زاد تفاؤلي بالصين في تلك المرحلة. إن مرونة النظام المختلط -إرث "الإصلاح والانفتاح" لدونج شياو بينج- يحمل مفتاح ما اعتقدت أنه سيكون إعادة توازن قوية للاقتصاد الصيني. لا يمكن حل ما طرحه وين، عن انعدام الاستقرار والتوازن والتنسيق والاستدامة إلا من خلال التحول الهيكلي من الصادرات والاستثمار إلى النمو الذي يقوده المستهلك، ومن التصنيع إلى الخدمات، ومن فائض الادخار إلى إنقاذ الطلب الكلي من خلال الاستثمار في شبكة أمان اجتماعي كانت تعاني العجز منذ فترة طويلة، ومن الابتكار الأجنبي إلى المحلي.
يمكن للقطاع الخاص المرن والمختلط والديناميكي في الصين أن يفعل كل ذلك وأكثر، وفي الأعوام التي أعقبت إعلان وين، اتفقت خطط الصين الخمسية مع أجندة إعادة التوازن تلك. لقد كانت مسألة التحول الهيكلي إلى نظام أكثر اعتمادا على السوق تسير على الطريق الصحيح بشكل متزايد. لقد شعر المتفائلون أمثالي أنهم كانوا على حق.
ثم دخل المشهد شي جين بينج. في البداية، بدا زعيم الصين من الجيل الخامس كأنه من نفس نوعية دينج الإصلاحي. لقد كانت مجموعة الإصلاحات الشاملة التي تم اقتراحها خلال الجلسة الكاملة الثالثة للمؤتمر الـ18 للحزب الشيوعي الصيني أواخر عام 2013 مشجعة خصوصا، لكن بعد ذلك بوقت قصير بدأت الخلافات غير المريحة تتسلل إلى استراتيجية إعادة التوازن.
لقد أعلن شي، عام 2017 انطلاقة المؤتمر الـ19 للحزب الشيوعي الصيني بالعودة إلى الأيديولوجية الماركسية التي أصبحت تعرف على الفور باسم "فكر شي جين بينج". لقد تم إلغاء التركيز على عملية إعادة التوازن التي يقودها المستهلك ولم تعد حملة مكافحة الفساد تتعلق بتطهير الحزب من المخالفين، بل أصبحت تتعلق بالقضاء على خصوم شي السياسيين وتوطيد سلطته. إن سياسة شي في إبراز قوته الجيواستراتيجية تختلف بشكل كبير عن سياسة دينج التي كانت تميل إلى الاعتدال في إظهار القوة "إخفاء قدراتك وانتظار الوقت المناسب" علما أن سياسة شي أدت إلى صراع كبير مع الولايات المتحدة.
لكن شكل عام 2022 جرس الإنذار الأخير للمتفائلين بشأن الصين. إن مناورة القوة العظمى التي قام بها شي جعلت الصين تدخل في "شراكة غير محدودة" مع روسيا قبيل غزو الكرملين غير المبرر لأوكرانيا. إن إصرار شي العنيد على سياسة "صفر كوفيد" غير المجدية أدت إلى نشوء تيار خفي من المعارضة لم نشهده منذ جيل، ولم يكن تركيز المؤتمر الـ 20 للحزب الشيوعي الصيني في تشرين الأول (أكتوبر) يتعلق بمطالبة شي بفترة ولاية ثالثة غير مسبوقة كسكرتير عام، بل انصب التركيز على اهتمام شي الذي يصل لدرجة الهوس بالأمن في عالم مليء "بالبحار العاصفة والمحفوفة بالمخاطر"، حسب وصفه.
مع تقلص عدد السكان في سن العمل تحتاج الصين التي كانت حتى وقت قريب أكبر قصة نمو في العالم، إلى تسريع نمو الإنتاجية لاستعادة ذلك النجاح، لكن تركيز شي المتزايد على الأمن والقوة والسيطرة يقوض الإنتاجية في وقت تحتاج إليها الصين أكثر من غيرها، علما أن معجزة النمو ستعاني نتيجة لذلك.
لقد اقتربت الصين من الأرض الموعودة، حيث كان اقتصادها الحديث يسير في مسار استثنائي، وكانت أجندة إعادة التوازن تبشر بمزيد من النجاحات، لكن شي، حنث بهذا الوعد، حيث إن الاقتصاد السياسي للحكم المطلق كان له تأثير سلبي علينا، نحن الأشخاص الذين اعتدنا أن نكون متفائلين بشدة بشأن الصين.
خاص بـ «الاقتصادية»/ بروجيكت سنديكت، 2023
