سيناريو التصحيح الاقتصادي في العام الحالي بين الحذر والتفاؤل ؟


الحذر واجب ..

في تقرير المخاطر العالمية لعام 2023 الصادر عن منتدى الاقتصاد العالمي والذي لخصه وترجمه المهندس القدير عبد الله بن إبراهيم الرخيص عضو مجلس التنمية الدولية في جامعة هارفارد ورئيس مجلس معهد المدينة وعضو مجلس إدارة معهد الإدارة العامة وهو واحدٍ من أبرز الباحثين الدوليين وله إسهامات نوعية في مختلف المجالات، يشير التقرير إلى أنه ومع بداية العام 2030 سيواجه العالم مجموعة من المخاطر والتي تبدو جديدة وغير مألوفة ومقلقة بشكل مخيف والتي تتشكل في التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة والحروب التجارية والاضطرابات الجيوسياسية وتزامنها مع المستويات غير المستدامة للديون والنمو المنخفض وانخفاض معدلات الاستثمار وتراجع العولمة وغيرها من المخاطر المترابطة بين عام مضى وعام جديد حيث تواجه الحكومات ضغوطا تضخمية على مدار العامين القادمين فضلا عن استمرار أزمة أوكرانيا واختناقات الوباء واضطرابات سلاسل الإمداد والحروب الاقتصادية ومخاطر سوء التقدير بين السياسات المالية والنقدية وانخفاض السيولة وتآكل المكاسب التي حققتها الأسر ذات الدخل المتوسط.

كما يرى التقرير إلى أهمية المعالجة المبكرة والتكامل بين الجهود العالمية للحد من هذه المخاطر مع العمل على دعم عوامل الثقة والمرونة كما يجب أن يركز الاستثمار في المرونة على الحلول التي تعالج المخاطر المتعددة مثل تمويل تدابير التكيّف للتخفيف من تغير المناخ أو الاستثمار في المجالات التي تعزز من رأس المال البشري والتنمية وتوفير الوظائف.

ومن المتوقع أن يحظى هذا التقرير بمناقشات اللجان والخبراء لمراجعة فصوله الثلاثة وأبعاده المختلفة ضمن اجتماع الطاولة المستديرة لمجلس التنمية الدولية في جامعة هارفارد خلال منتدى الاقتصاد العالمي دافوس والذي سيشارك في هذا النقاش المهندس عبد الله.

من هنا يمكن القول أن هذا التقرير وغيره الكثير من التقارير والتنبؤات تحمل إلى حد ما ضبابية نحو نمو مؤشرات الاقتصاد العالمي ومن الطبيعي أن نشهد تحذيرات مختلفة من بعض المنتديات والمنظمات الاقتصادية حول المخاطر المحتملة للعام القادم والتي في غالبها تستند على تداعيات استمرار الازمات السابقة وهي منطقية إلى حد كبير بهدف الاستعداد المحتمل ووضع الخطط الاستباقية وايضا تقويض تلك التداعيات إلى أقصى حد ممكن لتجاوزها بمرونة عالية هكذا تنشأ فرضيات الحيطة الاقتصادية، كما خُفضت توقعات النمو العالمي للعام الجاري من قبل البنك الدولي والذي ينسجم أيضا مع توقعات صندوق النقد الدولي فقد قدمت كريستالينا جورجييفا رئيسة الصندوق صورة قاتمة للاقتصاد العالمي، وقالت إن العام الحالي سيكون أسوأ من 2022 على صعيد النمو، فالتباطؤ سيكون السمة السائدة في الأشهر القليلة المقبلة وأضافت: إن الوضع لن يتحسن قريبا، بسبب التضخم الذي لا يزال صلبا وجامحا وعنيدا، وفي مواجهته لم ينته عمل المصارف المركزية بعد، مشددة على أن “الأزمة لم تنته بعد على الأرجح”.

