نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إسقاط المنطاد الصيني العملاق على شواطئ كارولينا الجنوبية، لكن بقاء المنطاد في الأجواء الأمريكية واكتشافه المتأخر سبب حرجا بالغا لوزارة الدفاع الأمريكية، وحمل معه رسائل صينية تقول إن التنين بمقدوره المجيء والتخفي في أشكال متنوعة، خصوصا في وقت تمارس واشنطن  ضغوطا كبيرة على بكين، فضلا عن الاستفزازات المتكررة عبر زيارة رؤساء مجلس النواب الأمريكي إلى تايوان  التي تعتبرها الصين جزءًا من أراضيها.

وقال المحلل السياسي الأمريكي مايكل مورجان، إنه من الواضح أن مشكلة المنطاد الصيني الذي اخترق الأجواء الأمريكية أثرت بشكل كبير على العلاقات الدبلوماسية المتوترة في المقام الأول بين بكين وواشطن، لافتا إلى أن هذه المشكله ليست الأولى و لن تكون الأخيرة بين البلدين. 

وأضاف مورجان في تصريحات أدلى بها إلى "الدستور"، أنه بالرغم من تفجير والتخلص من هذا المنطاد من قبل القوات الجوية الأمريكية، إلا أنه تسبب في إحراج كبير لوزارة الدفاع الأمريكية، حيث إنه لم يتم رصد المنطاد من المؤسسات العسكرية الأمريكية عالية الدقة في الأمان، ومن الواضح أن الصين استخدمت نفس الأسلوب الذي تم استخدامه من الولايات المتحدة في حروبها القديمة. 

وأشار إلى أن اكتشاف هذا المنطاد من قبل مدنيين يدل أن هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها الصينيون طرقا مبتكرة أحيانا، وطرقا بدائية في أحيان أخرى.

وتابع مورجان بقوله: من الواضح أن التوتر بين الصين والولايات المتحدة يتصاعد بشكل كبير منذ زيارة الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بلوسي إلى جزيرة تايوان، والتي تعتبرها الصين جزءً لا يتجزأ من أراضيها. كما ازداد التوتر بعد الإعلان عن نية زعيم الأغلبية والرئيس الجديد للمجلس كيفن ماكارثي عن الجزيرة ذاتها. 

واختتم تصريحاته بالقول: أعتقد أن هذه الأزمة تسببت أيضا في إحراج كبير لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي يتهما البعض بالضعف في التعامل مع المخاطر والملفات الخارجية.

إحراج واشنطن 

من ناحيتها، قال الباحثة في الشأن الصيني تمارا برو، إن العلاقات بين واشنطن وبكين شهدت تدهورا كبيرا، ازداد بشكل ملحوظ بعد زيارة بيلوسي إلى تايوان، لافتة إلى أن أزمة المنطاد سوف تزيد التوتر في العلاقات بين البلدين، وأول بوادرها تأجيل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصين.

وأوضحت برو في تصريحات أدلت بها إلى "الدستور"، أن الزيارة تم الاتفاق عليها منذ لقاء الزعيمين الصيني والأمريكي في نوفمبر الماضي، خلال انعقاد قمة العشرين بمدينة بالي الإندونيسية، وكان من المتوقع أن يلتقي بلينكن الرئيس الصيني.

وأضافت الباحثة في الشأن الصيني، أن الأمر يبقى ضبابيا قبل أن نستطيع الحكم على المسألة، فالتحقيقات سوف تكشف طبيعة المنطاد وما إذا كان مخصصا للتجسس كما تزعم الولايات المتحدة، أو إذا كان الغرض منه البحث العلمي كما تقول الصين.

وأشارت إلى أن الولايات المتحدة تحاول محاصرة واستفزاز الصين، عبر الزيارات المتكررة لرؤساء مجلس النواب إلى تايوان، أو عبر الضغط على حلفائها لمقاطعة المنتجات الصينية وتشديد القيود على بضائع بكين، لافتة إلى النشاط العسكرية الأمريكي في المنطقة خصوصا في كوريا الجنوبية واليابان.

وتابعت بقولها: إزاء هذه الاستفزاز الأمريك،ي ربما يكون المنطاد إشارة من الصين أنها قادرة على اختراق المجال الجوي الأمريكي، والخاسر من إسقاط المنطاد بالقوة العسكرية غير محدد حتى تتضح طبيعة عمل المنطاد، وما إذا كان جاسوسا أو تم إطلاقه لأغراض البحث العلمي.

واختتمت تصريحاتها بالقول: من المؤكد أن المنطاد أرسلت البيانات للصين قبل إسقاطه، ونحن أمام صورة جديدة ظهرت فيها الولايات المتحدة في موقف محرج ومرتبك، خصوصا أنها لم تكتشف المنطاد فور دخوله أجواءها، وفي كل الأحوال فقد نجحت بكين في إرسال إشارات معينة للولايات المتحدة، والتي سوف تستخدم بدورها التحقيقات الجارية لممارسة المزيد من الضغط على الصين.