باقة من الورود في بداية العام الميلادي (١)


باحث في موسيقى الألحان القبـطية

مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي

بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة

أهنئكم أعزائي قراء وطني بفترة تتجمع فيها الأعياد السيدية الكبرى والصغرى في بداية العام الميلادي الجديد،فكل عام وجميعكم بخير.

سوف نَمُر في رحلة سريعة عبر هذه الأعياد نتعرف فيها على أساسها الكتابي والتاريخي، وعن الطقوس المميزة لبعضها، مع مجموعات ألحانها ونوعية موسيقاها.

وهذه الأعياد هي كالتالي بالترتيب: عيد الميلاد المجيد الذي يأتي في 29 كيهك الموافق 7 يناير، وبعده بثمانية أيام يأتي عيد الختان في 6 طوبة الموافق 14 يناير، وعيد الغطاس المجيد نحتفل به في 11 طوبة الموافق 19 يناير، وبعده ياتي عيد عُرس قانا الجليل في 13 طوبة الموافق 21 يناير،وأخيراً بعد عيد الميلاد بأربعين يوماً تحتفل الكنيسة بعيد دخول السيد المسيح الهيكل وهو طفل في 8 أمشير الموافق 15 فبراير، وكلها تتجمع في فترة قصيرة (حوالي 40 يوما) في بداية السنة الميلادية الجديدة بعدد من الأفراح والأعياد، وكأن الكنيسة تُهدِي أبنائها باقةً من الوُرود المُفرِحة، تتمنى لنا كل خير ومحبة وسلام في رعاية رب السلام، الذي نشاركه ذكريات خاصة به مقدسة ومباركة نتبارك بها، وتبدأ السنة بدُفعَةٍ قوية من الفرح والبهجة لنستمر بقوتها خلال السنة.

أساس ومعنى هذه الأعياد:

تحتفل كنيستنا القبطية بعيد الميلاد المجيد لأنه مبدأ الأسرار الإلهية، “ولما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداًمن امرأة مولوداً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني” (غل 4: 4، 5)، ورَتَّبَت الكنيسة الاحتفال بهلتُذَكِّر أبنائها بمحبة الله وتَنازُل ابنه الوحيد لخلاصهم (مت 1: 21)، وفيه أيضاً نُشارك الملائكة الفرح والتسبيح.

أما عيد الختان فهو استمرار للاحتفال بميلاد السيد المسيح الذي كان مركز العهدين القديم والجديد، فقد كان العهد القديم تحضير للمسيح الآتي، وأمر الله فيه كل ذكر بأن يُختَتَن في اليوم الثامن لميلاده، وهو علامة في الجسد على الدخول في عهد الله، وينتج عنه الدم مما يشير إلى احتياج الجميع إلى دم المسيح الفادي، وقد أتى المسيح ليُنهِي شريعة الختان “خُتِنتُم ختاناً غير مصنوع بيد،بخَلع جِسم خطايا البشرية بختان المسيح، مدفونين معه في المعمودية” (كو2: 11، 12) ويبدأ معنا طقس المعمودية ليُصبح الانسان عضواً في كنيسة العهد الجديد، والمسيح لم يكن يحتاج إلى الختان أو التطهير؛ ولكن من اتضاعه أتَمَّ المسيح شريعةَ الخِتان واحترمها كعضو في شعب اليهود، ولأنه رَب الشريعة فقد أعطى لنا نموذجاً لإتمام الناموس؛ ليعلمنا حِفظ الوصايا واتمام الطقوس، أما عن المعاني الروحية لهذا العيد فهو خِتان الروح والقلب والفكر والحواس، أي قَطع كل ماهو ضارأو خاطىء لندخل مع السيد المسيح إلى عضوية شعب الله.

وبالنسبة لعيد الغُطاس المجيد وهو يسمى أيضا عيد “الثيئوفانيا” وهي كلمة يونانية معناها (الظهور الإلهي)،ويسمى أيضاً (عيد الأنوار)، فقد اعتمد السيد المسيح في نهر الأردن بيد يوحنا المعمدان، ويُعتَبَر هذا الحَدَث هو أول بيان للبشرية عن الله الواحد المثلث الأقانيم، فالابن كان في الأردن، وإعلان الآب بصوت مسموع “هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت” (مت 3: 17)، وظهور الروح القدس بهيئة حمامة نازلاً عليه، لقد كانت معمودية يوحنا للتوبة؛ولكن بالنسبة للسيد المسيح كانت استعلان نفسه للعالم وأنه أتى من السماء لخلاص العالم، فمن اتضاعه قال ليوحنا المعمدان “اسمح الآن لأنه يليق بنا أن نكمل كل بر” (مت3: 15).