يشير تقرير البنك الدولي الذي صدر الأسبوع الماضي حول الآفاق الاقتصادية العالمية إلى أنه من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو العالمي إلى 1.7 % في عام 2023- مقارنة بالمعدل البالغ 3 % والذي كان متوقعا قبل ستة أشهر وهي ثالث أضعف وتيرة له في نحو ثلاثة عقود، وهو ما لا يفوقه سوى الركود العالمي الذي حدث في عامي 2009 و2020، ويُعزى هذا التباطؤ جزئياً إلى تشديد السياسات الرامية إلى كبح جماح ارتفاع معدلات التضخم. ويمكن للصدمات السلبية، مثل ارتفاع معدلات التضخم أو تشديد السياسات أو الضغوط المالية، أن تدفع الاقتصاد العالمي إلى الركود، ومن الضروري اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من مخاطر الركود الاقتصادي العالمي والمديونيات الحرجة ، ومن الضروري أيضاً أن يضمن واضعو السياسات تركيز أي مساندة على الفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجاً، وأن تكون توقعات التضخم على درجة جيدة من الثبات، وأن تظل الأنظمة المالية قادرة على الصمود.

التفاؤل مطلوب ..

ومهما يكن من أمر علينا أن نكون أكثر حذرا وأكثر تفاؤلاً بالعام الجديد فالتفاؤل مع وضع الاحتياطات والأدوات اللازمة لمواجهة التحديات القادمة ستكون بمثابة الوصفة العلاجية وتوسيع نطاق الفرص الجديدة ودعمها إضافة مهمة لتقويض أي تداعيات مستقبلية، وخاصة فيما يتعلق بتنوع الأدوات لحلول مشكلة التضخم في جوانب السياسات المالية والنقدية مع التركيز على مساندة الفئات الأولى بالرعاية والأكثر احتياجاً، وأن تكون توقعات التضخم على درجة جيدة من الثبات، وأن تظل الأنظمة المالية قادرة على الصمود، لقد أوضحت بيانات التضخم في الولايات المتحدة لشهر ديسمبر الماضي عن تراجع المعدل إلى إلى أدنى مستوى له خلال عام، وفق ما أظهرته البيانات الحكومية الأسبوع الماضي وهو ما يشير إلى احتمال انتهاء أسوأ ارتفاعا للأسعار، وقالت وزارة العمل إن مؤشر أسعار المستهلك ارتفع بنسبة 6,5 % في ديسمبر مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهي أصغر زيادة في الأسعار منذ أكتوبر 2021، وتباطأ بعد ارتفاعه بنسبة 7,1 % في نوفمبر، هذا المؤشر هو بمثابة العلامة المهمة فعلياً لفك اختناقات الطلب المكبوت مما يشير إلى إمكانية تثبيت معدل سعر الفائدة أو رفعها بنسب ضئيلة جدا أن لزم الأمر خلال هذا العام.

يتسع علم الاقتصاد للعديد من النظريات واختلافات الآراء وهذه ظاهرة صحيحة ذلك أنه كلما كان لديك اقتصاد موضوعي مبني على التحليل والبيانات وتدفقها كلما أصبح تشخيص المشكلة من السهولة بمكان فاليوم باتت المعلومة الرقمية في الاقتصاد الأساس لبناء الاقتصاد المعرفي الذي يقودنا بطبيعة الحال إلى توظيف الإمكانات وخلق الفرص الجديدة وحداثة الأساليب النوعية في المعالجات الاقتصادية.

نعم يجب أن نخلق المبادرات ونعزز من القدرات الاقتصادية والبشرية لأسوأ سيناريو محتمل لكن ذلك لا يمنع أن يكون التفاؤل منهاجا لطريق اقتصادي يحمل الأدوات الناجحة ويتخطى أي تحديات مستقبلية وقبل هذا وذاك من المهم أيضا العمل مبكرا على حل الأزمات الحالية اقتصاديا وسياسيا وأن يكون تضافر الجهود الدولية هي العنوان الأبرز للعام الحالي.

مجمل القول : العام الحالي هو عام نزع الأشواك التي غرستها الأزمات خلال الأعوام التي خلفتها جائحة كورونا قد يكون هناك بعض العقبات الصغيرة كما أوضحتها التقارير الدولية المختلفة لكن في المقابل تصحيح المسارات الموسومة بالتفاؤل والعمل الدؤوب ستنعكس نتائجه الإيجابية على اقتصاد عالمي متوازن على المدى المتوسط.

*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية"

تاريخ الخبر: 2023-01-20 09:18:40
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 94%
الأهمية: 98%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية