تخبطات عدة يشهدها الشارع المصري من حين لآخر، بعد ظهور أشخاص عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة يدّعون قيامهم ببطولات وهمية؛ من أجل البحث عن الشهرة السريعة و«التريند المزور»، كان آخر تلك الوقائع التي تصدرت محركات البحث بموقع «فيسبوك»، قصة أماني فتاة الشرقية التي زعمت إنقاذها أسرة كاملة من الغرق بمركز منيا القمح.

وفور ظهور «أماني» في بث مباشر بموقع «فيسبوك»؛ لتروي قصتها المزعومة عن سقوط سيارة لأسرة مكونة من 6 أفراد في المياه، وعدم اندفاع أي شخص من المتواجدين في موقع الحادث لإنقاذ الغرقى، الأمر الذي جعلها تتقدم المسيرة وتنقذ الضحايا بنفسها، وسرعان ما انتشرت تلك القصة بشراسة، ليعلن المجلس القومي للمرأة عن إشادته بهذا الموقف البطولي للسيدة.

لم تمر سوى ساعات قليلة ليُكشف أمر «أماني» أمام الجميع، بعد أن انهالت عليها وسائل الإعلام المحلية، وتّبين من حديثها أن هناك شكوك عدة حول مدى صدق الرواية، ليقرر المجلس القومي للمرأة حذف منشور الإشادة بالصفحة الرسمية بموقع «فيسبوك».

البحث عن بطولة
 

«الدستور» بحثت في السطور التالية عن أسباب انتشار ظاهرة «التريند المزيف» بمنصات التواصل الاجتماعي، وكيفية التحقق من الروايات التي تنتشر بادعاءات البطولة والتي ليس لها أي أساس من الصحة.

في البداية، استخدمنا أدوات التحقق من الصور، وتبين أن الصورة المنتشرة لوقوع الحادث المذكور، ويقف بها أشخاص على حافة الترعة يشاهدون سقوط سيارة بها، تعود في الأصل إلى واقعة بمنطقة أبو طبل بمحافظة الشرقية منذ عامين.

وبالتواصل مع إدارة مستشفى الزقازيق، التي ذكرت «أماني» في البث المباشر أنها استقبلت الأسرة التي تعرضت للغرق، تبّين عدم صحة تلك الواقعة، ويؤكد مصدر  - فضل عدم ذكر اسمه - في حديثه لـ«الدستور»، أن تلك الرواية انتشرت بشكل كثيف في الأيام القليلة الماضية بين قاطني المركز، لكن جميعهم أكدوا عدم رؤيتهم أو سماعهم بما حدث.

ويضيف المصدر: «لا يوجد أي بلاغات حول الواقعة في قسم الشرطة التابع للمركز أو هيئة الإسعاف أو قوات الحماية المدنية، كما نفت مستشفى الجامعة بالزقازيق استقبال أي مصابين من تلك الواقعة الوهمية».

عبد الفتاح درويش، أحد الباعة المتجولين بالمنطقة التي ادعت «أماني» حدوث الواقعة بها، يقول لـ«الدستور»، إنه متواجد بشكل يومي بموقع الحادثة الوهمية، ولم يرى أو يسمع عن حدوث أي حالات غرق بالترعة خلال الأشهر الطويلة الماضية.

ويضيف: «لم يشاهد أحد من قاطني المنطقة أي شئ، كما أن الأسرة التي تم ادعاء إنقاذها لا وجود لها حتى وقتنا الحالي، واتضح أن هناك بائعين عدة جاءت إليهم السيدة المذكورة لتتفق معهم على نشر رواياتها الكاذبة مقابل المال، ولكن الجميع رفض ذلك بشدة».

شهرة مزيفة
 

ومن جانبه، يوضح محمد حسين، الخبير الإلكتروني، أن ظاهرة البحث عن «التريند» أصبحت أكثر انتشارًا في العامين الماضيين؛ بسبب يقين بعض المواطنين أن هذه أصبحت أسهل وسيلة لكسب المال من خلال تعاطف رجال الأعمال مع مثل تلك القضايا الإنسانية، وأيضًا تُعد الطريقة المضمونة للشهرة الواسعة، وكسب ثقة رواد التواصل الاجتماعي.

ويشير «حسين» في حديثه لـ«الدستور»، إلى أن المجلس القومي لحقوق المرأة لم يعيبه أي شيء حين وجه الشكر للسيدة صاحبة الرواية المزعومة بحادث الغرق؛ كونهم نقلوا ذلك على لسان العديد من الصحف المحلية، ولكن سرعان ما تعاملوا مع الأمر جيدًا حين كُشف أمرها، وقاموا بحذف منشور الإشادة.

ويستكمل: «هناك العديد من الصفحات الإعلامية الوهمية التي انتشرت بشكل مبالغ للغاية في الفترة الماضية، ويدّعي أصحابهم أنهم تابعين لمؤسسات إعلامية محلية، لكن الحقيقة أنهم ليس لهم أي علاقة بالإعلام، ويعتمدون فقط على إثارة الجدل من خلال خلق بطولات وهمية لأشخاص يتفقون معهم على ذلك الأمر».ويناشد الخبير الإلكتروني بضرورة تحري الدقة من قبل رواد التواصل الاجتماعي قبل إعادة نشر أي أحاديث لأشخاص مجهولين؛ بهدف منع انتشار مثل هذه النماذج التي تضر بالمجتمع المصري.

ظاهرة متكررة
 

لم تكن تلك الواقعة الوهمية هي الأولى من نوعها، فقد شهدت صفحات موقع «فيسبوك» في الآونة الأخيرة انتشار قصة محمد عادل عامل النظافة، الذي تم طرده من مطعم «كشري التحرير»، وتعاطف معه جميع رواد التواصل الاجتماعي في البداية، ليتضح بعد ذلك أن تلك الواقعة كان مخطط لها؛ من أجل البحث عن الشهرة السريعة و«التريند المزيف». 

وبحسب روايات المقربين منه، فقد اتضح أن الشخص المذكور يتعمد إثارة الجدل من حين لآخر؛ بهدف الحفاظ على «التريند المزيف» والبحث عن الشهرة الوهمية، من خلال ادعاءاته المتكررة عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

ويختتم الخبير الإلكتروني حديثه، مطالبًا الجهات المختصة بضرورة مراقبة صفحات «الفيسبوك»، والقائمين عليها الذي يساعدون في انتشار هذه الظاهرة، لتحقيق أكبر معدل للمشاهدات عبر منصاتهم، كونهم يعلمون جيدًا مدى تعاطف الشعب المصري مع مثل هذه القضايا الإنسانية.