خبير في العلاقات الدولية يبرز أهم الرهانات التي تحملها زيارة ماكرون وسانشيز للمغرب


في هذا الحوار يقدم أحمد نور الدين، خبير في العلاقات الدولية، قراءته للزيارة المرتقبة لكل من الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الاسباني، بيدرو سانشيز، للمغرب من أجل عقد لقاءات ثنائية.
ويتطرق نور الدين لأبرز الرهانات والطموحات من هذه الزيارة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي.

حاورته خديجة عليموسى

ما هي أهم الرهانات المنتظرة من زيارة الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء الاسباني إلى المغرب؟

فرنسا وإسبانيا تعتبران الشريكان الرئيسان للمغرب من حيث المبادلات التجارية والشراكة الاقتصادية والاستثمارات الخارجية والتبادل الثقافي والجامعي والتقني، ومن حيث العلاقات الإنسانية أيضاً لأن في البلدين ما يقارب مليوني مغربي، وفي المغرب جاليتان مهمتان تناهز 100 ألف من البلدين، بالإضافة إلى تواجد أكبر جماعة ناطقة بالإسبانية خارج إسبانيا وأمريكا اللاتينية بالمغرب، حوالي ستة ملايين مغربي يتحدثون لغة سرفانتيس، وكذلك أكبر شبكة للمراكز الثقافية الإسبانية، ونفس الشيء بالنسبة للمراكز الثقافية الفرنسية فالمغرب يحتضن أكبر شبكة لها خارج أوربا، وهذه المؤشرات تؤكد الخصوصية والأهمية التي يحتلها المغرب في استراتيجيتي البلدين.
وعندما نتحدث عن الرهانات المنتظرة من الزيارتين، فالأمر يختلف باختلاف الأطراف الثلاثة. هناك تقاطع في بعض الملفات ومنها على الخصوص ملف الهجرة النظامية وغير النظامية والتي يؤطرها من بين مرجعيات أخرى مسار الرباط وميثاق مراكش، وهناك ملف التعاون الأمني في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والتي تؤطرها اتفاقات ثنائية ومتعددة الأطراف من بينها المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يرأسه المغرب بشكل مشترك لثلاث دورات متتالية، والتحاف الدولي ضد “داعش” الذي احتضنت مراكش اجتماعه الأخير في منتصف العام 2022، بالإضافة إلى احتضان المغرب لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وهذا ما يعطي للرباط وزنا دولياً أكّدته مساهمة المملكة بشكل فعال في إحباط العديد من العمليات الإرهابية قبل وقوعها، أو في الوصول إلى منفذيها بعد وقوعها في فرنسا وإسبانيا ودول أوربية أخرى.

لا شك أن العلاقات الثنائية دائما تعتمد منطق رابح_رابح، ما هي في رأيكم طموحات كل من فرنسا وإسبانيا؟

طبعاً هناك أيضاً منافسة شرسة بين فرنسا وإسبانيا على المركز الأول في المبادلات التجارية مع المغرب، وإن كانت فرنسا لازالت تحتل الريادة كشريك اقتصادي وكأول مستثمر أجنبي، ومن خلال عدد شركاتها المتواجدة فوق ترابنا الوطني.
ومن زاوية أخرى تشهد باريس تراجعا اقتصاديا وثقافيا وعسكريا في مواقعها التقليدية داخل القارة السمراء من أبرز مظاهرها تراجع مبادلاتها التجارية مع إفريقيا لصالح الصين ودول صاعدة أخرى، وإنهاء قسري لعملية “براخان” وطرد قواتها العاملة في مالي بشكل مهين، وتخلي بعض الدول منها رواندا عن اللغة الفرنسية لصالح الإنجليزية، وبالتالي ليس من مصلحتها أن تفقد شريكا استراتيجياً كالمغرب نسجت معه علاقات متميزة طيلة السبعة عقود الماضية. بل إنها تطمح في زيادة حصتها داخل السوق المغربية من خلال الاستحواذ على الصفقات التجارية الكبرى، وعينها على استكمال خط القطار فائق السرعة نحو أكادير، ومشروع المحطة النووية، ومحطة الغاز المسال، وربما أيضاً تزويد المغرب بالغواصات الحربية، وجيل جديد من الأقمار الصناعية، وغيرها من المشاريع التي تُسيل لعاب كبريات الشركات الفرنسية.
أما إسبانيا فلها هي الأخرى طموحات كبيرة لتوسيع مصالحها الاقتصادية مع المغرب وإن كانت تركز حالياً على ترسيم الحدود البحرية على الواجهتين المتوسطية والأطلسية، وتداعيات ذلك على شروط استغلال الجرف القاري والمنطقة التجارية الخالصة وجبل التروبيك، وكل ما يتعلق بتماسها مع جزر الكناري والتنقيب عن حقول النفط والغاز المحتملة في تلك المنطقة.

