زلزال تركيا وسوريا: أسوأ شيء أن تكون طبيباً في هذه الظروف

  • لينا شيخوني
  • بي بي سي نيوز

صدر الصورة، Syrian American Medical Society

التعليق على الصورة،

الطفل محمد عقيد، 7 أعوام ، هو الوحيد في عائلته الذي نجا من الزلزال

يقول الدكتور أحمد المصري: "نظرة عيني هذا الطفل أثرت في حقًا. لا أعرف لماذا ولكن بمجرد أن نظر إلي، أجشهت بالبكاء".

لقد تحدث الطبيب السوري إلى بي بي سي بعد أكثر من 30 ساعة على الزلزال المدمر، الذي وقع يوم الإثنين الماضي، وكان منهكًا.

كان هو وطبيب آخر يعالجان عشرات الجرحى الذين تم نقلهم إلى المستشفى في عفرين، وهي بلدة في شمال غربي سوريا الذي تسيطر عليه المعارضة.

  • زلزال تركيا وسوريا: ما الذي ينبغي فعله عند وقوع الزلزال؟
  • زلزال تركيا: لماذا كان مدمراً إلى درجة كبيرة؟

ثم وصل الطفل محمد عقيد، البالغ من العمر سبع سنوات، بعد أن تم إخراجه من تحت أنقاض منزله المنهار.

لقد عثر عليه رجال الإنقاذ ملقى بجانب جثة والده، الذي سُحق حتى الموت مع والدته وإخوته.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • زلزال تركيا وسوريا: سوريون يروون لحظات الزلزال المرعبة ويناشدون العالم طلباً للمساعدة
  • زلزال تركيا وسوريا: جثث في الشوارع وتصاعد الغضب بشأن المساعدات
  • زلزال تركيا وسوريا: لماذا تعد حلب من أكثر المناطق تضرراً من الكارثة؟
  • زلزال تركيا وسوريا: صراخ وأنين وهزات عنيفة .. كيف شعر مواطنون بالكارثة؟

قصص مقترحة نهاية

أخبرني الدكتور المصري في مكالمة عبر تطبيق زووم: "بالطريقة التي كان ينظر بها الولد إلينا، شعرت أنه يثق بنا، لقد علم أنه في أيد أمينة الآن".

"لكنني شعرت أيضًا أنه يتمتع بقوة كبيرة، مثل شدة الآلام الناجمة عن إصاباته. ما الذي يجعل طفلًا يبلغ من العمر سبع سنوات قويًا وقادرا على التكيف؟"

الدكتور المصري هو جراح مقيم في مستشفى الشفاء، الذي تدعمه الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، وهي مؤسسة خيرية. ويقول إنها استقبلت أكثر من 200 مصاب في أعقاب الكارثة مباشرة.

صدر الصورة، Syrian American Medical Society

التعليق على الصورة،

عالج الدكتور المصري مئات المصابين، الذي تدفقوا على المستشفى في أعقاب الزلزال

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

طفل آخر نجا من الزلزال وجلبه رجال الإنقاذ، وهو رضيع يبلغ من العمر 18 شهرًا.

فحصه الدكتور المصري وتحقق من أنه بخير، لكنه أدرك بعد ذلك أن والدي الطفل لم يكونا معه.

يقول: "فجأة رأيت والده يركض نحوه ويمسكه وهو يبكي بشدة".

"أخبرني الأب أن هذا الطفل هو الناجي الوحيد في عائلته. بقي باقي أفراد الأسرة في الممر، وقد ماتوا".

يقول الدكتور المصري إن العاملين في المستشفى أصيبوا بالذهول من حجم الكارثة، مع وصول "موجات" من المرضى دفعة واحدة.

"لم أتخيل قط أن الزلزال يمكن أن يسبب هذا الضرر الكبير، ويمكن أن يؤدي إلى هذا العدد من الضحايا".

لكن للأسف، هو معتاد على التعامل مع الحوادث الكبرى.

في عام 2013، كان يعمل في مستشفى ميداني عندما أطلقت صواريخ تحتوي على غاز الأعصاب "السارين" على عدة ضواحي تسيطر عليها المعارضة في العاصمة دمشق. قُتل مئات الأشخاص وأصيب آلاف آخرون.

يقول الدكتور المصري: "في ذلك الوقت، كنا مدربين ومستعدين كأطباء لمثل هذا الحدث. وتمكنا من تنظيم أنفسنا بسرعة".

"لكن في هذا السيناريو لم نكن مستعدين. كان هذا الوضع أسوأ بكثير".

في أعقاب زلزال يوم الإثنين، تعامل هو وزملاؤه في عفرين مع المصابين الذين بدت إصاباتهم طفيفة في البداية.

يقول: "كانت إصابات نعتقد أنها ليست خطيرة، ولكن يحتاج شخص ما بعد ذلك إلى بتر أحد أطرافه. ليست لدينا القدرة في مستشفياتنا على الاستجابة لهذا النوع من الكوارث".

"أسوأ شيء أن تكون طبيباً في هذه الظروف. عندما تكون غير قادر على إنقاذ مريض أو تخفيف آلام شخص ما، فهذا أسوأ شيء يمكن أن تشعر به".

أثناء علاجه للمرضى، كان على الدكتور المصري أيضًا التعامل مع عدم معرفة ما إذا كانت عائلته هو شخصيا آمنة من عدمه، بسبب انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت.

صدر الصورة، Dr Ahmed al-Masri

التعليق على الصورة،

يقول الدكتور المصري إن هذه الكارثة أسوأ من كل ما رآه خلال الحرب الأهلية

يعيش والداه وإخوته على بعد مئات الأمتار فقط من المستشفى، لكن زوجته وأطفاله يعيشون عبر الحدود في مدينة غازي عنتاب بجنوب تركيا، والتي كانت قريبة من مركز الزلزال وتضررت بشدة أيضًا.

يقول: "أسوأ شعور يمكن أن ينتابك خلال مثل هذه الأزمات هو عدم معرفة ما إذا كانت عائلتك وأحبائك بخير".

"كنا نفحص المرضى بعينين اثنتين: واحدة لتقييم إصاباتهم والأخرى لمعرفة ما إذا كان المريض أحد أفراد أسرتنا أم لا".

لقد تنفس الصعداء عندما هرع شقيقه إلى المستشفى، ليؤكد للدكتور المصري أن عائلته كلها بخير. كما تمكن من الحصول على قسط من الراحة في المستشفى.

يقول: "عندما نمت في ذلك الوقت، سقطت في النوم على الفور. كانت هناك لحظات احتجت فيها إلى شخص ما يساعدني على الوقوف حتى أتمكن من مواصلة العمل".

ثم تمكن الدكتور المصري لاحقا من مغادرة العمل، وتناول الإفطار مع أسرته. ويأمل أن يتمكن في نهاية المطاف من السفر لرؤية زوجته وأطفاله في غازي عنتاب.

صدر الصورة، Syrian American Medical Society

التعليق على الصورة،

على الرغم من أن الطفل محمد قد نجا، إلا أن مستقبلا غامضا في انتظاره

يقول إنه ذهب أيضًا للاطمئنان على الطفل محمد عقيد في اليوم التالي، وسأل الطفل البالغ من العمر سبع سنوات عما إذا كان قد تعرف عليه.

أجاب محمد: "نعم، أنت الطبيب الذي أنقذ حياتي".