بدايةً من منتصف الشهر الجاري، يخضع أعضاء من جماعة "براود بويز" أو "الأولاد الفخورين" اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاكمة، قد تستمر لأشهر، على خلفية حادث اقتحام مبنى الكابيتول

بدايةً من منتصف الشهر الجاري، يخضع أعضاء من جماعة "براود بويز" أو "الأولاد الفخورين" اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاكمة، قد تستمر لأشهر، على خلفية حادث اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، في محاولة منهم آنذاك لعرقلة نقل السلطة الرئاسية من دونالد ترمب إلى خلفه جو بايدن.

وتأتي المحاكمة بعد أسابيع من إدانة زعيمين من جماعة "حراس القسم" أو "أوث كيبرز" اليمينية بالتحريض على أعمال الشغب، التي خلّفت العديد من الجرحى والقتلى وأدت إلى اعتقال ما يقرب من 1000 شخص.

مَن جماعة "براود بويز"؟

تصنف وزارة العدل الأمريكية جماعة "براود بويز" التي تصف نفسها بـ "الشوفينيين الغربيين"، بأنها جماعة يمينية متطرفة.

ومنذ تأسيسها في الولايات المتحدة عام 2016 على يد الناشط اليميني الكندي البريطاني غافين ماكينز، والذي تخلى بعد ذلك عنها، تبنى أعضاء "براود بويز" المُشكَّلة من الرجال فقط، أفكاراً شيفونية تتضمن تفوق العرق الأبيض، رغم إعلانهم عكس ذلك رسمياً.

ارتبط اسم جماعة "براود بويز" اليمينية المتطرفة باسم الرئيس السابق "دونالد ترمب" بخاصة بعد أن ذكرها خلال المناظرة الرئاسية الأمريكية الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

الحركة التي تحمل شعار ترمب "اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" على قبعاتها الموحدة، وتصفها رابطة مكافحة التشهير، بأنها جماعة يمينية متطرفة لديها أجندة عنيفة، وهم في المقام الأول معادون للإسلام وللنساء والمهاجرين.

شارك أعضاء "براود بويز" المنتشرين في 119 فرعاً نشطاً في 46 ولاية، في أعمال عنف وترهيب وحشية متعددة، وامتدت أعمالهم خارج حدود الولايات الأمريكية حتى كندا وأوروبا.

وبسبب الأنشطة الإجرامية للمجموعة، صنفت كندا "براود بويز" بأنها جماعة إرهابية"، في فبراير/شباط 2021، وذلك بعد أسبوع واحد من تحذير وزارة الأمن الداخلي الأمريكية من "تهديد متزايد" للإرهاب المحلي من قبل متطرفين عنيفين غير راضين عن نتيجة الانتخابات الرئاسية.

دورهم في أحداث الكابيتول

خلال المناظرة الرئاسية التلفزيونية بين جو بايدن ودونالد ترمب، والحديث عن تفوق الجنس الأبيض، ونشاط المجموعات المسلحة في أمريكا، قال ترمب "براود بويز، تراجعوا واستعدوا"، وهو الأمر الذي اعتبره أعضاء المجموعة دعوة للاستعداد للعمل.

قبل المناظرة، وتحديداً في بورتلاند أحد أكبر مدن ولاية أوريغون الأمركية، كان العنصريون البيض من جماعة "براود بويز" يتجمعون في "دلتا بارك" وسط المدينة، بشعارَي: "دافعوا عن الشرطة"، و"الله والسلاح وترمب"، مدججين ببنادق آلية وخوذ فولاذية.

وفي 6 يناير/كانون الثاني عام 2021، ألقى دونالد ترمب على أنصاره خطاباً وبّخ فيه علناً نائبه آنذاك مايك بنس، لعدم موافقته على خطته بعرقلة المصادقة على فوز جو بايدن في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2021.

بعد ذلك الخطاب خرج الآلاف من أنصار ترمب، من بينهم أعضاء من مجموعة "براود بويز" و "حراس القسم" واقتحموا مبنى الكابيتول واعتدوا على أفراد الأمن في محاولة لعرقلة تسلُّم جو بايدن مهام منصبه الجديد رئيساً للبلاد، قبل أن تلقي السلطات الأمريكية القبض على المئات منهم.

ويواجه الآن 5 أعضاء من "براود بويز" عدداً من التهم، في المحكمة الفدرالية في واشنطن، على رأسها التحريض للإطاحة بحكومة الولايات المتحدة أو تدميرها بالقوة.

حراس القسم

بجانب "براود بويز"، يخضع أعضاء من جماعة "حراس القسم" للمحاكمة في واحدة من أكثر القضايا شهرة في الولايات المتحدة الأمريكية، متعلقة بالهجوم على مبنى الكابيتول.

بدأت جماعة "حراس القسم" المؤيدة للسلاح والمناهضة للحكومة في الظهور في عام 2009، بمظاهرة في مدينة ليكسينغتون في ولاية ماساتشوستس، بقيادة "ستيورات رودس" وهو جندي مظلي سابق بالجيش الأمريكي، ومساعد سابق لعضو الكونغرس الجمهوري الليبرالي رون بول.

منذ البداية، حاولت الجماعة تجنيد أعضاء ينتمون إلى الجيش ومؤسسات إنفاذ القانون في صفوفها. لدرجة أن اسم "حراس القسم" في حد ذاته يمثل تعهدهم بأداء القسم العسكري الذي أقسمه هؤلاء الأفراد في الجيش والشرطة للدفاع عن الدستور.

ويتبنى أعضاء "حراس القسم" العديد من النظريات التي روّجوها مراراً وتكراراً كدليل على أن "جمهوريتهم الدستورية" يجري الاستيلاء عليها وتدميرها من قبل قوى الشر.

وتشير رابطة مكافحة التشهير إلى أن النظرية الأساسية التي يروج لها "حراس القسم" والتي قد تؤثر بشكل كبير على تماسك المجتمع الأمريكي، هي أن وباءً واسع النطاق أو كارثة طبيعية أو هجوماً إرهابياً سيعطي الحكومة ذريعة لفرض الأحكام العرفية ما يؤدي إلى مصادرة الأسلحة واحتجاز المواطنين في معسكرات الاعتقال.

يستدعي ذلك التخوف أو تلك النظرية مطالبة "حراس القسم" بإلغاء جميع قوانين حمل الأسلحة واعتبار أي تدابير للتحكم في السلاح بمثابة مخططات مصممة لتفكيك التعديل الثاني من الدستور.

لدرجة أن مؤسس المجموعة ستيورات رودس سخر قائلاً إن "الحكومة تريد تعقب أصحاب الأسلحة مثل ما تفعل مع مرتكبي الجرائم الجنسية وتستخدم حوادث إطلاق النار الجماعي كذريعة لانتهاك حقوق التعديل الثاني من الدستور الذي يمنح الأمريكيين حق حمل السلاح".

ويصف مركز قانون الفقر الجنوبي، ​وهي منظمة للحقوق المدنية تجري بحوثاً حول الجماعات المُعادية للسامية وجماعات الفوقية البيضاء، "حراس القسم" بأنها جماعة متطرفة يمينية ذات أيديولوجية راديكالية مناهضة للحكومة غارقة في نظريات مؤامرة خطيرة.

احتلت المجموعة التي تضم فروعاً محلية لها على طول البلاد، عناوين الصحف لأول مرة في عام 2014 عندما شارك أعضاؤها المسلحون في مواجهة مع السلطات الفدرالية في مزرعة "بوندي" في ولاية نيفادا.

كما ظهر "حراس القسم" المدججون بالسلاح في مدينة فيرجسون بولاية ميزوري في أثناء الاضطرابات التي أعقبت إطلاق النار على مايكل براون، وهو شاب أسود يبلغ من العمر 18 عاماً، من قبل ضابط شرطة أبيض. وقالوا إنهم كانوا هناك لحماية الشركات المحلية و"الحفاظ على السلام"، لكن وجودهم العنيف تسبب في إصابات بين المتظاهرين الذين احتشدوا ضد عنف الشرطة.

الطريق نحو الكابيتول

بعد انتخابات 2020، كرر رودس مزاعم الرئيس ترمب بأن الاقتراع جرى تزويره. وبعد أيام من التصويت، ألقى رودس كلمة أمام تجمع صغير بعنوان "أوقفوا السرقة" في فيرجينيا، حيث حث الناس على عدم قبول النتائج.

ووصف مؤسس جماعة "حراس القسم" جو بايدن بأنه دمية في يد الحزب الشيوعي الصيني، ودعا ترمب إلى استخدام الجيش الأمريكي لقمع التمرد الشيوعي العالمي المزعوم.

بعد يومين من التصويت في الانتخابات الرئاسية السابقة، وبينما كانت الأصوات لا تزال قيد الفرز، بدأ رودس حملة لرفض نتائج الانتخابات، وأرسل لمؤيديه على تطبيق المحادثات المشفرة "سيجنال": "نحن لا نتجاوز هذا بدون حرب أهلية. لقد فات الأوان لذلك. جهز عقلك وجسدك وروحك".

وفي 6 يناير/كانون الثاني 2021، بعد ظهور نتائج الانتخابات وفوز المرشح الديمقراطي جو بايدن، تجمع مئات الأفراد خارج مبنى الكابيتول بعد أن عقد ترمب مسيرة في مكان قريب. وكان من بين أولئك الذين تجمعوا أعضاء من "حراس القسم"، و"براود بويز"، بالإضافة إلى مليشيات يمينية متطرفة أخرى.

ويواجه الآن عشرات الأعضاء من "حراس القسم" أو المرتبطين بها اتهامات بالتآمر فيما يتعلق بحصار الكابيتول، واستخدامهم أسلحة بغرض عرقلة إنفاذ القانون.



TRT عربي