ما هي أبرز انتظارات المغرب من هذه الزيارة؟

للمغرب له تصوره الخاص وله انتظاراته التي لا تتقاطع بالضرورة مع وجهتي نظر باريس ومدريد على الأقل في بعض التفاصيل وفي المقاربة كذلك. فالمغرب لم يعد يقبل التعامل معه كحديقة خلفية ويرفض ازدواجية المعايير كما ورد في خطاب جلالة الملك في أبريل 2016. بمعنى آخر لا يقبل أن يساهم من جانبه في محاربة المخاطر الاستراتيجية التي تهدد أمن واستقرار أوربا، في الوقت الذي تقف فيه معظم الدول الأوربية على مسافة حياد مزعوم من أخطر تهديد استراتيجي يواجه المغرب في وحدة أراضيه وسيادته، ألا وهو المشروع الانفصالي في الصحراء الذي تَرعاه وتُموّله وتحتضنه الجزائر. وقد جعل خطاب غشت 2022 سيادة المغرب على الصحراء معياراً ومنظاراً لكل شراكات اقتصادية مستقبلية.
من هذا المنطلق ينتظر المغرب من زيارة الرئيس الفرنسي بالخصوص اعترافاً صريحا وواضحا بسيادة المغرب على إقليمي وادي الذهب والساقية الحمراء خاصة وأنّ فرنسا إلى جانب إسبانيا تقفان وراء خلق مشكلة الصحراء من أساسها،
فالدولتان الاستعماريتان هما من قسم في بداية القرن العشرين أراضي الإمبراطورية الشريفة إلى مناطق نفوذ فرنسية وإسبانية، وعندما اقترب جيش التحرير المغربي من طرد إسبانيا من الساقية الحمراء ووادي الذهب تدخل الجيش الفرنسي بطائراته ودباباته انطلاقا من تندوف وبشار لفك الحصار عن الجيش الإسباني في مدينة العيون سنة 1958 في معركة “إيكوفيون” وألحق خسائر فادحة بجيش التحرير المغربي. وبسب ذلك التدخل طال عمر الاحتلال الإسباني إلى غاية 1975.
هذا جزء بسيط من المؤامرات التي حاكها البلدان ضد وحدة أراضي المملكة، وبالتالي فأقل ما يمكن أن ننتظره من باريس ومدريد هو الاعتراف الصريح بسيادة المغرب بل والاعتذار عن تلك الجريمة التاريخية في حق المغرب والتي كلفتنا نصف قرن من النزيف الاقتصادي والبشري والسياسي ساهم في عرقلة قطار التنمية والوحدة بالمغرب.
بل ننتظر من باريس ومدريد بحكم هذه المسؤولية وبحكم ما تملكانه من أرشيف يوثق لتقسيم أراضي المغرب والتآمر عليه أن تقنعا كل الدول الأوربية والأمم المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه. وننتظر من إسبانيا مقابل تطوير التعاون معها في استغلال المنطقة التجارية الخالصة أن تعيد كل الثغور والجزر المحتلة تحت السيادة المغربية وفقاً لتفاهمات تحترم روح العصر، ولنا في هونغ كونغ مثالاً يمكن الاستفادة منه. ثمّ إن إبقاء سبتة ومليلية وبقية الجزر تحت الاحتلال لا يخدم مستقبل العلاقات بين البلدين بل سيشكل قنابل موقوتة ستنفجر بكل تأكيد طال الزمن أو قصر.

هذا من الناحية السياسية، ما هي أبرز الانتظارات من الناحية الاقتصادية؟

على الصعيد الاقتصادي من حق المغرب أن تكون له طموحاته الخاصة كما لفرنسا وإسبانيا طموحاتهما الخاصة، ومن حقه أن تكون له شروط في توسيع شراكاته الاقتصادية مع البلدين في ظل ما سبق من معطيات وفي ظل الظرفية السياسية الدولية المتقلبة. فعلى سبيل المثال بالنسبة لصفقات القطار السريع والغواصات والمحطة النووية وما شابهها، من حق المغرب أن يشترط نقل التكنولوجيا تدريجيا إلى المغرب من خلال تصنيع أجزاء من المشروعين في مصانع وأوراش المغرب وبعقول وأيدي مغربية، ومن حقه أن يطالب بالمساهمة في تمويل مشترك لتلك الصفقات، لأن هناك عدة أطراف دولية تغازل المغرب للظفر بتلك الصفقات، وهذا يعطينا موقعاً تفاوضياً مريحاً.
كما من حق المغرب أن يشترط رفع الدعم المباشر لمواجهة ظاهرة الهجرة على الأقل ليصل إلى حجم الدعم المقدم لتركيا وهو ثلاثة مليارات دولار بدل المائتي مليون دولار الحالية للمغرب. وفي نفس السياق دائماً من حقنا أن نطالب بزيادة حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة للبلدين ولأوروبا كلها في المغرب وفي أقاليمه الجنوبية كذلك، لأن توطين أزيد من خمسين ألف مواطن إفريقي من جنوب الصحراء يستوجب مجهوداً مالياً إضافياً يرهق الميزانية العامة للدولة من أجل خلق فرص الشغل لهؤلاء المهاجرين وعائلاتهم وإدماجهم في المنظومة الصحية والتعليمية وتوفير السكن وباقي الخدمات. والمغرب لا يمكنه أن يلعب دور الشرطيّ دون أن تساهم أوربا في هذا الجهد. ونحن نعلم أنّ الاستثمارات الخارجية للبلدين في المغرب رغم أهميتها فهي لا تتجاوز 0.001% من حجم استثماراتهما عبر العالم، وهذا رقم تافه وغير مقبول إذا كنا نتحدث عن شراكة حقيقة فبالأحرى استراتيجية.
وأخيراً من حقنا في المغرب أن نطالب خلال زيارة كل من رئيس فرنسا ورئيس حكومة إسبانيا أن ينخرطا بشكل فعال في تمويل وإنجاز أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا باتجاه أوروبا، ليس حباً في المغرب ولكن لأنه مشروع سيساهم أيضاً في تحقيق الأمن الطاقي الأوربي في مواجهة هيمنة الدبّ الروسي على سوق الغاز في القارة العجوز..

تاريخ الخبر: 2023-01-10 21:26:29
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-27 09:21:41
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 63%

وطنى

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-27 09:21:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية