة. لا ندري من أعلن عن انطلاق المرحلة النهائية للاتفاق الاطاري وما هي الجهة التي تقود أو تقرر وما هو المقصود على وجه الدقة. ولكن مما لا شك فيه أن ما يدور هناك عمل متعجل ويفتقر الى التركيز والادارة على حد سواء. والمواطن السوداني يتوجس من العمل المتسرع الذي ينطوى على الكثير من المخاطر، وليس هناك من يرغب في فصل جديد من النزاعات والانقسامات وضياع العمر في معالجة الأخطاء.
لا بد من الأخذ في الاعتبار أن القوى الغربية تسعى حثيثا لاستقرار يفي بالحفاظ على مصالحها، حتى ولو بفرض حالة الطوارئ، كما ذكرنا في مقال سابق. فهي تسابق الزمن لقطع الطريق أمام الصين وروسيا حتى لا يكون لها موقع قدم في هذا البلد المتربع على قلب القارة الأفريقية والمطل على البحر الأحمر الذي يعتبر أهم بحار العالم وأهم الممرات المائية التي تستخدمها وتمر عبرها معظم السفن التجارية والعسكرية.
الاتفاق الاطاري ومنذ الاعلان عنه سمي وعرف بأنه اطار مطروح للنقاش ومحاولة لاستيعاب ما أمكن من الكتل السياسية بغرض التوافق على انجاز مهام المرحلة الانتقالية، ومن هنا نقول بان محاولة الزج بتسمية حكومة قبل نضوجها موضوعيا لابد وان يتسبب في مزيد من المعارضة والانقسامات (كما شهدنا في خروج حزب البعث من التحالف) والبعد عن الهدف، وابتعادنا عن الهدف قد يرغم القوى المساندة للانتقال الان والمعروفة باسم (المجتمع الدولي) على القبول بالأمر الواقع والاعتراف بالانقلابيين واللجوء اليهم ودعمهم في مواجهة القوى الوطنية وذلك حفاظا على مصالحها،
أما اذا كانت الاجتماعات مقتصرة على مناقشة تفاصيل مهام المرحلة الانتقالية كطرح مواضيع من شاكلة اعادة لجنة ازالة التمكين، فربما يمثل ذلك أمرا طيبا ومرحبا به بلا شك، ولكن كان من الواجب أن تسبقها أو تتزامن معها بعض القضايا الأكثر أهمية والتي تؤدي الى نزع السلطة من العسكريين (أولا) وتسليمها للمدنيين أو ما عرف بالترتيبات الأمنية، على عيوبها ما دامت ستنتهي بنزع أسلحة المليشيات واذابة منسوبيها في المجتمع المدني والعسكري وتنتهي بنزع السلطة من أيدي العصبة الحاكمة والمليشيات (المتهمبتة) ووضعها في أيد مدنية كأولوية قصوى.
ما زلنا نقول ونكرر أن البداية الخاطئة والتي تمليها مؤثرات خارجية، أمريكية كانت أم أوروبية أو غيرها لن تؤدي بنا الى الوصول السلس الى ما نصبو اليه.
وأود أن أدعو من هذا المنبر كل المجتمعين في قاعة الصداقة الى طرح مهام الفترة الانتقالية كبرنامج متكامل ومفصل تفصيلا دقيقا ويحدد الاولويات والتزامنات بدقة وحرص، ويحدد في الوقت ذاته كيفية التنفيذ الجماعي والاساليب الواجبة الاتباع… (وهذا أمر ممكن)، ثم بعد ذلك يجب أن نتخلى عن فكرة حكومة ونذهب الى الاتفاق على ادارة أو ادارات (مستقلة- لا حزبية) لتقوم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وعلى كيفية تنفيذه (ناتج الاتفاق الاطاري) بواسطة الاحزاب والأجسام الوطنية على اختلاف مشاربها، ونختم البرنامج بانشاء جسم رقابي تشترك فيه جميع الأحزاب بممثلين ولا بأس بإشراك بعض الرقابة الدولية.
