داخل منطقة حدائق الأهرام، يعاني المواطنون من أزمة انتشار الكلاب الضالة في الشوارع وأسفل المنازل، لا يعلمون كيفية السيطرة عليها، كثيرًا ما يتقدمون بشكاوى عدة لمديرية الطب البيطري المسئولة عن المنطقة، بشأن التخلص منها، بعد أن تفاقم الأمر لعقر الصغار، وإصابتهم بجروح بالغة.

يقول أحمد الجنايني، أحد قاطني المنطقة، إن طفله الصغير الذي لم يبلغ من العمر سوى 9 سنوات فقط، تعرض مؤخرًا للعقر أسفل منزله؛ إثر هجوم كلاب مسعورة عليه، حين كان يلعب رفقة الأصدقاء والجيران، وأصيب بجروج عدة في منطقتي اليدين والقدمين.

وأشار "الجنايني" إلى  أن الكلاب الضالة التي هجمت على طفله متواجدة في المنطقة منذ فترة طويلة، ولم تكن تلك هي الواقعة الأولى، فقد تعرض أطفال آخرين للعقر من قبل، ورغم الشكاوى التي تقدم بها قطاني المنطقة، إلا أن الأزمة لم تنته بعد.

وفور وصول الأب برفقة طفله المصاب إلى المستشفى، تم خضوعه لكل الإجراءات الطبية، والحصول على المصل الخاص بعقر الكلاب، ليبتعد الصغير بعد ذلك عن اللعب في الشارع نهائيًا، خوفًا من التعرض للعقر مرة أخرى.

مواجهة الأزمة

لم تكن تلك هي حالة العقر الوحيدة، فقد تبين أن أغلب محافظات الجمهورية تعاني من ذات الأزمة، حين تعرض عدد كبير من المواطنين خلال الأشهر الماضية للعقر من الكلاب الضالة في الشوارع، ما جعل الحكومة المصرية تعلن عن إعدادها خطة جديدة في القريب العاجل، من أجل مواجهة الأزمة التي يعاني منها المواطنون.

في الأيام القليلة الماضية، اجتمعت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، والتي يرأسها النائب أحمد السجيني، لوضع خطة محكمة تقضي على أزمة انتشار الكلاب الضالة في الشوارع، ومن المقرر أن يتم استعراض الخطة التنفيذية في نهاية شهر فبراير القادم، وذلك بالتعاون مع وزارتي الصحة والزراعة.

من جهتها، أعلنت وزارة الصحة والسكان، عن اهتمامها الكبير بالتخلص من أزمة انتشار الحيوانات الضالة، كونها تؤثر بشكل كبير على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، فقد سجلت حالات العقر، في السنوات الماضية، زيادة بنسبة 20% سنويًا، بخلاف فترة انتشار فيروس كورونا، التي انخفضت فيه نسبة العقر، ولكن ارتفعت مرة أخرى في عام 2022. 

ووفقًا لتقارير وزارة الصحة، فقد تبين أن أكثر المحافظات التي تعرضت للعقر بسبب الكلاب الضالة مؤخرًا، هى "القاهرة، الجيزة، والبحيرة"، بينما بلغت قيمة الأمصال المضادة للعقر 146 مليون جنيه في عام 2019، وارتفعت إلى 151 مليون جنيه في عام 2022، ومن المتوقع أن تصل إلى 500 مليون جنيه في السنوات المقبلة.

تكاليف باهظة

تقول الدكتورة سلوى عقل، طبيبة بيطرية، إن أزمة انتشار الكلاب الضالة في الشوارع تتفاقم بشكل واضح من حين لآخر، وتنتج عنها زيادة حالات الإصابات بالعقر، في حين ارتفاع أسعار الأمصال مقارنة بالسنوات السابقة، ورغم تواجد مراكز طبية عدة مختصة بالأمر في كل محافظة، إلا أن الأزمة تحتاج إلى تدخل قوي من قبل الحكومة المصرية.

وأضافت: "المصل يمنع المصاب سريعًا من الإصابة بمرض داء الكلب؛ لأن أغلب الكلاب الضالة في الشوارع تكون مسعورة، وتنقل أمراض فيروسية عبر لعابها، وغالبًا ما تكون هذه الفيروسات مميتة، لذا من الضروري توفير أمصال العقر في كل المستشفيات والمراكز الطبية، خاصة بعد انتشار أزمة الكلاب الضالة في الشوارع".

أشارت "عقل" أيضًا إلى أن داء الكلب هو فيروس خطير يسبب التهاب الدماغ  لدى البشر، ويمكن للحيوانات الحاملة للعدوى أن تنقل داء الكلب إلى البشر من خلال اللدغات والخدوش، وبدون العلاج يمكن أن يكون المرض قاتلاً، ومع ذلك يمكن علاجها إذا كان الشخص الذي تعرض لداء الكلب يسعى للحصول على رعاية طبية فورية.

واختتمت الطبيبة حديثها مع "الدستور"، موضحة أنه يجب عقد ندوات توعوية بشأن كيفية التعامل مع عقر الكلاب الضالة، لأن هناك العديد من المواطنين الذي يظنون أن الأمر يمكن معالجته داخل المنزل، وبالأخص الذين يعيشون داخل القرى النائية، لكن هذا ليس صحيحًا، وتجب معالجته بالتوعية السليمة للمواطنين. 

أرقام صادمة

كشفت تقارير الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، إحصائيات صادمة بشأن انتشار الكلاب الضالة في الشوارع، حيث تبين أنه تم رصد حوالي 6.5 مليون كلب ضال.

وأشارت أيضًا أرقام قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة، إلى أن الوزارة تنفق حوالي ربع مليار جنيه سنويًا على الأمصال اللازمة لحالات العقر التي تتسبب فيها الكلاب الضالة في الشوارع، وتبين أن نسبة العقر من الكلاب الضالة وصلت إلى 80%، بينما القطط 10%.