معرض الكتاب.. حضور المعرفة وغيابها


عادة ما تكون المناسبات الثقافية والفنية موضع اهتمام إعلامى، ولكنها فى الغالب تمر دون تحظى بما تستحقه من الاهتمام المعرفي، وينطبق هذا على الكثير من المناسبات مثل مهرجانات السينما والفنون ومعارض الكتب، ونسبيا الاحتفالات الشعبية مثل الموالد والتى لحسن الحظ لاقت اهتمام من الباحثين فى مجال التراث الشعبى. وفى الحقيقة أن عدم الاهتمام بمعرض الكتاب كموضوع للبحث العلمى أو الأكاديمى المتخصص مسألة تستحق الإشارة إليها لسبب بسيط وهو أن معرض الكتاب يعد أحد أكبر الظواهر الثقافية في مصر والمنطقة العربية، كما أنه الأقدم في تاريخ معارض الكتب في المنطقة بتاريخه الممتد إلى ما يزيد عن نصف القرن حيث كان أول معرض رسمى عام 1969 أثناء تولى ثروت عكاشة وزارة الثقافة. وهذا هو تاريخ المعرض الرسمي، أما تاريخ عرض الكتب والمطبوعات في مصر فيعود إلى القرن التاسع عشر.

وبالتأكيد هناك بعض الكتابات التى اهتمت برصد واستعراض نشأة معرض الكتاب في مصر والمراحل التي مر بها منذ بدايته. ومن ذلك كتاب “حكاية أول معرض دولى للكتاب” للكاتب محمد سيد ريان، وفيه إشارة إلى ما ورد على لسان الوزير ثروت عكاشة، من أن الفكرة بدأت باقتراح قدمه الفنان عبد السلام الشريف، وعليه بادر وزير الثقافة بالاتصال بسوق الكتاب الدولى المعروف فى ليبزج لبحث سبل إقامة معرض مصرى للكتاب، ويقول عكاشة: “أرسلت مندوب وزارة الثقافة، الأستاذ إسلام شلبى، للتمهيد إلى إقامة معرض شبيه به على النطاق العربي”، وكلف الدكتورة سهير القلماوى بالإشراف على المعرض فى دورته الأولى. وكانت أرض الجزيرة هى الموقع الأول للمعرض قبل أن ينتقل إلى أرض المعارض بمدينة نصر، ثم إلى موقعه الحالى بمركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية بمنطقة التجمع الخامس في القاهرة الجديدة.

وبشأن تاريخ عرض الكتب فى مصر، يرصد الباحث “عبد الفتاح جمال الدرعمي” فى مقال له عن التاريخ غير المروى لمعرض الكتاب تطورات هذه التطورات، فيشير إلى أن الاهتمام بفكرة عرض الكتب فى مصر يعود إلى القرن التاسع عشر، بعد أن بدأت الطباعة عام 1822 فى عهد محمد على. أما أول مشاركة في المعارض الدولية فقد كانت عام 1867، في عهد الخديو إسماعيل عندما شاركت مصر في معرض باريس، بمطبوعات مطبعة بولاق، ومدرسة المدفعية، ومدرسة الطب، والأزهر الشريف. وكما ورد فى المقال فقد “كان إجمالي الكتب التي شاركت بها مصر 254 كتابًا في الفقه والتصوف واللغة والطب والعلوم الحربية وغيرها من المجالات. وحصلت مطبعة بولاق على الميدالية الفضية استحسانًا لمطبوعاتها”. وعلى المستوى الوطنى فإن أقدم إشارة لمعرض وطني للكتاب كانت من الإسكندرية، عندما فكر بعض تجار المدينة الساحلية في إقامة معرض وطني في أوائل 1893م، فمولته الحكومة بألف جنيه ودفعت بلدية الإسكندرية 400 جنيه، وافتُتح المعرض في 22 أبريل/ نيسان 1894م، وكان معرضًا للمطبوعات عمومًا وليس للكتب فقط، شاركت فيه مطبعة ديلوسترولوجو ببورسعيد، ومطبعة لاجوداكيس بالإسكندرية، ومطبعة خروزان أخوان بالمنصورة، ومطبعة محمد مسعود، ومطبعة البورصة، ومطبعة لاروكا، ووزعت فيه الجوائز على المطابع لجودة الطباعة والتجليد”. وبعدها توالت سلسلة من المعارض الصغيرة والمتنقلة، قبل أن تبدأ مسيرة معرض الكتاب الحالي. ولعل أهم المراحل السابقة على معرض الكتاب الحالى هو افتتاح “أسبوع الكتاب” فى عام 1963 والذى أطلق عليه “مهرجان الكلمة العربية”، و”عيد الثقافة”.