ثم يأتي بعده عيد عُرس قانا الجليل تذكاراً لأول معجزة صنعها رب المجد في بداية خدمته وهي تحويل الماء إلى خمر، وقد كان هذا الحدث معجزة خَلق، فقد أَوجَد الرب عُنصُراً جديداً غير موجود في الماء، فَفَتَحَت هذه المعجزة طريقَ الإيمان إذ آمن كثيرون بواسطتها (يو2: 10، 11)، ويرى بعض الآباء أن هذه المعجزة تُعتَبَر إشارة مُسبَقَة لسر الافخارستيا، وهي قدرة رب المجد بلاهوته على تحويل المادة إلى صورة أخرى، كذلك فقد تمت المُعجِزة استجابةً لطلب العذراء مريم وشفاعتها، لتوضح الدالة الكبيرة للعذراء لدى ربنا يسوع المسيح، وهذه المعجزةأيضاً لها أهمية خاصة، فترى الكنيسة أن حضور المسيح العُرس هو دليل على مباركة الزواج وتقديسه.

وأخيراً نصل إلى نهاية هذه الرحلة المُفرِحَة التي تحتوي على باقة من الأعياد والذكريات المقدسة مع رب المجد، وهو عيد دخول السيد المسيح الهيكل طفلاً، وهذا العيد دائماًيأتي بعد عيد الميلاد بأربعين يوماً، وهذا ماحدث مع السيد المسيح والعذراء مريم، فقد أمرت الشريعة أن تأتي كل أم إلى الهيكل بطفلها، وتظهر أمام الله وتُقَدِّم ذبيحة مُحرَقَة وذبيحة خطية عن تطهيرها، ومن المعروف أن السيدة العذراء لم تَحبَل بالمسيح عن طريق زرع بشر، وبالتالي فقد وَلَدَتهُبدون دَنَس الخطية الأصلية، وبالتالي لاتحتاج إلى تطهير؛ولكنها خضعت للشريعة ولم تُمَيِّز نفسها عن رفيقاتها،وهي تعلم تماما أن الذي وَلَدَتهُ هو القدوس ابنُ الله، حسب النبوات وحسب كلام الملاك لها، ولكن في اتضاع عملي وتقوى ومخافة الله أطاعت ونَفَذَت الشريعة، وحيث أنه لم يَكُن في العالم كله سوى شعب اليهود هو من يعبد الله،فكان لابد أن يُولَد المسيح منهم تحت الناموس، فبممارسته الطقوس سيُنهِي شريعة اليهودية ليُكَمِّل شريعة الكمال من بعده، كذلك لو لم يُمارِس هذا لاعتبروه مُخالف للشريعة وهذا ضد قداستِهِ، ولم يسمح له أحد بالدخول إلى الهيكل ولا أن يستمعوا إليه كمعلم عندما يخاطبهم، وهوكما أنهشابه إخوته في كل شيء (عب2: 17) ما عدا الخطية، وفي هذا أيضا علمنا أن نحفظ الوصايا.

ولهذا المقال بإذن الله تكملة لدراسة هذه الأعياد تاريخياًوطقسياً وموسيقياً.

لحن أبؤرو الفرايحي بصوت المرنم الفنان ضياء صبري

والمرنمة الشاعرة إيريني القس تادرس

تاريخ الخبر: 2023-01-19 09:22:14
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

هجوم إسرائيلي على الضفة الغربية.. واستشهاد 5 فلسطينيين

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:19
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 67%

أمطار مصحوبة برياح مثيرة للأتربة والغبار على 7 مناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:23:35
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

الرئيس الفرنسي: الحوار مع روسيا يجب أن يستمر

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:09
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

دعمًا لفلطسين.. فصائل عراقية تستهدف ميناء حيفا في إسرائيل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 06:22:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية