نشر المرصد المصري للفكر، التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة بعنوان "التأكيد على قوة العلاقات: ماذا حملت زيارة وزير الخارجية المصري لروسيا؟"، للباحث أحمد السيد، موضحًا أن العلاقات المصرية  الروسية اكتسبت زخمًا كبيرًا خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة أن لدى البلدين رؤى مشتركة فيما يتعلق بالحوكمة العالمية بجوانبها السياسية والاقتصادية، لا سيما مبادئ الاحترام المتبادل بين الدول والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشئون الداخلية، وحق كل دولة في اختيار النموذج التنموي الذي يتماشى مع ظروفها، وتأكيد مركزية دور الأمم المتحدة في النظام الدولي الحالي والتسوية السلمية للمنازعات.

وأوضحت الدراسة، أن عام 2023 يعد عام الاحتفال بمرور 80 عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا، التي تتسم بأنها على درجة عالية من الأهمية بالإضافة لكونها تاريخية وعميقة وتشمل كافة المجالات تقريبًا، فمصر تعد واحدة من الدول المهمة لروسيا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ نظرًا لثقلها السياسي والاقتصادي والثقافي في المنطقة، فضلًا عن مكانة مصر الكبيرة في العالم الإسلامي. 

وأشارت الدراسة، إلى أنه في ظل المتغيرات الدولية الراهنة، كاستمرار وتيرة الحرب الروسية الأوكرانية، خاصة مع استمرار الغرب والولايات المتحدة الأمريكية في تقديم مزيد من الدعم العسكري لكييف، في مقابل إصرار روسيا على عدم الرضوخ والاستمرار حتى الانتصار في المعركة، انعكست تداعيات هذه الحرب على العالم أجمع، إذ تفاقمت أزمة الغذاء والطاقة وساد الركود في كثير من اقتصادات الدول، الأمر الذي يدفع الجميع إلى محاولة إيجاد تسوية سلمية لهذا النزاع. وكذلك استمرار الصراع في الأراضي الفلسطينية المحتلة خاصة في ظل التطورات الأخيرة، كل ذلك وأكثر من القضايا الملحة دفعت وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لجولة خاطفة للشرق الأوسط بدأها بزيارة لمدة يومين لمصر، أجرى خلالها لقاءً مع الرئيس عبدالفتاح السيسي ولقاء آخر مع السيد سامح شكري وزير الخارجية.

وتطرقت الدراسة إلى لقاء وزيري الخارجية المصري والأمريكي في القاهرة، وتوجه سامح شكري لموسكو يوم الثلاثاء 30 يناير، في زيارة هدفت لتعزيز مسار العلاقات الثنائية بين البلدين، وحملت دلالات خاصة كونها جاءت في وقت بالغ الحساسية، وفي ظل أزمات إقليمية ودولية مستمرة ولها تأثيرات متعددة على مختلف دول العالم. ويتناول التقرير محطات التعاون المصرية الروسية، ثم يتطرق لزيارة السيد سامح شكري لموسكو، وأبرز الملفات والرسائل التي تم إيصالها.

كما استعرضت الدراسة مجالات التعاون المشترك بين مصر وروسيا، منها التعاون في المجال السياسي، والتعاون في مجال التجارة والتعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب والتعاون في المجال العسكري، وعلى جانب المشاريع المشتركة تقوم روسيا بتنفيذ بعض المشاريع الكبرى في مصر ومن بينها: بناء محطة الضبعة النووية وفقًا للنمط الروسي، وإنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وكذلك توريدات عربات السكك الحديدية إلى مصر.

وأوضحت الدراسة دلالات زيارة وزير الخارجية المصري لموسكو من خلال عدة زوايا منها تقدير روسي للموقف المصري وتقدر روسيا الموقف المصري من مختلفة الأزمات في إقليم الشرق الأوسط وفي إفريقيا، كذلك توازن الموقف المصري، وتشير التحركات الدبلوماسية المصرية الأخيرة للاتزان في السياسة الخارجية المصرية، بالإضافة إلى ثقل الدور المصري ويفسر إعلان وزير الخارجية الروسي في المؤتمر الصحفي عن أنه تلقى رسالة من وزير الخارجية الأمريكي عبر نظيره المصري، توضح الثقل الدولي لمصر، كذلك إعادة إحياء الدور فتدلل زيارة بلينكن للقاهرة، وتوجه شكري لموسكو، ومن قبلها زيارة الرئيس السيسي للهند، على تفعيل أكبر لإعادة إحياء دور الحياد الدولي في النزاعات السياسية الدولية، ولا نغفل في هذا السياق، التقارب الصيني العربي في الآونة الأخيرة.

وأشارت الدراسة إلى الرسالة الأمريكية التي نقلها وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى روسيا، إلى ثقة موسكو وواشنطن في القاهرة كوسيط مناسب للتباحث حول سبل حل الأزمة الأوكرانية التي تسببت في أضرار متعددة وخاصة على المستوى الاقتصادي لمختلف دول العالم، وتأتي هذه الثقة انطلاقًا من العلاقات الطيبة لمصر مع كلا الطرفين، والسياسة الخارجية المصرية المتوازنة التي تتبعها منذ سنوات.