وعلى ما يبدو أن الكتابة عن معرض الكتاب أشبه بعمليات التنقيب، وهو ما توحى به عناوين المقالات والبحوث القليلة المتاحة، مثل “حكاية معرض الكتاب”، “التاريخ غير المروي”، ولكن على الأقل هناك بعض الجهود لإلقاء الضوء على مسارات هذه الظاهرة الثقافية. ومع ذلك فإن المعرض لم يكن موضع اهتمام بحثي وأكاديمي. ففى حدود علمي لا توجد دراسات حول المعرض كظاهرة ثقافية واجتماعية وسياسية، ولا عن أن التحولات عبر الزمن على المحتوى الثقافى والمعرفى لمعارض الكتاب، أي الأثر الذي خلفه تغير الأحوال والتوجهات الفكرية والأيديولوجية على معارض الكتب المتعاقبة، وطبيعة استجابة الناشرين والمؤلفين والقراء لهذه التحولات.والمسألة لا تتعلق فقط بالتحولات في المعروض من الكتب والإصدارات، بل أيضا بطبيعة معرض الكتاب كساحة للتعبير الثقافى والسياسى. ففى فترات كان المعرض مناسبة للتعبير والاحتجاج السياسي، على الأقل بالنسبة للاتجاهات اليسارية، وفي فترات أخرى أصبح المعرض وبشكل غير مسبوق ساحة تعبيرللكتاب والكاتبات الشباب للإعلان عن الأعمال الأدبية والبحثية، من خلال ما بات يُعرف بحفلات أو مناسبات “التوقيع”، والتى ربما تكون بالنسبة للبعض المناسبة الوحيدة للتعريف بالأعمال الجديدة. وقد تغيرت اتجاهات النشر وطرق صياغة العناوين، وتصميمات الأغلفة. ويزيد على ذلك، التحولات التى شهدتها المعارض المتعاقبة كساحة للاستهلاك والترفيه، بما فى ذلك طبيعة المطاعم والمقاهي والمعروض من السلع الأخرى غير الكتب.

وحتى لا نغرق في الرومانسية المعرفية، ربما علينا طرح سؤال موضوعي، وهو: ما هو العائد من وراء الاهتمام المعرفى بمعرض الكتاب؟ قد تكون الإجابة نظرية: أى مجرد معرفة الواقع والتحولات، وقد تكون تطبيقية مثل التعرف على الميول والاتجاهات والتوجهات فى المجال الثقافى والفكرى. ولكن الأهم من السؤال السابق هو السؤال حول الأطراف المعنية بالإجابة عن مثل هذه التساؤلات: هل هي الأوساط الأكاديمية، أو الأطراف الحكومية المعنية بالثقافة والسياسات الثقافية، أو جهات النشر، أو الهيئات الدولية مثل اليونسكو؟ فى الحقيقة لا توجد إجابة واضحة.

تاريخ الخبر: 2023-01-23 09:22:01
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 56%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

تفاصيل مشروع وزاري جديد لوضع حد للمحسوبية في التعيينات

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:08:47
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 79%

هل يقنع بنعطية أكرد بمغادرة "البريمر ليغ"؟

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:09:43
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 56%

جامعة الكرة: بركان تأهل رسميا إلى نهائي كأس "الكاف"

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:09:44
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

البرلمان يناقش الحصيلة المرحلية لحكومة أخنوش

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:08:37
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 83%

الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:08:51
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 78%

توقيف الدعم المالي للأسر يجر لقجع للمساءلة 

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:08:54
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 80%

مقاييس الأمطار خلال 24 ساعة الأخيرة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 15:08:39
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 75%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية