أشاد خبراء اقتصاديون بإعلان الحكومة طرح أسهم نحو ٣٢ شركة، مشيرين إلى أن هذا القرار يأتى فى سياق سياسة الدولة لتعميق مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد وجذبه إلى قطاعات جديدة، مع تطوير أداء الشركات، وجذب مزيد من الاستثمارات لتوفير العملة الصعبة. 

وبين الخبير الاقتصادى عمرو يوسف أن برنامج الطروحات يأتى على ضوء توجه الدولة لتشجيع الاستثمار وفق المنهجية التى جاءت فى وثيقة «ملكية الدولة»، وسمحت بالتخارج من بعض القطاعات، على رأسها البترول، مع إفساح المجال للقطاع الخاص، لما له من قدرة على الإدارة ومواجهة التحديات والتعامل مع المستجدات الصناعية والمعايير الدولية المتغيرة باستمرار، وهو ما قد يكون صعبًا على بعض القطاعات الحكومية نظرًا لضعف تمويلها.

وأضاف «يوسف»: «الطروحات عبر سوق المال تمثل وجهة جديدة لتحريك دفة النشاط الاقتصادى نحو الأفضل، مع إيجاد مصادر تمويل متميزة، تعود بالدعم على كثير من القطاعات، ما يزيد من نشاطها وإنتاجيتها، ويوفر الكثير من فرص العمل ويقلل من معدلات البطالة».

ووصف أحمد السيد، خبير أسواق المال، برنامج الطروحات بأنه خطوة شديدة الأهمية، ليس فقط للوفاء بمتطلبات قرض صندوق النقد أو لتوفير عملة صعبة، ولكن لكونها خطوة منتظرة منذ فترة طويلة، وذلك بهدف إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وزيادة كفاءتها بالقدر الذى يساعد على زيادة مساهمتها فى النشاط الاقتصادى. 

وقال «السيد»: «علينا أن ندرك أن المستثمرين، سواء كانوا محليين أو أجانب، أو أشخاصًا أو مؤسسات، عندما يبدأون فى الاستحواذ على شركات، فإنهم يساعدون على تطويرها ويعملون على رفع كفاءتها وتنافسيتها، الأمر الذى ينعكس على الاقتصاد ككل، وليس على تلك الشركات فقط».

وأضاف: «حتى فى حال احتفاظ الحكومة بحصص أقلية فى تلك الشركات فإنها تظل تحقق لها عائدًا قويًا، ربما يساوى أو يزيد عما كانت تحصل عليه منها بالفعل، لذا لا يمكن اختصار عملية التطوير فى أنها مجرد بيع لأصول الدولة، لأنها فى الحقيقة تعظم من قيمة تلك الأصول، وتعطى رسالة ثقة للمستثمرين عن وضع الاقتصاد وتوجهه نحو مزيد من التحرر والتنافسية».

وواصل: «غالبية الحكومات فى الدول المتقدمة لا تتدخل فى الاقتصاد بصورة دائمة، والدولة هناك تتواجد فقط فى قطاعات محددة ذات بعد استراتيجى، أو فى قطاعات لا يرغب القطاع الخاص بالمشاركة فيها، أو توجد بها ممارسات احتكارية تضر المستهلكين، لإعادة ضبط وضع السوق، وهذا ما حدث مثلًا فى ألمانيا مؤخرًا، عندما سارعت الحكومة بوضع شركات الغاز تحت إدارتها فى ظل أزمة الطاقة الحالية، للتأكد من تأمين احتياجات البلاد من الغاز، فى ظل ظروف استثنائية لا تخضع لاعتبارات الربح فقط».

ورأى أن برنامج الطروحات ووثيقة «ملكية الدولة» توضح للمستثمرين مدى التزام الدولة بخطى الإصلاح، وعدم رغبتها فى مزاحمة القطاع الخاص، كما أن البورصة المصرية متعطشة لتلك الطروحات منذ فترة طويلة، لأن الحكومة وعلى مدار ١٨ عامًا لم تجر أكثر من ٤ طروحات فقط، لكن كان تأثيرها قويًا للغاية.

وأوضح أن لنا فى طرح شركة «إى فاينانس» العبرة، لأنه جذب استثمارات ضخمة غالبيتها من الأجانب، وبعضها كان يدخل السوق المصرية للمرة الأولى، ولو عدنا بالزمن لفترة أطول سنتذكر طرح «المصرية للاتصالات»، الذى جذب أكثر من ٣٠٠ ألف مستثمر جديد، لذا فإن الطروحات عادة ما يكون لها تأثير إيجابى يزيد من عمق السوق، ويجذب مزيدًا من السيولة.