وصف الدكتور أرمين مظلوميان، رئيس الهيئة الوطنية الأرمينية، زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أرمينيا بـ«التاريخية»، خصوصاً أنه أول رئيس مصرى يزور أرمينيا منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتى السابق عام 1992، مؤكداً فى حواره لـ«الوطن»، أن الزيارة ستفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين القاهرة ويريفان، مشيراً إلى العلاقات التاريخية التى تربط البلدين والممتدة عبر قرون.

ولفت رئيس الهيئة الأرمينية إلى خطورة الوضع الدولى الحالى جراء الأزمة الروسية الأوكرانية وما خلفته من تداعيات سلبية على العالم، خصوصاً فى المجال الاقتصادى.. وإلى نص الحوار:

ما أهمية زيارة الرئيس السيسى إلى أرمينيا من وجهة نظرك كسياسى أرمينى؟

‎- تعد زيارة الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى إلى أرمينيا حدثاً تاريخياً، وستكون هذه هى المرة الأولى التى يزور فيها رئيس مصرى أرمينيا منذ أن استعادت أرمينيا استقلالها فى 1992 عن الاتحاد السوفيتى السابق. وتتزامن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى دولة أرمينيا مع توقيت مهم للغاية فى ظل وجود تحديات كبيرة تواجه المجتمع الدولى نتيجة تداعيات الأزمة الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمى، والتغييرات الجيوسياسية فى النظام الدولى، والبعض الآخر يتعلق بالتغيرات فى الاتجاهات والاستراتيجيات الكبری فى منطقة القوقاز واللاعبين الرئيسيين فيها.

ماذا عن ماهية هذه التغييرات؟

- هناك ازدياد فى حدّة المنافسة بين الدول التى تسعى إلى توجيه دفّة الصراعات من أجل تعزيز نفوذها الإقليمى أو العالمى، وإشعال صراعات جديدة ومريرة قد تؤدى إلى تداعيات سلبية، وتحدث المزيد من المعاناة الإنسانية لشعوب المنطقة بأسرها. وتواجه منطقة جنوب القوقاز تغييرات فى طريقة توزيع القوة بسبب التغييرات الجيوسياسية فى النظام الدولى وصراعات لها علاقة بالطموحات الكبرى لبعض اللاعبين فى المنطقة.

إن الاستراتيجية الکبری فى جنوب القوقاز والتطورات الأخيرة التى حدثت على مدى العامين الماضيين فى العلاقات بين دول المنطقة تشير إلی أن اللاعبين الدوليين ودول المنطقة لديهم اختلافات وتضارب فى المصالح الاستراتيجية. ورغم الجهود الكبيرة لتقلیص هذه التحديات والسيطرة عليها، فهناك من يلعب بالنار فى جنوب القوقاز.

كيف ستنعكس زيارة الرئيس السيسى على العلاقات بين القاهرة ويريفان؟

- إن هذه الزيارة ستؤدى إلى أبعاد جديدة فى مسيرة العلاقات بين البلدين، وكذلك فى ما تحمله من مؤشرات بشأن المستقبل، وهى ذات أهمية فى ظل الوضع الدولى الحالى.

ماذا عن تاريخ العلاقات المصرية الأرمينية؟ وماذا عن زيارة الرئيس فى ضوء تلك العلاقة التاريخية؟

- إن أرمينيا جزء من منطقة الشرق الأوسط الكبير، ولدينا اتصالات تاريخية وثقافية عمرها قرون مع مصر. كان العنصر الأرمينى حاضراً فى مصر فى فترات زمنية مختلفة، بين النخبة العسكرية والسياسية، وفى التجارة والمجالات الحرفية وغيرها من القطاعات. إن زيارة الرئيس المصرى ستكون مناسبة جيدة للغاية لتحديد اتجاهات المصالح المشتركة وإمكانيات الاستفادة من الإمكانات الكبيرة الموجودة.

ماذا عن الجانب الاقتصادى؟

- إن تعزيز العلاقات الاقتصادية مهم للغاية. لقد لوحظ نشاط بالفعل فى السياحة، وتتوافر رحلات جوية مباشرة منتظمة بين الغردقة وشرم الشيخ إلى العاصمة يريفان. وتعد مصر واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية للأرمن، ويمكن أن تكون أرمينيا أيضاً جذابة للمصريين.

مصر واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية للأرمن.. ويمكن أن تكون أرمينيا أيضاً جذّابة للمصريين

متى بدأ الوجود الأرمينى فى مصر؟

- إن هجرة الأرمن إلى مصر تنقسم إلى مرحلتين، ما قبل الإبادة الجماعية للأرمن فى عام 1915 وما بعد ذلك عندما احتضنت مصر آلاف الأرمن الفارين من بطش الإمبراطورية العثمانية ودمجهم فى المجتمع المصرى حتى أصبحوا جزءاً من النسيج المصرى. وقد حكم مصر الفاطمية وزراء من أصل أرمينى لعبوا دوراً رئيسياً فى الحياة السياسية والثقافية لمصر. فى المقابل، كان للأرمن دور ملموس فى نظام الحكم المصرى فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر.

رئيس الوزراء المصرى نوبار نوباريان، ووزير الخارجية بوغوص بك يوسفيان، كلاهما أرمينى، وبعد الإبادة الجماعية للأرمن، أصبحت مصر ليس فقط مكاناً آمناً للأرمن، ولكن أيضاً واحدة من المراكز المهمة للفكر والثقافة السياسية العامة الأرمينية. وأثر الوجود الأرمينى فى مصر على اللوحة المصرية، ولقد أظهر موقف مصر المتسامح والاهتمام بالأقليات. أما اليوم، فتلعب الطائفة الأرمينية فى مصر دور الجسر بين أرمينيا ومصر، ويمكن استغلال هذا العامل فى تنمية العلاقات بين الدولتين.

جهود مطلوبة للارتقاء بالعلاقات

بعد هذه الزيارة التاريخية التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أرمينيا، والتى تعد أول زيارة لرئيس مصرى إليها أرى أننا لا بد من توجيه جهودنا للعمل على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة، وذلك من خلال تعزيز فرص التعاون وتبادل الخبرات بين البلدين فى مختلف المجالات، منها التعليم والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأدوية والثقافة والسياحة والزراعة والدفاع والأمن.